سألنى أحد أصدقائى المقربين: «جبت إيه لخطيبتك فى الفلانتين؟»، فسرحت فى السؤال ولم أستطع الإجابة إلا ب«لسة مش عارف». وقتها أيقنت أننى فى ورطة حقيقية، فلم يكن هذا «الفلانتين» فى حساباتى؛ فالجزء المخصص من المخ للتفكير فى ميزانية الشهر كان مشغولاً فى «النقاشة والسباكة للشقة» وقرب قدوم «عيد الأم» وما أدراك ما عيد الأم؟! «يعنى هدية للحاجة أمى وهدية للحاجة والدتها» (ربنا يبارك لنا فى صحتيهما).. وبعد بضع ثوان من التفكير، بدأ مفهوم «الورطة» يتسع أمامى لأن «حِجّة» أن «الفلانتين» بدعة وكل بدعة ضلالة لن تُجدى هذه المرة. وأجبت سؤال صديقى بآخر: «طب هو الفلانتين دا بيتجاب فيه إيه؟» فرد: «دباديب، ساعات، سلاسل، خواتم، برفانات، الحاجات الهايفة اللى بتحبها البنات دى، وكل واحد وظروفه». سمع حديثنا ثالثنا صديق السوء، فنصحنى: «بص.. إنت تفشكل معاها ومترجعلهاش إلا لما الفلانتين يعدى، وعيد الأم بالمرة، وتبقى خلصت من هديتين». فكرت فى كلامه بضع ثوان أخرى، وقررت ألا أستمع لنصيحته: «طب هدية أمى هاعمل فيها إيه.. هافشكل مع أمى هى كمان؟!». بالطبع «ضاقت واستحكمت حلقاتها»، إلى أن ألهمنى المولى فكرة «جهنمية» تشبه «الدعاية الرمادية»، وهى أن أكتب مقالاً لحبيبتى أهنئها فيه بعيد الحب، «وأبقى ضربت عصفورين بحجر واحد»، خرجت من «الورطة» وفعلت شيئاً رومانسياً يليق بالمناسبة تتفاخر به أمام صديقاتها. وأنا الآن أرى احمرار خديها، وهى تقرأ هذه السطور، وأشعر بما تشعر به من إحساس متناقض، سعادة وتوتر فى نفس اللحظة، ولسان حالها يقول: «هو رومانسى بس عيبه إنه بيشتغل صحفى»، فيا حبيبتى لقد قدّر الله لكِ أن شريك حياتك «شاب متكحرت»، لكن تذكرى أن كل هذه المساحة من الجريدة مخصصة لكِ، حاول بمساعدة «ولاد الحلال» الحصول عليها ليكتب فيها بعض كلمات تعبر عن حبه، فاحتفظى بهذه «القصاصة» وبروزيها فى برواز أحمر، وضعيها بجوارك على الوسادة أثناء نومك بدلاً من «الدبدوب»، فهى هديتى لكِ، و«النبى قِبِل الهدية»، والله يا سيدتى «لو كان الأمر بيدى لصنعت سنة لكِ وحدكِ»، خذى الجانب الإيجابى واتركى السلبى، ولا تتهمينى أننى إخوانى أو داعشى أو حتى «منوفى»؛ لأننى لم أحتفل -من وجهة نظرك- بالفلانتين ولم أشترِ «دبدوباً»، بل تأكدى أن كل يوم ستعيشينه فى كنفى سيكون «فلانتين» من نوع خاص. فعلاً أصولى من محافظة المنوفية، ولى الفخر والاعتزاز، لكن الأمر مختلف، فالمعروف عن «المنايفة» أن لديهم صفات «القيادة» ويحبون «التوفير»، ويلعبون على العاطفة لأن شعورهم مرهف «عشان كده أنا شايفك نور عنيّا، وبكره تشوفى بيتنا». ونصيحتى لكل المرتبطين والحبيبية والمقبلين على الزواج، وأخص فيهم زملاء مهنتى المتكحرتين، الذين تتأخر رواتبهم أو يُفصلون تعسفياً أو يعملون بنصف الأجر أملاً فى «التعيين»، هادوا حبيباتِكم كلماتٍ لا «دباديب»، مشاعرَ لا «برفانات»؛ فالكملة أغلى من المال وأبقى من «الورد»، وركزوا جهدكم وأموالكم فى تجهيز «عش الزوجية»، وصدقونى.. لا هديةَ أفضل من إنهاء العزوبية ثم الاستقرار؛ فالواقعية والعملية فى هذه الحالة هى قمة الرومانسية، ويا كل المتزوجين.. هادوا زوجاتِكم مشاعرَ ودباديب وبرفانات وكلمات وزهوراً فلا «حجة» لكم، تجنبوا الواقعية وعيشوا حياة المخطوبين، اجعلوا «الفلانتين» فرصة لتنشيط مشاعر الحب. ولا أنتظر هدية من حبيبتى هذا العام، فأنا مضطر لاستعارة عبارة والدتى «هديتى إنك تسمع كلامى وتريحنى».. وفى النهاية يا «زهرتى» «هابى فلانتين تو يو»، وإلى لقاء جديد فى عيد ميلادك إن شاء الله..