أعرب المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة عن بالغ رفضه وقلقه بشأن ما ورد بمسودة الدستور المصري الأخيرة، لاسيما المواد ذات الصلة بالصلاحيات الموسعة لرئيس الجمهورية في تعيين أعضاء ورئيس المحكمة الدستورية العليا، والعصف بدور الجمعية العمومية للمحكمة في اختيار رئيس المحكمة، الأمر الذي يمثل تدخلا غير لائقا وتغولا من السلطة التنفيذية وإخلالا باستقلال المحكمة الدستورية العليا. وقال ناصر أمين، رئيس المركز العربي، أن ما يزيد القلق هو المادتين 183 و 184، حيث أن مسودة الدستور تعصف بالآلية القضائية المنوط بها حماية الدستور ذاته، وتقلص اختصاصاتها وتحجم دورها في حماية الدستور ومراقبة اتفاق التشريعات لنصوص وأحكام وقيم ومفاهيم الدستور. وأعرب أمين عن دهشته ورفضه لما تفصح عنه المادة 184، التى تحصن القوانين الانتخابية من الرقابة اللاحقة على دستوريتها، في سابقة تعيد الى الأذهان نص المادة 76 من دستور 1971 سيئة السمعة، التى حصنت قرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية من الطعن عليها، وتعطي لرئيس الجمهورية سلطة تقديرية في إحالة القوانين ذات الصلة بالانتخابات البرلمانية أو المحلية للمحكمة الدستورية العليا لتمارس بشأنها رقابة سابقة، الأمر الذي لا يخل إخلالا جسيما بدور المحكمة الدستورية في الرقابة الدستورية على القوانين فحسب، بل يخل بمبادئ المساواة وتكافؤ الفرص. وأضاف المركز، في بيان له، أنه متخوف من أن يكون ثمة توجه للعصف بالمحكمة الدستورية العليا، ومحاولات لتحجيم دورها، سيما أن مسودة الدستور تنص على أن المحكمة الدستورية "جهة قضائية " مستبدلة نص دستور 1971 الذي كان ينص على أن المحكمة الدستورية هيئة قضائية مستقلة. ويرى المركز أن الجمعية التأسيسية، حين تعرضها لصياغة المواد والأحكام ذات الصلة بالسلطة القضائية عموما، وبالمحكمة الدستورية العليا خصوصا، لم تولى المبادئ والمعايير والمواثيق الدولية ذات الصلة باستقلال القضاء أي اعتبار ، فجاءت صياغة المواد والأحكام المنظمة للسلطة القضائية فارغة من الضوابط والمعايير الضامنة والحامية لاستقلال القضاء. ويشير المركز إلى أن مسودة الدستور ذات الصلة بالمحكمة الدستورية العليا ، جاءت في صياغتها وأحكامها صادمة و عاصفة بوجود وحدود دور المحكمة الدستورية العليا، ولم تكن متوقعة، سيما بعد ثورة يناير التى تسعى لاستقلال حقيقي للسلطة القضائية، وأن كل المطالبات قبل الثورة كانت تطالب باختصاص الجمعية العمومية للمحكمة في تعيين رئيسها الى جانب اختصاصها المقرر بتعيين الأعضاء، فإذا بالمسودة تأتى خلاف ذلك وتضيف لرئيس الجمهورية جانب اختصاصه بتعيين رئيس المحكمة سلطة تعيين أعضاء المحكمة. وناشد المركز الجمعية التأسيسية بإعادة صياغة وأحكام هذه المواد لترسخ لاستقلال المحكمة الدستورية العليا، وتحافظ على اختصاصها وتمكن الجمعية العمومية للمحكمة سلطة تعيين رئيس وأعضاء المحكمة.