رقة وجمال وملامح مصرية.. فراشة تتنقل بين البساتين بخفة ودلال.. يتنافس الفنانون لمشاركتها أدوار البطولة.. حب للسينما بدأ منذ نعومة أظافرها، وتبلور في تهافت المخرجين عليها.. أداؤها "الفاتن" وموهبتها المميزة أهلاها لتكون "سيدة الشاشة العربية". فاتن حمامة.. تلك الفتاة الصغيرة التي بدأ ولعها بعالم السينما منذ كان عمرها 6 سنوات، حينما أخذها والدها الموظف في وزارة التعليم إلى إحدى دور السينما لمشاهدة فيلم من بطولة الممثلة آسيا داغر، التي تأثرت بها فاتن عقب متابعة الفيلم. موهبة تفجَّرت برؤية فنانة عظيمة، وبداية كانت مع موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، خلال عام 1940، حينما فازت بمسابقة أجمل طفلة في مصر، وأرسل والدها صورتها إلى المخرج محمد كريم، الذي كان يبحث عن فتاة صغيرة للمشاركة مع عبدالوهاب في فيلم "يوم سعيد"، لتكون انطلاقة فنانة كبيرة فيما بعد. "موسيقار الأجيال" والمخرج محمد كريم كانا بمثابة تميمة الحظ لفاتن حمامة، حيث استدعياها عقب 4 سنوات من "يوم سعيد" لتقف مرة ثانية أمام "عبدالوهاب" في فيلم "رصاصة في القلب" عام 1944، ومع فيلمها الثالث "دنيا" عام 1946 استطاعت وضع مكانة لها في السينما المصرية، وانتقلت العائلة من الدقهلية إلى القاهرة؛ تشجيعًا منها للفنانة الناشئة، التي دخلت المعهد العالي للتمثيل عام 1946. حينما تظهر موهبة جديدة يسعى الكثيرون لتبنيها، وذلك ما حدث مع "فاتن" عندما طلب منها الفنان يوسف وهبي تمثيل دور ابنته في فيلم "ملاك الرحمة" عام 1946، لتنتقل الفنانة الشابة إلى مرحلة جديدة من حياتها الفنية، وليلتف حولها النقاد والمخرجون، تأهبًا لقدوم فنانة كبيرة. المخرج عز الدين ذو الفقار كان بداية مرحلة دخول الرجال في حياة فاتن حمامة، فهو أول حظها مع الزواج، وذلك أثناء تصوير فيلم "أبو زيد الهلالي" 1947، وأسسا معًا شركة إنتاج سينمائية، أنتجت فيلم "موعد مع الحياة"، الذي كان سببًا لحصولها على لقب سيدة الشاشة العربية، ولكن علاقتهما لم تدم طويلًا، حيث انفصلا عام 1954، واستنادا إليها في إحدى المقابلات الصحفية، فإن علاقتها بذو الفقار تدهورت لأنها اكتشفت أن علاقتها معه كانت علاقة تلميذة مبهورة بحب الفن وانجذبت لأستاذ يكبرها بأعوام عديدة. خرجت فاتن حمامة من مرحلة الانبهار بالأستاذ لتدخل مرحلة "الحب الكبير" مع الفنان عمر الشريف، وترجع قصة لقائها ب"الشريف"، والذي كان اسمه آنذاك ميشيل شلهوب، إلى اعتراضها على مشاركة شكري سرحان البطولة معها في فيلم يوسف شاهين "صراع في الوادي"، وقام شاهين بعرض الدور على صديقه وزميل دراسته عمر الشريف، حيث كان الشريف زميل دراسته بكلية فيكتوريا بالإسكندرية، وكان عمر الشريف في ذلك الوقت تخرج من الكلية ويعمل في شركات والده بتجارة الخشب، فوافقت على الممثل الشاب، وأثناء تصوير هذا الفيلم حدث الطلاق بينها وبين زوجها عز الدين ذو الفقار. كانت "سيدة القصر" مشهورة برفضها أي مشهد أو لقطة فيها قُبلة، ولكن سيناريو الفيلم "صراع في الوادي" كان يحتوي على قُبلة بين البطلين، ووسط دهشة الجميع وافقت على اللقطة، وبعد الفيلم أشهر عمر الشريف إسلامه وتزوجها، واستمر زواجهما حتى عام 1974، ولكن كثرة الشائعات والغيرة الشديدة على زوجها دفعاها إلى طلب الطلاق. رحلت "آمنة"، اليوم، الساعة الخامسة مساء، عن عمر ناهز 84 عامًا، في منزها بالتجمع الخامس بمنتجع القطامية، وذلك بعد هبوط مفاجئ في الدورة الدموية، لتترك لنا تاريخًا زاخرًا من الأعمال الفنية، بلغ أكثر من 94 فيلمًا، وصف بعضها ب"أعظم ما قدمته" السينما المصرية، بالإضافة إلى مسلسلي "ضمير أبلة حكمت"، عام 1991، و"وجه القمر" عام 2000.