أكد سفير باكستانبالولاياتالمتحدةالأمريكية، زلماي خليل زاد، أن النُظم الفيدرالية والكونفدرالية، التي وضعتها الولاياتالمتحدةالأمريكية لحل أزمات بعض الدول العربية، دفع فواتيرها أكراد بالعراق من عائدات النفط التي تنتجه بلادهم، بعدما قبلت الحكومة العراقية طرحهم للكونفدرالية، ودحض ادعاء قاسم سليماني رئيس "فيلق القدس" بالحرس الثوري الإيراني. ويعد زلماي خليل زاد، الدبلوماسي الأمريكي والسفير الدائم للولايات المتحدة، أحد أهم أركان اليمين المتطرف بالإدارة الأمريكية، والمشارك الرئيسي بوضع خطط واستراتيجية الحرب على العراق واحتلاله. خولت لزاد عدد من المهمات، وكان سفيرًا للولايات المتحدة الأميركية لدى أفغانستانوالعراق، أثناء الفترات الحساسة والصاخبة التي كانت تعيشها الدولتان أثناء الوجود العسكري الأمريكي فيهما، لكن دوره تقلص في الفترة الحالية، وحاورته صحيفة "الشرق الأوسط"، وإلى نص الحوار: - يشعر الأكراد بأن العالم لم يساعدهم خصوصًا في كوباني، وتركيا لا تساعدهم، وهناك مشكلات بين الأكراد أنفسهم، كيف ترى حل المشكلات الكردية؟ أعتقد أن الأكراد ارتاحوا عندما تدخلت الولاياتالمتحدةالأمريكية في الوقت المناسب لحماية أربيل، وأيضا ساعدتهم بعض الدول المجاورة. - تقصد إيران؟ إيران ودولًا أخرى، كانت أربيل مهددة، "داعش" لديه أسلحة تتفوق على أسلحة "البيشمركة"، ومثل هذه الأزمات قد تفتح العيون على مشكلات أخرى، بعد أن هددت بغداد وكردستان، وفتحت الباب أمام تغيير الحكومة، ويدرس الطرفان احتمال التوصل إلى تفاهم واستيعاب متبادل، وهناك بعض الخطوات الإيجابية، سنرى ما إذا كانت ستؤدي إلى اتفاق دائم بين الأكراد، يتطلعون إلى علاقة بينهم وبين بغداد تكون أقرب إلى الحكم الكونفدرالي، إنما كل طرف يدير شؤونه الخاصة، يسهل التوصل إلى هذا إذا نجح الاتفاق حول النفط، وإذا استطاعت كردستان أن تنتج ما يكفي من النفط بحيث تدفع ميزانيتها، عندها تصبح العلاقة بين الطرفين أكثر براجماتية. - هل تعتقد أن الأكراد يمكن أن يملأوا خزينتهم من نفطهم؟ حسب السرعة التي يسيرون بها هذا مؤكد، يمكنهم إنتاج 600 إلى 700 ألف برميل يوميًا خلال عام، وعندها سيكونون قادرين على دفع فواتيرهم، وبالتالي تصبح بغداد أسهل وليست سهلة. - كيف ترى مطالباتهم بالاستقلال بعد اكتفائهم النفطي؟ كلنا يعرف أن الأكراد يشعرون بأن لديهم حق تقرير المصير، وقالوا إنهم يريدون البقاء جزءًا من العراق في إطار حكم كونفدرالي، وإذا توقفت بغداد عن دفع فواتير كردستان، فقد توافق على مثل هذا الترتيب الكونفيدرالي، لكن طالما أن كردستان معتمدة على أموال بغداد، فمن الصعب أن تقبل الأخيرة. - قال قاسم سليماني أخيرًا، إنه لولا إيران لسقطت أربيل بين أيدي "داعش".. ما تعليقك؟ - لا أتفق مع هذا إطلاقًَا، أولًا مسألة ما إذا كانت أربيل على وشك السقوط، سمعت عدة تحليلات من مقيمين في أربيل عن أن الوضع كان ولا يزال طبيعيًا، ثانيًا إذا كنا سنضع بالترتيب المبادرة الحاسمة لحماية أربيل، فإن الغارات الجوية كانت الحاسمة، الأكراد قالوا إن الإيرانيين ساعدوا وغيرهم ساعد، لكن لا أضع المساعدة الإيرانية في خانة الحسم كما وصف قاسم سليماني. - لكن الأكراد سربوا أنهم طلبوا أولًا المساعدة من تركيا، وعندما رفضت لجأوا إلى إيران وأميركا، ماذا حدث؟ لا أعرف هذا، لم يقولوا هذا لي، إنما بالنسبة إلى أمريكا، فإن الأكراد قدروا الدور الأمريكي، واعترفوا بالمساعدة الإيرانية، لكنهم قالوا إن دولًا أخرى أيضا ساعدتهم، وكذلك بغداد ساعدت. - يدور الحديث حاليًا بقيام بغداد بتشكيل قوات "حرس وطني" بسبب وجود ميليشيات شيعية، ألا يعني هذا أولًا أن لا ثقة بالجيش العراقي الموعود، ثانيًا، إذا لم يشعر السنة بالاطمئنان ألن تكون قوات "الحرس الوطني" هي نواة جيش جديد لدولة سنية في العراق؟ هذه قضية معقدة، من جهة يمكن أن يكون عندك قوات حرس على نسق الشرطة، أو الحرس الوطني في أمريكا، تساهم كل منطقة فيها، ويكون عندك جيش وطني يثق به الجميع، وتكون هناك مهمات مختلفة لكل هؤلاء، وعندها يمكن مثلًا للمناطق ذات الكثافة الشيعية، أن يكون لها حرسها الخاص، وهذا ينسحب أيضًا على المناطق السنية والكردية "البيشمركة" فتتعاطى مع المسائل الصغيرة، إنما عندما يكون التهديد خارجيًا عندها يتدخل الجيش، هذا يعني أن كل الأطراف تثق بالجيش، وأن النظام السياسي الذي يخدمه الجيش هو الآخر مقبول من كل الأطراف. يأتي الخطر إذا كان الجيش غير موثوق به، والنظام لا تثق به كل الأطراف، فإن هذه القوات قد تبدأ بمواجهة بعضها البعض، ميليشيا هنا، وحرس هناك، وصراع في الوسط، يجب ألا تكون القوات قابلة لمقاتلة بعضها لبعض إذا كان هناك اتفاقًا سياسيًا حول شكل البلاد، مع جيش وشرطة موثوق بهما. الآن الجيش ضعيف، لذلك تضاعف دور الميليشيات، وهذه مذهبية، لأنها كلها ميليشيات شيعية مثل "البدر" و"عصائب أهل الحق"، من هنا الحديث عن تقوية "البيشمركة" وإنشاء الحرس الوطني. - البعض يقول إن الأمريكيين وراء فكرة الحرس الوطني، هل سينافس "داعش" لجهة جذب المجندين؟ ربما، أنا اعتقدت أن الفكرة كانت في طريقه لإلحاق الهزيمة ب"داعش" في المناطق التي يوجد فيها وأغلبها سنية، نحتاج إلى عدة أشياء، أولًا حكومة يشارك فيها السنة ويثقون بها، ثانيًا نحتاج أيضًا إلى قوة من السنة للمواجهة أو للانشقاق عن "داعش"، وبالتالي فإن الحل الأخير لمشكلة "داعش" هو إذا شعر السنة بأن هناك حكومة شرعية يشاركون فيها، عندها يمكن للسنة أن يحلوا بشكل أفضل مشكلة "داعش"، لأنه إذا قاد الشيعة القتال ضد "داعش"، عندها سيصبح من الصعب على السنة الحياد في مقاتلة "داعش"، لذلك هناك الحاجة إلى تسوية سياسية وحكومة يثق بها الجميع، وقوات محلية تقاتل أو تنشق عن "داعش". - ألا تعتقد أن سخط السنة في العراق أفاد "داعش"؟ بكل تأكيد، وسخط السنة في سوريا أفاد "داعش"، للأسف فإن الانقسام الطائفي تم تسييسه في السنوات الأخيرة في سوريا، حيث الحكومة "العلوية" تقاتل السنة، ووقعت كوارث على المدنيين أدت إلى ظروف متطرفة، فكانت الآيديولوجيا المتطرفة النتيجة الطبيعية، وكذلك رأينا هذا في العراق، فبعد فترة من تعاون السنة مع العملية السياسية، ومع الأميركيين في الأعوام من 2006 إلى 2008 عاد الانقسام بسبب أحداث سوريا، وأيضًا في العراق، بعد إضعاف تنظيم القاعدة عام 2006 إثر مقتل أبومصعب الزرقاوي، فعاد وبرز تحت اسم جديد، فرأينا هذا الانقسام بين السنة والشيعة، لذلك من الضروري وجود حكومة يشارك فيها الجميع، لا يهم إذا كان النظام فيدراليًا مع حكومة مركزية؛ لأنه إذا تم إضعاف "داعش" ستبرز مجموعة متطرفة أخرى، من هنا الحاجة إلى تسوية سياسية تمتلكها كل الفئات، وهناك حاجة أيضًا إلى تسوية إقليمية، لأن هناك انقسامًا حيث إن إيران تدعم بعض المجموعات، ويدعم العرب مجموعات أخرى، وكذلك تفعل تركيا، كل هذا أوجد مناخًا من الانقسام والصراع والتوتر، يجب على السنة والشيعة أن يقبل بعضهم البعض، ويحترموا حقوق بعضهم، نحتاج إلى تسوية إقليمية شبيهة بالتي عاشتها أوروبا، حيث كان الألمان والبريطانيون والفرنسيون يقاتل بعضهم البعض خلال حربين عالميتين. وهنا يضحى السؤال.. متى تستطيع منطقة الشرق الأوسط أن تحقق تقدمًا في هذا المجال؟ هذا هو السؤال الكبير الذي يواجهها. - هل تعتقد أن المنطقة بحاجة إلى حرب إقليمية؟ - آمل أن لا تكون، وإن كان البعض أكثر تشاؤمًا، يقولون لا بد أن تقع بعض المصائب قبل أن يجلس اللاعبون الإقليميون، كما بعد الحرب العالمية الثانية، أتمنى ألا تقع الحرب في المنطقة، ويتعلم الناس من الآخرين، بدل أن يكرروا أخطاء الآخرين، وهذا يتطلب توافقًا متبادلًا وبعض قواعد اللعبة بين المجموعات، أعرف أن الكثيرين في العالم العربي يرفضون الفيدرالية أو الكونفدرالية، إنما لفترة من أجل بناء جسور الثقة، ومن أجل الوصول إلى تقاسم السلطة، الكل يحتاج إلى تقاسم السلطة المركزية، مثلًا في العراق الأكراد يريدون أكثر من تقاسم السلطة المركزية، يريدون تسيير شؤونهم الداخلية، أيضًا على دول المنطقة أن تبحث عن الخيارات، وتصل إلى اتفاقات مقبولة ويمكن العمل بها، لأن البدائل صراعات متواصلة، أو ديكتاتوريات. - لكن حكومة حيدر عبادي في العراق لا يبدو أنها تعلمت من التاريخ، بعد وضعها على رأس وزارة الداخلية رجلًا اتهم بأن الميليشيات التابعة له كانت تقتل السنة؟ ربما لا يمكن حل كل المشكلات دفعة واحدة، لكنك على حق، المشكلة لا يمكن حلها إلا إذا وضعت على رأس المؤسسات الأمنية شخصًا تثق به كل المجموعات، إذا وضعت زعيم ميليشيا على رأس وزارة الداخلية أو وزارة الدفاع فهذا يقلص الثقة ولا يحل المشكلة، لكن يقول البعض إنه في الصراع مع "داعش" هناك حاجة لزعيم ميليشيا، لكن بسبب هذا الصراع بالتحديد هناك الحاجة لبناء الثقة بين المجتمعات وتخفيف الانقسام. - هل تعتقد أن حكومة عبادي إذا عجزت عن تحقيق ما تنصح به، يجب أن تحرر السنة وتسمح لهم بإقامة دولتهم؟ آمل أن يحققوا ما وعدوا به، لكن إذا عجزت، فإن المشكلة كما قلت ستستمر، ويبحث الناس عن إمكانيات بديلة، هناك من قال هذه هي الفرصة الأخيرة للعراق، أنا لست متشائمًا إلى هذا الحد، لكن يجب على كل طرف أن يفعل أقصى ما يستطيع - من السهل قول هذا - لمساعدة العراق. توجه الأتراك إلى بغداد، والعراقيون ذهبوا إلى المملكة العربية السعودية، وأعطي إياد علاوي رئيس الحكومة الأسبق، دورًا مهمًا للعمل على المصالحة الوطنية، وهناك بعض الاحتمالات أن تحدث أمور إيجابية، لكن لا يمكنك الاعتماد على هذا. - تريد الولاياتالمتحدة دعمًا قويًا لسياستها في تركيا، ما الدور البناء الذي يمكن لتركيا أن تلعبه؟ مع العلم أن داوود أوغلو نفى أن بلاده سمحت لمقاتلي "داعش" بعبور حدودها إلى سوريا. تركيا لاعب مهم في المنطقة، مهمة بسبب التنافس الإقليمي، والمنطقة لا يمكن أن تستقر إذا لم تساعد تركيا على ذلك، وهذا ينسحب على إيران وعلى الدول العربية، دورها مهم في أمور كثيرة من التطور الاقتصادي، والتسوية السياسية. تسوية سياسية في سوريا مستبعدة إذا لم تكن تركيا لاعبًا أساسيًا، حتى محاربة "داعش" لا يمكن أن تنجح من دون تركيا، علينا أن نفكر بتسوية تركز على العراقوسوريا، إنما أكثر على سوريا؛ لأن هناك معادلة وضعت في العراق: حكومة وحدة وطنية، نوري المالكي رحل، هناك أفكار جديدة مثل اللامركزية، وقوات حرس وطني، أفكار يمكن النقاش حول ما إذا كانت جيدة أم لا، إنما المهم هناك إطار عمل، بينما في سوريا لا يوجد إطار عمل؛ لذلك هناك ضرورة للسوريين أن يأتوا بأفكار للحل، أو أفكار للحل تأتي من الخارج، وهذه الحالة تحتاج إلى لاعبين إقليميين، ويجب أن يكون هناك لاعبون لأن لهم دور في سوريا؛ لذلك هناك حاجة لتسوية سورية يشارك فيها لاعبون إقليميون مثل: إيران، تركيا والمملكة العربية السعودية وأيضًا القوى العظمى مثل روسياوالولاياتالمتحدة الأميركية. البعض اقترح دول مجلس الأمن، إضافة إلى ألمانيا "الفريق الذي يفاوض إيران حول المسألة النووية" إضافة إلى لاعبين إقليميين، وفي الوقت المناسب ينضم سوريون للعمل على تسوية للأزمة السورية. - أي سوريين؟ على الأقل الآن، هناك المعتدلون مثل الجيش السوري الحر والنظام، للاتفاق على مرحلة انتقالية والعمل معا ضد "داعش"، ولأن محاربة "داعش" تبدو وكأنها تقوية للنظام السوري، لذلك هناك حاجة لخارطة طريق لسوريا وهذه غير متوفرة حاليًا. - وما ردك على قول السعودية إن إيران جزء من المشكلة؟ نعم، إيران جزء من المشكلة ولا شك بذلك، أيضًا الولاياتالمتحدة جزء من المشكلة، لأنها لم تفعل ما يكفي لمساعدة المعتدلين، لكن إذا أردنا إيجاد حل، فهل يمكن أن نجده إذا لم تكن إيران حول الطاولة، أو من دون السعودية التي لها دور مهم، أو من دون تركيا، أو من دون روسيا التي تساعد بشار؟ لهذا، إما أن نقتنع بالحرب وبكل ما تسببه من موت للمدنيين وتضاعف عدد اللاجئين، وأوضاع متطرفة تؤدي إلى نتائج متطرفة، أو أن نتطلع إلى دور دولي جدي ودور إقليمي لإيجاد تسوية. - يبدو أن الرئيس باراك أوباما مشغول جدًا في التوصل إلى صفقة مع إيران وكأنه من دونها ستكون نهاية العالم.. ما رأيك؟ حسنًا، من المهم التوصل إلى صفقة تمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، لكن هناك قضايا أخرى مهمة: سوريا مهمة، ربما يعتقد الرئيس أوباما أن سوريا غير جاهزة لصفقة؛ لأن المعارضة ضعيفة جدًا ويجب تقويتها، وربما العلاقات الأميركية - الروسية معقدة في هذا المجال ولا يمكن التوصل إلى اتفاق على سوريا، مثلًا نرى فيما يخص إيران أن الروس يشاركون الأميركيين للتوصل إلى صفقة، الطرفان يختلفان حول أوكرانيا، ويمكنهما التوافق على أخرى، هناك مجموعة من الإيرانيين يدعمون نظام الأسد بقوة، لكن الأمر أصبح مكلفًا جدًا لهم، وربما تريد إيران أن تركز على أمور داخلية، هذا يجب اختباره. - لكن ما زال البعض في الشرق الأوسط مصرًا على أن الرئيس أوباما يريد تقاربًا مع إيران على حساب بقية دول المنطقة؟ هذا سيكون خطأ، لكن ما أعتقده هو ضرورة إقناع إيران بالتخلي عن النووي، وإغراؤها بلعب دور بناء. - كيف يمكن لإيران أن تلعب دور بناء؟ أعني أن لا تتبع سياسة تفرقة مذهبية، وأن تعمل على تسوية تحترم كل حقوق المذاهب ولا تدعم الميليشيات، بل تعمل مع الدولة هذه أمور ملموسة، لهذا فإن إيران دولة قادرة وتملك قدرات هائلة، تستطيع أن تستعمل قدراتها لتسوية تحترم كل الأطراف. - هل يمكن لهذا النظام أن يتغير بعد 35 عامًا؟ نعم، النظام يتطور ويتغير، وإلا فإنه يتفتت ويمكن الإطاحة به، وأعتقد أن الشعب الإيراني تعب من تكلفة السياسة الإيرانية الخارجية، فالمغامرة السورية كانت مكلفة جدًا، ومن الأسهل لو كانت هناك تسوية، وهذا يتطلب تعديلًا في السياسة الإيرانية، لأن البديل هو عدم استقرار طويل الأمد في المنطقة، يورط إيران أكثر ويمتص قدراتها، لأنه إذا افترضت أن اضطهاد السنة في المناطق التي تسيطر عليها سيكون مقبولًا من الجميع، فهذا غير واقعي، لهذا فإن سياسة حكيمة، من كل الأطراف في المنطقة تقوم على قبول الحقوق مطلوبة. - رأينا ما حدث في العراق بعد انسحاب القوات الأميركية، كيف ترى أفغانستان العام المقبل؟ أولًا، أعتقد أن الولاياتالمتحدة الأميركية ارتكبت خطأ بانسحابها من العراق، لأنه أوجد فراغًا أدى إلى تطورات كثيرة، منها: انقسام حاد في العراق، وتنافس أكبر في المنطقة لملء الفراغ، وأيضا صعود "داعش"، لذلك فإن الدرس الذي يجب تعلمه هو عدم ترك فراغ، آمل ألا تكون العلاقة الأميركية الجديدة مع العراق مؤقتة، بل قائمة على دروس سابقة جرى استيعابها، بالنسبة إلى أفغانستان، هناك اتفاق حتى نهاية 2016 بمعنى أنه لمدة سنتين إضافيتين ستكون هناك قوات أميركية. توقعي أن القيادة الأفغانية الجديدة التي يرأسها الرئيس الجديد أشرف غني، ستقترح على إدارة الرئيس أوباما والكونجرس والرئيس الأمريكي المقبل، وجوب تمديد الوجود الأمريكي لعدة سنوات أخرى حتى تكون أفغانستان وقفت على قدميها، أو تكون جرت تسوية، بحيث يتم تجنب الفراغ، هناك سبب آخر يدفع أفغانستان إلى مواصلة العلاقة مع أمريكا، فهي بخلاف العراق الغني بالثروات والقادر على دفع بعض التكاليف، رغم ضخامة المبالغ التي ضاعت فيه، فإن أفغانستان غير قادرة على دفع فواتيرها، أو تسليح جيشها، والمحافظة على قدراتها، إنها تحتاج إلى أمريكا ودول أخرى لتقديم المساعدة، إذا جرى الانسحاب، فسيتقلص الاهتمام بأفغانستان وكذلك الدعم المالي، وإذا حدث هذا فستبرز مشكلة جديدة؛ لذلك سيكون خطأ استراتيجيا العودة إلى التسعينات من القرن الماضي، حيث انسحبت الولاياتالمتحدة من أفغانستان عندما انهار النفوذ السوفيتي، إذ تلا ذلك تفجيرات 11 سبتمبر 2001. قال الرئيس السابق جورج بوش لن نكرر ذلك الخطأ، لذلك آمل من الرئيس أوباما، ومن سيخلفه، أن لا يكررا خطأ الانسحاب. - بعض الجماعات في ليبيا أعلنت ولاءها ل"داعش".. هل تعتقد أن "داعش" يشكل الآن تهديدًا لمصر أو لأوروبا؟ لكلتيهما... في ليبيا هناك فراغ مؤكد وخطير. - قال الرئيس السابق لبولونيا إنه يمكن تحقيق الازدهار الاقتصادي من دون ديمقراطية كما الصين.. ألا تعتقد أن هذا يناسب أو يساعد بعض الدول العربية حيث لا ترحيب بالديمقراطية؟ الديمقراطية تبقى البديل الأفضل، لكن على كل دولة أن تجد طريقها الخاص من أجل الوصول إلى الديمقراطية؛ لأن إيجابيتها تتفوق على الكثير من البدائل، إذا وافقنا على طرح الاقتصاد، يجب ألا نهمل الجانب الديمقراطي ولو على مراحل.