1- تسريبات ومؤامرات لن أتوقف طويلاً أمام التسريبات التى أذاعتها إحدى قنوات الإخوان، ونقلتها عنها قناة «الجزيرة» والعديد من القنوات الأخرى. إن صحة هذه التسريبات لو صحّت، فهذا معناه: 1- أن قضاء مصر ليس قضاء مُسيّساً كما تدّعى الجماعة الإرهابية، بل هو قضاء شامخ ونزيه، بدليل أن من ينسب إليهم الحديث فى التسجيلات لديهم مخاوف كبيرة من أن تقوم هيئة المحكمة بزيارة مفاجئة إلى مقر سجن «مرسى»، فتفاجأ بأنه محبوس فى سجن ليس تابعاً لوزارة الداخلية، كما ينص القانون، فيحصل بذلك على حكم البراءة فى بعض القضايا المقدم إليها فى هذا الوقت. 2- وهذا يعنى ثانياً أن قيادة الجيش، رغم أنها كانت مفوضة من الشعب بعزل محمد مرسى وجماعة الإخوان من حكم البلاد بمقتضى الشرعية الثورية، فإن القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبدالفتاح السيسى رفض اتخاذ أى إجراءات استثنائية، وتمت إحالة القضايا المتهم فيها «مرسى» وجماعته رغم خطورتها إلى القضاء العادى. 3- وهذا يعنى ثالثاً أن القوات المسلحة اضطرت إلى سجن «مرسى» فى إحدى القواعد العسكرية البحرية، كما تردّد، حرصاً على حياته، خاصة أن البلاد كانت تعيش فى هذا الوقت حالة من عدم الاستقرار الأمنى، وقد شهدنا كيف حاولت جماعة الإخوان الإرهابية اقتحام دار الحرس الجمهورى يوم 6 يوليو، للإفراج عن «مرسى» ظناً منها أنه لا يزال محبوساً فى هذه الدار. لقد ثار جدل كبير فى الشارع المصرى بعد نشر التسريبات وإذاعتها وراح محامى «المعزول» يستند إليها للإفراج عن محمد مرسى، باعتبار أن حبسه تم بطريقة غير قانونية. لقد نسى هؤلاء جميعاً -بافتراض صحة التسجيلات- أن محمد مرسى أصدر قانوناً نشرته الجريدة الرسمية فى 10 ديسمبر 2012 يحمل رقم 107 لسنة 2012، يمنح الضبطية القضائية لضباط وصف ضباط القوات المسلحة حتى الانتهاء من الاستفتاء على الدستور، ثم جرى تعديل القانون فى 28 يناير 2013، بعد أن وافق عليه مجلس الشورى، حيث قضى بزيادة فترة مشاركة القوات المسلحة فى المهام التى نص عليها القانون حتى انتهاء الانتخابات التشريعية، والتى لم تبدأ حتى اليوم. كما تضمّن التعديل إضافة فقرة جديدة تنص على أن يُحدد وزير الدفاع الأماكن والأفراد والقوات المسلحة ومهامها. لقد منح القانون لضباط القوات المسلحة جميع سلطات الضبط القضائى والصلاحيات المرتبطة بها والمقررة لضباط وأمناء الشرطة، بالشروط والضوابط المقرّرة فى قانون هيئة الشرطة لضباط الشرطة والأمناء. وتقول المادة الثالثة من هذا القانون: يلتزم ضباط وضباط صف القوات المسلحة فى أدائهم مهام الضبطية القضائية، وفقاً لأحكام هذا القانون بكل واجبات مأمور الضبط القضائى المقرّرة فى قانون الإجراءات الجنائية، بما فى ذلك إحالة ما يحرّرونه من محاضر إلى النيابة المختصة، وفقاً لقواعد الاختصاص المنصوص عليها فى القانون المشار إليه، ومع عدم الإخلال باختصاص القضاء العسكرى يختص القضاء العادى بالفصل فى الوقائع التى حُررت عنها هذه المحاضر. لقد ظل هذا القانون سارياً حتى بعد سقوط محمد مرسى، وعندما تكرر الجدل حول أسباب بقاء الجيش فى الشارع، رغم انتهاء حالة الطوارئ فى نوفمبر 2013، قال المستشار عبدالرحمن بهلول عضو المجلس الأعلى للقضاء سابقاً: «لرجال القوات المسلحة والشرطة حق الضبطية القضائية طبقاً للقرار الوزارى الصادر أيام حكم محمد مرسى الذى منح الشرطة العسكرية حق الضبطية القضائية، ولم يتم إلغاء القرار حتى الآن»، نذكر مجدداً أن هذا الكلام قيل بعد سقوط محمد مرسى بنحو خمسة أشهر تقريباً!! واستكمل عضو المجلس الأعلى للقضاء السابق القول: إن «القرار يسرى حالياً، ويكون للقوات المسلحة حق الضبطية القضائية، لأنه لكى يتم وقف العمل بهذا القرار فلا بد من إصدار قرار وزارى آخر ينص على إلغاء القرار السابق». لقد اتفق المستشار رفعت السيد رئيس محكمة الاستئناف السابق، مع الرأى نفسه عندما قال «إنه من حق رجال القوات المسلحة الضبطية القضائية، طبقاً للقرار الوزارى الصادر فى ديسمبر من عام 2012، حيث إن قرار منح الشرطة العسكرية حق الضبطية القضائية لا يتعلق بحالة الطوارئ أو إعلانها». لكل ذلك أقول إن هذه الضجة التى أثارها دفاع «مرسى» حول التسريبات المنسوبة إلى عدد من رجال القوات المسلحة حول مكان احتجاز «مرسى» قبل المحاكمة وعدم قانونية ذلك هى ضجة فى غير محلها؛ لأن القانون 107 لعام 2012 وتعديلاته فى يناير 2013 تعطى الحق للقوات المسلحة فى احتجاز الأفراد من المدنيين وإحالتهم إلى النيابة المختصة. إذن لا وجه للبطلان فى هذا الإجراء، وسواء كانت هذه التسجيلات صحيحة أو مفبركة فلا علاقة لها بكل ما أثير من دفاع «مرسى» يوم السبت الماضى حول قانونية أو عدم قانونية احتجاز «مرسى» فى قاعدة عسكرية قُبيل تقديمه إلى النيابة المختصة.
