مصادر توصف ب«المطلعة» ذكرت أن المستشار هشام بركات، النائب العام، قرر إسقاط عقوبة السجن 7 سنوات الصادرة ضد رجل الأعمال الهارب ممدوح إسماعيل، مالك عبّارة «السلام 98»، التى راح ضحيتها 1033 شخصاً، بعد تلقى طلب من محاميه بإسقاط الحكم عنه، وذلك لمضىّ المدة القانونية للطعن عليه. كل عام وأنتم بخير، مات من مات، وقُبر من قُبر فى بطون أسماك القرش بالبحر الأحمر، دون أن يعاقب أحد! سوف تقول لى إنه حدث متكرر، فمنذ متى كان يعاقب مسئول عن قتل المصريين ردماً أو هدماً أو غرقاً أو حرقاً أو بطشاً؟! وسوف أرد عليك قائلاً: نعم، عندك حق، لكن هل تدرى لماذا؟.. تعالَ نفكر فى إجابة! فى تقديرى أن السر فى ذلك يرتبط بأن السلطة لا تصلح كمرجعية محاكمة لمن ينتمون إلى السلطة! ممدوح إسماعيل رجل أعمال ويشكل جزءاً من السلطة، وأقصد بالسلطة هنا أنظمة الحكم فى كل العصور، البائدة والمعيشة. إنه رجل أعمال فى زمن ارتبطت فيه السلطة بالثروة، وزُفَّ فيه المال إلى السياسة فى زيجة كاثوليكية لا تنفصم عراها، مهما تقلبت علينا أنظمة وتباينت مراكز ورموز حكم. ليس من المنطقى أن تحاكم السلطة بعضها بعضاً، كما أنه من غير المنطقى أن يحاكم أب ابنه، أو ابن أباه، فالحكم، فى كل الأحوال، ومهما زعمنا الحيدة والموضوعية، سوف يأتى مجروحاً، وسوف تكون نتيجته تجريح مشاعر أهالى الضحايا ممن يستعر شوقهم إلى العدل دون أن يجدوه فى القرية الظالمة إياها. عندما صدر الحكم على ممدوح إسماعيل عام 2009 بالحبس 7 سنوات صرخ عدد من أهالى شهداء العبارة احتجاجاً، تجددت أحزانهم على أبنائهم الذين أكلتهم السلطة مقابل سبعة أعوام فقط سجناً لرجل الأعمال (الهارب أصلاً بمعرفة السلطة ذاتها)، الآن السلطة تأكل بالمجان، فقد سقطت تلك السنوات السبع. كان من الضرورى أن يفهم الأهالى الرسالة التى بعث بها «المخلوع» راعى سلطة المال والسياسة، حين كان يجلس منهمكاً فى حديث مع أحدهم عن العبارات، وإذا به يقول لمحدثه ضاحكاً: «عبّارة م اللى بيغرقوا دول؟!»، ليقهقه من حوله. الرسالة كانت واضحة، وملخصها: «أبناؤكم راحو بلا ثمن»، بل وأصبحوا مادة للضحك والسخرية. ما أبشع أن يتحول الموت إلى نكتة. لا تتوقع العدل حين تحاكم السلطة نفسها، فالسلطة لا تأكل بنيها، إنها تأكل شعبها فقط، تأكله وتمضغه وتهضمه وتخرجه فى كل حدب وصوب. السلطة تعرف كيف تحمى نفسها وتصون مكاسبها وتفر من أخطائها، وتفلت من جرائمها. من السخف ألا نكون قد فهمنا هذا الدرس بعد، رغم أن رموزها تلقنه لنا ليلاً ونهاراً، وسراً وجهاراً. واستمرار البعض على انتظار العدل من السلطة لا يعدو أن يكون نوعاً من التغفيل، والقانون لا يحمى المغفلين.. قد يقولون لك إنه القانون الذى أسقط العقوبة عن ممدوح إسماعيل.. قل لهم: «من يملك القانون فى أوطاننا يملك حق عزفه».. انتظروا عدل الله فى الآخرة. مرة أخرى.. كل عام وأنتم بخير!