أحلامهم بسيطة وحياتهم مثقلة بالهموم، لا يلقون بالاً للصراعات السياسية، فلا يميلون لهذا أو لذاك، اختصروا الدنيا فى لقمة تبدد الجوع وغطاء يحميهم من برد الشتاء فى منازل تشبه الأطلال، تقبع غرب مدينة أسيوط. إحساس بالاضطهاد والظلم، يعيشه سكان تلك المنطقة، يعانون من الفقر والتهميش، ولا يملكون سوى البكاء قهراً على حالهم ويفضلون صمت العاجز الذليل، منطقة مغلقة على أهلها لا مكان لغريب بينهم، يتحفظون فى حديثهم، «الوطن»، استنطقت أحد السكان الذى اكتفى بعبارة مقتضبة قائلاً: «إحنا عايشين ومبسوطين كده، ومش عايزين من الدولة حاجة»، فيما تحدثت القلة القليلة مؤكدين أنهم ارتضوا بالأمر الواقع، ليس محبة فيه وإنما «ما باليد حيلة»، فالمعيشة فى زرزارة بالوراثة، ولدوا فيها وورثوا منازلهم عن آبائهم، ولم يمتلكوا ما يمكنهم من الانتقال لسكن آدمى. أمام منزل متهدم تتدلى من سقفه قطع خشبية توحى بأنه على وشك السقوط، جلست الجدة «إحسان»، وقالت: «بعد كده أجرنا حجرتين وبننام كلنا على فرشة على الأرض عبارة عن حصيرة ولا نملك حتى سرير والجيران أنقذونا من تحت الأنقاض»، وتابعت: «زوجى كان عامل غلبان وتوفى ولم يترك لى شيئاً سوى ابنى الذى يعمل باليومية ويوم شغال وعشرة عاطل ومتزوج ولديه 4 أطفال، والحال زى ما انتى شايفة البيت وقع علينا فجأة. فى غرفة ضيقة مزينة بشروخ تتسع لكف اليد، وسقف من البوص والأشجار، تعيش كاملة جاد عبدالحق، بائعة الجرجير، مع أبنائها الثلاثة، تشكو من الفقر قائلة: «لا أطلب سوى الستر من الله وأن يحفظ أبنائى، فهم كل ما أملك، إحنا ناس غلابة محدش بيحس بينا، خايفة بس على ولادى من المطر والسيول». من جانبه، أكد اللواء إبراهيم حماد، محافظ أسيوط، أنه تم نقل بعض سكان تلك المنطقة إلى عدد من العمارات السكنية التى تم إنشاؤها بإسكندرية التحرير فى 260 وحدة سكنية وتنتظر البقية من ساكنى المنطقة أن تنالهم الرحمة بمسكن آدمى.