«العمليات الإرهابية لم تحصد الأرواح فقط، ولكنها أيضاً تحصد نفسية الناجين منها والقاطنين فى محيط تنفيذ تلك العمليات، ومن ثم يجب تأهيلهم نفسياً لكى يكونوا قادرين على مواصلة حياتهم»، هكذا يتحدث أحد أساتذة علم النفس الذين استطلعت «الوطن» آراءهم فى الآثار النفسية على أهالى العريش جراء العمليات الإرهابية التى تقع بالقرب من أماكن سكنهم. يقول أحمد زايد، أستاذ علم الاجتماع السياسى، إن العمليات الإرهابية «غالباً ما تؤدى إلى زعزعة الاستقرار وإلى إفشاء حالة من الفزع والخوف ليس فقط فى المنطقة التى تحدث فيها، ولكن فى مصر كلها»، ويضيف «زايد» أنه قد تقع نتائج عكسية «بخلق روح من الإصرار والتحدى لدى المواطنين، خاصة قبائل سيناء». ويواصل «زايد» قائلاً إن بعض الحالات النفسية قد تصيب سكان المناطق التى تُنفذ فيها تلك العمليات ومنها «الفزع الذى يصيب الأطفال، لذا يجب أن تتحرك الدولة لمعالجة مثل هذه الأمراض عن طريق فتح عيادات نفسية لكى تزول تلك الآثار النفسية». كما اتهم «زايد» الإعلام فى مصر ب«لعب دور سيئ فى تعزيز حالة الهلع والفزع لدى أهالى المناطق التى تتكرر فيها العمليات الإرهابية». وتقول الدكتورة سوسن فايد، أستاذ الاجتماع بالمركز القومى للبحوث، إن العمليات الإرهابية قد تؤثر على الأطفال والنساء «باعتبارهم الحلقة الأضعف فى التكوين الاجتماعى فى المجتمع، لكن الأمراض النفسية التى تصيب الأطفال والنساء تختلف من أسرة إلى أخرى، ويتوقف ذلك على شخصية رب الأسرة، فإذا كان الأب قوى الشخصية كان التأثير النفسى للعمليات الإرهابية على الأطفال والنساء خفيفاً، وإذا كان رب الأسرة ضعيفاً يبدو عليه الهلع والفزع انتقلت هذه الأعراض إلى الأطفال والنساء، خاصة الأطفال». وتقول «فايد» إن مشاهد الدماء والتفجيرات تترسخ فى أذهان الأطفال، «مما يزيد احتمالات الإصابة بأمراض نفسية كالفصام فى الشخصية أو يدفع للانتحار أو الإدمان»، وتضيف «فايد» أن «هذه الأمراض وأعراضها ليست مزمنة وإنما مؤقتة تزول بزوال الأسباب، وزوال خطر العمليات المسلحة التى تهدد هؤلاء، ولذلك على الدولة أن تتحرك لتلافى مثل هذه الأمراض قبل أن تتطور، وأن تعمل من خلال الإخصائيين الاجتماعيين ومراكز البحوث الاجتماعية والأسرة والمجتمع على تلافى الآثار النفسية على الأطفال». وتضيف أنه برغم إمكانية لجوء الدولة إلى حل إجلاء السكان من محلات سكنهم «فمن الواجب أن يصحب عمليات الإجلاء مزيد من البرامج الاجتماعية والنفسية التى تمهد لها وتذلل التبعات السلبية على الحالة النفسية والاجتماعية التى تصاحب عمليات الإجلاء فى العادة». وتقترح أستاذ علم الاجتماع السياسى إرسال وفد من الإعلاميين والمثقفين والمسئولين وعلماء الدين إلى أهالى سيناء وأهالى المناطق التى تشهد وقوع «عمليات إرهابية» وذلك بغرض «تقديم الدعم المعنوى والنفسى لهم»، بحسب «فايد»، التى تشير إلى أن الدول المتقدمة «تنظم برامج اجتماعية للتخفيف من الآثار النفسية للعمليات الإرهابية بعد وقوعها». وتوضح «فايد» أن التأثيرات النفسية على أهالى سيناء منخفضة وتكاد تكون مقتصرة فقط على الأطفال نظراً لطبيعة الشخصية البدوية السائدة فى سيناء «التى تتسم برفض الاستسلام أو الخنوع والتحدى والإصرار والاعتزاز بالكرامة، وإن كان ذلك لا يعنى انعدام تأثر سكان سيناء بآثار نفسية سيئة». وترى «فايد» أن العمليات الإرهابية «لا تحصد الأرواح فقط، ولكنها تحصد أيضاً نفسية الناجين منها الذين يجب تأهيلهم لكى يكونوا قادرين على مواصلة حياتهم، وأن العمليات الإرهابية خلقت حالة من العداء وعدم الرضا وعدم التسامح مع جماعات الإسلام السياسى».