يواجه اتهاماً دائماً بالفشل الإدارى، يمضى غير عابئ بأقوال تُقال مستمراً فى منصبه. حين قامت ثورة يناير، قبع فى مكانه، محافظاً، يقاوم انتفاض الجنوب ضده، مؤكداً نظرية أن الثورة لم تصل إلى الصعيد بعد، مواجهاً مئات القضايا المرفوعة عليه، يغض بصره عن استغاثات قبائل العبابدة والبشارية والجعافرة والصعايدة وأهل النوبة منه، مدينة السمرة والنيل لا تقبل حاكماً عسكرياً عليها. إنه مصطفى السيد، محافظ أسوان، الذى تولى منصبه فى 17 أبريل 2008، وكان قبلها قد شغل منصب مساعد رئيس أركان حرب القوات المسلحة، وتولى العديد من المناصب القيادية، من بينها رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة، وقائد الجيش الثانى الميدانى، الأمر الذى وضع كثيراً من علامات الاستفهام حول استمراره فى منصبه. مصصفى السيد يستحق لقب محافظ الأزمات عن استحقاق، فما أن تقلد مهام منصبه، حتى طفت على السطح أزمته مع المهندس ممدوح حمزة، ثم تسبب فى أكثر من مشكلة بعدها، أكثرها شهرة تصريحاته حول كنيسة الماريناب، تلك التى كانت سبباً فى أحداث ماسبيرو، التى راح ضحيتها العشرات، وما زال جرحها نازفاً حتى اللحظة.. لا يهزه حدث، قاوم الإقالة، محافظ عنيد، يرفض التخلى عن كرسيه. عُرف عن السيد مقاومته للاعتصامات والإضرابات، واصل أزماته بتوزيع الأراضى للبعض وترك الآخرين، من نوبيين وجعافرة وعبابدة، حتى وصلت إلى حمل السلاح بين أبناء المحافظة الواحدة. وتردت الأوضاع فى قطاعات النظافة والصرف الصحى ومياه الشرب والغاز الطبيعى والإسكان والحكم المحلى، وتعطلت الاستثمارات، وتدنت الخدمات وانهارت البنية التحتية، خاصة فى شبكة الطرق والصرف الصحى، لكنه رفض الاعتراف بذلك بحجة الثورة المضادة، وتوقف التنمية. الفشل طال السيد فى كثير من الملفات التى فتحها، بداية من الملف النوبى، الذى يعد أخطر الملفات على مكتبه، أمن قومى نسى مراعاته، حتى مشروع النظافة نسى الاعتناء به، رغم كونه مشروعاً رئاسياً، مروراً بمشروع إسكان متضررى السيول، الذى بنى بمنطقة الأعقاب، ومشروع الإسكان المميز الذى دخل ساحات القضاء، والذى انحاز فيه المحافظ لشركات المقاولات على حساب الحاجزين، ناهيك عن تدمير البنية التحتية للمحافظة والتى انهارت تماماً، والملف الأمنى، والمخدرات التى تُباع فى وضح النهار، وتهريب السولار والبنزين إلى السوق السوداء، وانتشار بؤر البلطجة واللصوص وبائعى المخدرات فى الحدائق العامة. قرر مصطفى السيد أخيراً، بعد معارك لم يستمع فيها لصوت المعارضة، أن يوقف أزماته، ينحى نفسه جانباً، ليقدم استقالته، مريحاً عشرات المعتصمين الذين اعتصموا لليوم ال 41 على التوالى، حيث احتفلوا أمام مبنى المحافظة برحيله، منتظرين محافظاً مؤمناً بثورة الشعب، ومعتنقاً تقاليد المحافظة الجنوبية، بعد أعوام ممتدة من غياب الاهتمام من قبل المسئولين.