سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الجماعة الإسلامية.. المراجعات والثورة تغسل الثوب «الملطخ بالدم» بدأت فى السبعينات باكتساح اتحادات الطلاب فى الجامعات.. وتطورت إلى الحلم الأكبر «دولة السيفين والمصحف تحت حكم الأمير»
الجماعة الإسلامية.. حكاية ممتدة لأكثر من 40 سنة، بدأت من جامعة أسيوط فى وسط الصعيد، وانتقلت من فكرة إقامة جماعة دينية دعوية إلى بركان عنف واغتيال رئيس، ومن نجاح أعضائها فى اتحادات طلاب الجامعات إلى سجون النظام، ومن فكرة بطلان القوانين الوضعية التى آمن بها أعضاء الجماعة، إلى حلم الإمارة الإسلامية فى أسيوط. كانت كل طرق الجماعة فى السنوات العشر الأولى، تؤدى إلى طريق واحد وهو «السجن» الذى استقر فيه أعضاؤها عشرات السنوات، لم تفلح خلالها عدة مبادرات للتخلى عن العنف فى إطلاق سراح أعضاء الجماعة بشكل كامل، حتى جاءت ثورة 25 يناير لتفتح أبواب السجون لأعضاء الجماعة، وتكوين حزب سياسى يدخل أعضاؤه البرلمان. نشأت الجماعة الإسلامية فى السبعينات كدعوة دينية بالجامعات المصرية، دون إطار تنظيمى محدد أو ملامح فكرية وفقهية واضحة، وبمرور الوقت تغلغت الدعوة الجديدة فى الشريان الطلابى حتى اكتسحت فى العام 1977 مقاعد الاتحادات الطلابية فى 8 جامعات من أصل 12، كما فاز أعضاؤها فى الجامعات الأربع الأخرى بنصف المقاعد. كانت هذه نقطة محورية فى تاريخ الجماعة الناشئة، إذ شكلت بعدها مجلس شورى، تولى مسئولية وضع هدف استراتيجى يتمثل فى إسقاط الحكم المدنى، الذى يستند إلى دستور وقوانين وضعية -حكم الطاغوت كما يصفون- وإقامة الدولة الإسلامية تحت حكم الأمير. وتركزت قوة الجماعة الرئيسية فى الصعيد، وخاصة أسيوطوالمنيا، وتضاءلت قوتها ونفوذها بعد صدامها المباشر مع المجتمع ورأس السلطة عام 1981 وما تلا ذلك، ما أدى إلى رحيل عديد من الأعضاء الرافضين لهذا التصعيد الخطير إلى جماعات دينية أخرى، بعيدة عن استخدام العنف، أبرزها جماعة الإخوان المسلمين. وكان أكتوبر 1981 نقطة محورية أخرى مهمة فى تاريخ الجماعة، لتضع خطة اغتيال الرئيس والسيطرة على الإذاعة والتليفزيون ووزارة الداخلية والعديد من النقاط الأمنية فى أكثر من محافظة لإعلان دولة «السيفين والمصحف»، ونجحت الخطوة الأولى من المخطط الذى أعده عبود الزمر، دون نجاح باقى الخطوات ليدخل قيادات الجماعة إلى غياهب السجون. فى عام 1988 كانت المبادرة الأولى بوساطة شخصية، من الشيخ محمد متولى الشعراوى، محاولاً إجراء حوار بين أجهزة الأمن والجماعة الإسلامية وباءت المحاولة بالفشل. وبعد هذا التاريخ بنحو 5 أعوام انطلقت مبادرة جديدة تسعى لإنهاء الصراع بين السلطة والجماعة من خلال لجنة حكماء ضمت مجموعة من رجال الدين والفكر، أبرزهم: «الشيخ الشعراوى، الشيخ محمد الغزالى، الإعلامى أحمد فراج، والكاتب فهمى هويدى، وكان متحدثاً باسم اللجنة»، واستمرت مفاوضات الصلح حتى جاء 5 يوليو 1997 عندما وقف الشاب محمد أمين عبد العليم، المحكوم عليه ب15 سنة فى قضية تنظيم السويس، فى قاعة المحكمة يتلو بياناً يؤكد فيه وقف العمليات العسكرية للجماعة الإسلامية دون قيد أو شرط، ونسب البيان لستة من قادة الجماعة خلف الأسوار: «كرم زهدى، ناجح إبراهيم، عبود الزمر، فؤاد الدوليبى، حمدى عبد الرحمن، وعلى الشريف». من أبرز قيادات الجماعة، عصام دربالة الذى يوصف ب«أمير الأمراء»، وكنيته أبو عبد الله. ولد فى عام 1957 بمدينة المنيا وحصل على ليسانس الآداب فى اللغة العربية والتاريخ والحقوق، ودكتوراه فى القانون، ويعمل محامياً. دربالة أحد المشاركين فى التخطيط لاغتيال السادات، على الرغم من رفضه تلك الخطوة، وشارك فى أحداث أسيوط بعد عملية الاغتيال بيومين، وحكم عليه بالسجن 25 سنة، وكان من أوائل المؤيدين لمبادرة وقف العنف فى التسعينات. وهو صاحب فكرة تطوير الجماعة، وإعادة هيكلتها. القيادى الثانى هو الشيخ أسامة حافظ، صهر بن لادن الذى يوصف ب«فقيه الجماعة»، وهو نائب أميرها ومعروف ب«أبو العباس». من مواليد المنيا عام 1954، يعمل مهندساً بشركة المياه ويحظى بحب وتقدير لدى أبناء الجماعة. شارك حافظ فى التخطيط لاغتيال السادات وهو الذى أحضر لخالد الإسلامبولى ومجموعته الرصاصات الخارقة للواقى الصدرى. ويعد ناجح إبراهيم، مُنظر الجماعة الأول ومهندس مبادرة وقف العنف وألّف فى ذلك أكثر من 20 كتاباً. أمضى 24 سنة خلف القضبان على خلفية اغتيال السادات حتى إطلاق سراحه فى نوفمبر 2005. عاصم عبد الماجد، قائد أحداث أسيوط، وكنيته «أبوسهل». ولد عام 1958 فى المنيا، وسط أسرة ناصرية، وكان والده أمين مساعد لجنة التثقيف فى الاتحاد الاشتراكى فى المنيا. احتك بالتيار الشيوعى والناصرى والإسلامى فى الجامعة، وتأثر بكتابات الدكتور عيسى عبده فى الاقتصاد الإسلامى، وبدأت ميوله تتجه ناحية التيار الإسلامى، وفى عام 1978 انضم إلى الجماعة. يوصف صلاح هاشم بأنه المؤسس الحقيقى للجماعة، ففى عام 1972 كانت تسمى ب«الجماعة الدينية». وكان هاشم يتبنى فى ذلك الوقت، فكرة إقامة معسكرات إسلامية فى الإجازات الصيفية بمسجد عمر مكرم فى جامعة أسيوط. وفى معسكر صيف 1975 تغير اسم الجماعة الدينية إلى «الجماعة الإسلامية» نسبة ل«الجماعة الإسلامية بالهند وباكستان»، ثم انضم إليها أغلب قاداتها الحاليين وأخذت تتغلغل وتزداد قوة بعد هذا التاريخ. عبود الزمر، ضابط المخابرات الذى تنسب إليه خطة اغتيال السادات، هو الاسم الأشهر بين صفوف الجماعة. من مواليد 1947 فى قرية ناهيا بمحافظة الجيزة، التحق بالكلية الحربية وتخرج عقب النكسة مباشرة ضمن الدفعة رقم 51. انضم إلى المخابرات الحربية برتبة ملازم أول وشارك فى حربى الاستنزاف وأكتوبر 73. طارق الزمر، استاذ القانون الدستورى، أحد الأسماء اللامعة فى تاريخ الجماعة الإسلامية. ورغم انتهاء مدة عقوبته فى 2001 على خلفية «حادث المنصة»، فإن الأجهزة الأمنية رفضت الإفراج عنه، حتى جاءت ثورة يناير لتطلق سراحه. انتماء طارق الزمر للجماعة الإسلامية، لم يمنعه من الحصول على دكتوراه فى القانون الدستورى، بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى وهو داخل السجن. وكان كرم زهدى الزعيم الفعلى للجماعة الذى أكسبها زخماً وقوة فى أواخر السبعينات. من مواليد 1953 بقرية بندر فى المنيا. وأخيراً صفوت عبد الغنى، قضى فى السجن 20 سنة، لعب دوراً فى مبادرة وقف العنف. وكان بمثابة همزة الوصل بين قادة الجماعة وأعضائها. والتنمية المنبثق عن الجماعة الإسلامية. خلع الحاكم الكافر المبدِّل لشرع الله، وإقامة الدولة الإسلامية، وتنصيب أمير للمؤمنين.. كانت هذه أهم الأفكار، التى آمنت بها الجماعة فى أواخر السبعينات، وأباحت فى ذلك أو الجهاد فى سبيل الله، كما أفتى فقهاؤها حين ذاك. وبعد أعوام طويلة من المعتقلات والسجون، بدأت الجماعة الإسلامية تتراجع عن هذه الأفكار، حتى جاءت مبادرة وقف العنف فى مايو 97، ثم المراجعات التى كتبها قادة الجماعة الإسلامية، وتم نشرها ضمن سلسلة بعنوان «تصحيح المفاهيم». وتتخذ الجماعة الإسلامية الآن عقب ثورة 25 يناير، منهاجاً سلمياً فى نشاطها الدعوى، وترفع الآية القرآنية كشعار لها: «أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه»، وتعمل فى إطار الدستور والقوانين التى جاهدوا ضدها فيما قبل، وأسسوا حزباً سياسياً باسم «البناء والتنمية» حصل على 13 مقعداً فى البرلمان.