يُجمع المتخصّصون على أن أشجار المنجروف التى تنمو فى بيئات ساحلية، لها قدرة أكبر على امتصاص ثانى أكسيد الكربون ومواجهة تغير المناخ، ويؤكد الدكتور مجدى بهنسى، الأستاذ المساعد بقسم بحوث الأشجار والغابات بمعهد بحوث البساتين، فى سمينار أجراه بقسم الأشجار الخشبية، أن المنجروف تخزّن المزيد من الكربون بشكل أفضل من غابات اليابسة، حيث تخزن الأشجار فى منطقة المحيطين الهندى والهادئ من 3 إلى 4 أضعاف الكربون، خاصة تحت الأرض، مقارنة بغابات المرتفعات الشمالية والمعتدلة والاستوائية. ويشير «بهنسى» إلى أن غابات المنجروف تعتبر أكثر النظم البيئية إنتاجية، ومعروفة بتراكم كتلتها الحيوية، خاصة تحت الأرض، كما تعتبر تربة المنجروف مستنقعاً كربونياً عالى الفاعلية، حيث تخزّن نحو 1000 طن من الكربون لكل هكتار فى الكتلة الحيوية للنبات والتربة الكامنة، ناهيك عما تقدمه من خدمات بيئية كثيرة ومهمة فى مواجهة التغيرات المناخية، ومن بينها الحفاظ على التنوع البيولوجى، ومواجهة تأثيرات ارتفاع مستويات سطح البحر وتآكل السواحل. ومن أهم ما يمكن عمله «الحفاظ على غابات المنجروف» باعتبار كل المساحة التى يشغلها محميات طبيعية. وتشير التقديرات إلى أن 11.1 مليار دولار ستكون ضرورية على مدى العشرين عاماً القادمة، لاستعادة غابات المنجروف فى جميع أنحاء العالم، خصوصاً فى مصر. غابات المنجروف تنتشر على سواحل البحار، وتختزن ثانى أكسيد الكربون بمعدل 3 أضعاف الغابات على اليابسة تحمى الشواطئ من التآكل وتحافظ على تنوع البيئة الساحلية ومصدر لتفريخ الأسماك والكائنات البحرية تقلل طاقة الأمواج والعواصف البحرية الشديدة وتأثيرات ارتفاع مستوى سطح البحر ينصح الخبراء بالحفاظ عليها واعتبار كل المساحة التى تشغلها محميات طبيعية ثروة قومية في محميات جنوبسيناء.. ويحقق التوازن البيئي ويحمي الكائنات البحرية على مساحة 480 كيلومتراً مربعاً تمتد محمية رأس محمد، وهى واحدة من المحميات الخمس، التى تتميز بها محافظة جنوبسيناء، وتستقبل سنوياً نحو مليونى سائح من مختلف الجنسيات، أما أكثر ما يميز محميتى رأس محمد ونبق، فهى أشجار المنجروف التى تعتبر ثروة قومية. وأكد الدكتور وليد حسن، مدير محميات سيناء، أن أشجار المنجروف بسيناء تساعد فى الحفاظ على المناخ والتوازن البيئى، وهى أكثر انتشاراً فى محمية نبق. وأضاف أن المنجروف من النباتات التى تنمو فى منطقة خط الاستواء، فهى أشجار استوائية وشبه استوائية، وتنتشر فى منطقة البحر الأحمر وتعيش فى البيئات الساحلية، ولها قدرة كبيرة على التكيّف مع المياه المالحة فى البحر الأحمر وخليج العقبة. وتابع قائلاً إن زراعتها تصلح فى المناطق المالحة ذات التربة التى تقل فيها نسبة الأكسجين أو تنعدم، حيث تتميز أشجار المنجروف بأن لديها جذوراً تنفسية، إضافة إلى أن زراعة هذه النباتات تصلح فى التربة الرملية أو الطينية، لذا تسعى الدولة للتوسع فى زراعة أشجار المنجروف بمختلف أنواعها، فى ظل استضافة مصر قمة المناخ «COP27». وأكد مدير «محميات سيناء» أن غابات المنجروف فى محميتى رأس محمد ونبق بشرم الشيخ لها دلالة كبيرة على أن هذه النباتات يمكنها أن تنمو فى مناطق شبه استوائية، مشيراً إلى أن المنجروف عنصر مهم من عناصر البيئة الطبيعية فى الحفاظ على المحميات بكل ما تحويه من تنوع بيولوجى ونباتى وحيوانى، حيث يوجد لها دور فى النظام البيئى البحرى، مثل حماية الشواطئ من التآكل، والحفاظ على الأسماك النادرة، لأنها بمثابة حضانة طبيعية للأسماك الصغيرة، إلى جانب أنها مأوى لعدد من الطيور المهاجرة خلال الرحلة، مثل اللقلق الأبيض. ويقول الدكتور محمد سالم، رئيس قطاع حماية الطبيعة، ل«الوطن»، إن شجر المنجروف أشهر ما يميز محمية رأس محمد، وتشتهر هذه الأشجار بقدرتها على امتصاص الملح، ويظهر الملح على أوراقها الخضراء، ويمكن رؤيته وتحسّسه من خلال ملامسة الأوراق، فضلاً عن أنها تنمو فى 4 مناطق بالعالم فقط. الأشجار في قلب البحر الأحمر.. إبهار للسائحين وتنقية للمياه في مرسى علم ليست شجرة عادية، فعمرها 250 سنة وتحمل ميزات فريدة للبقاء حية فى قلب البحر وسط المياه المالحة، بفضل قدرتها العجيبة على التكيف، حيث تقوم بعملية فلترة المياه المالحة، وتستخرج منها المياه العذبة وتطرد الملح من خلال أوراقها المثمرة، ويأتى الزوار إليها كونها أهم وأشهر مزار سياحى ومصدر رزق لقبائل العبابدة من سكان محمية وادى الجمال على شواطئ القلعان جنوب مدينة مرسى علم بمحافظة البحر الأحمر. تلعب أشجار المنجروف جنوب مرسى علم بمحافظة البحر الأحمر دوراً كبيراً فى الحفاظ على التوازن البيئى وتقليل الانبعاثات الكربونية. وأشار الدكتور تامر كمال، مدير المحميات الطبيعية بالبحر الأحمر، ل«الوطن»، إلى أن دوريات من مسئولى المحميات تتابع محمية وادى الجمال بصفة يومية. ويضيف أن محمية وادى الجمال جنوب مرسى علم، واحدة من أفضل المحميات الطبيعية بالبحر الأحمر، ولديها قدرة كبيرة على التكيّف مع المياه المالحة، فهى تستخرج المياه العذبة من مياه البحر المحيطة بها، حيث تستطيع تصفية ما يصل إلى 90% من الملح الموجود فى مياه البحر أثناء دخوله إلى جذورها، وبعدها تفرز الملح من خلال الغُدد فى أوراقها، وعندما تسقط الأوراق يذهب الملح المخزن. ويضيف «كمال»، فى حديثه ل«الوطن»، أن أشجار المنجروف توفر موارد رزق لسكان المنطقة، فعند انخفاض المد يمكن جمع المحار، وعند ارتفاعه تتحرّك الأسماك لتتغذّى على عوالق جذور المنجروف، وتُحول أرض المستنقع إلى مناطق صيد غنية بالأسماك. يقول بشار أبوطالب، نقيب المرشدين السياحيين بالبحر الأحمر، إن أشجار المنجروف الشهيرة توجد بكميات كبيرة فى محمية القلعان جنوب مرسى علم بنحو 90 كيلومتراً ويلقبونها «مالديف مصر»، حيث تضم شواطئ هى الأجمل فى العالم. ويضيف «بشار» فى تصريحات ل«الوطن» أن محمية وادى الجمال اعتمدت كمحمية طبيعية عام 2003 وتضم أشجار المنجروف القائمة وسط مياه البحر وتفلتر المياه المالحة وتشرب العذب وتطرد الأملاح، وهى واحدة من الثروات البحرية التى تسهم فى الحد من الانبعاثات الحرارية والحفاظ على التنوع البيولوجى.