حل مشكلة الصرف الصحى بدير جبل الطير بالمنيا    شيخ الأزهر يهنئ خادم الحرمين الشريفين وولي العهد السعودي بنجاح موسم الحج    يورو 2024| فرنسا تعبر عقبة النمسا بالنيران الصديقة    حريق هائل يلتهم محل مقرمشات بالغربية (صور)    عمرو دياب في العرض الخاص ل «ولاد رزق 3» بالرياض    حب من أول نظرة في الانتخابات.. الفنان إيهاب فهمي يتحدث عن قصة زواجه    شقق التضامن الاجتماعي.. تفاصيل تسليم 1023 وحدة سكنية ب 400 مليون جنيه    سرادقات عزاء في عدة مراكز.. المنيا تسجل 6 حالات وفاة اثناء أداء مناسك الحج (صور)    «حياة كريمة»: توزيع 10 آلاف وجبة ساخنة على الأولى بالرعاية    مدفعناش للجماهير.. آل شيخ يكشف أسرار تواصله الأخير مع الخطيب    الخارجية الأمريكية: نعمل مع مصر وإسرائيل على إعادة فتح معبر رفح    وكيل «صحة الشرقية» يقرر نقل 8 من العاملين بمستشفى ههيا لتغيبهم عن العمل    سقوط كتل خرسانية كبيرة من عقار بمنطقة طه الحكيم بطنطا.. صور    أبرزهم خالد زكي وحمدي حافظ.. شائعات الوفاة تطارد كبار نجوم الفن    الخارجية الأمريكية: 9 كيانات مقرها في الصين سهلت حصول الحوثيين على أسلحة    فسحة ب 5 جنيه.. زحام شديد بحدائق القناطر الخيرية في ثاني أيام عيد الأضحى (صور)    9 سيارات كسح لشفط المياه.. استمرار العمل على إصلاح كسر خط رئيسي بأسيوط    مشروع الضبعة.. تفاصيل لقاء وزير التعليم العالي بنائب مدير مؤسسة "الروس آتوم" في التكنولوجيا النووية    بتوزيع الهدايا للأطفال.. محافظ الأقصر يهنئ متحدي السرطان بعيد الأضحى    منظمة الأغذية: مصر تنتج 413 ألف طن لحوم أبقار سنويًا    ثبات سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن بختام ثاني أيام العيد الاثنين 17 يونيو 2024    ذكرى رحيل إمام الدعاة    الإفتاء توضح حكم طواف الوداع على مختلف المذاهب    "على نفقته الخاصة".. طلب عاجل من الأهلي بشأن مواجهة الزمالك    انتبه- 3 روائح يصدرها جسمك عند الإفراط في لحم العيد    بترا: الأردن يثمن تنظيم مؤتمر السلام بشأن أوكرانيا ويرفض الانضمام للبيان الختامى    رئيس وزراء الهند يهنئ الرئيس السيسي: عيد الأضحى يذكر بقيم التضحية والرحمة    ثاني أيام عيد الأضحى.. استمرار انقطاع المياه بالفيوم    أيمن الرقب يكشف السيناريوهات المتوقعة عقب حل مجلس الحرب الإسرائيلي (فيديو)    ستولتنبرج: نصف الإنفاق الدفاعي في الاتحاد الأوروبي يذهب إلى الولايات المتحدة    شروط القبول في برنامج البكالوريوس نظام الساعات المعتمدة بإدارة الأعمال جامعة الإسكندرية    حمامات السباحة بالقليوبية تشهد إقبالا كبيرا في ثانى أيام عيد الأضحى    البابا تواضروس يستقبل عددًا من الأساقفة    مرض العصر.. فنانون رحلوا بسبب السرطان آخرهم الموزع الموسيقي عمرو عبدالعزيز    حقق حلمه.. إشبيلية يعلن رحيل سيرجيو راموس رسميًا    أسماء 23 مصابا في حادث تصادم ميكروباص بسيارة قمامة على صحراوي الإسكندرية    تفاصيل جديدة حول الطيار المصري المتوفى خلال رحلة من القاهرة إلى الطائف    أسقف السويس يهنئ قيادات المحافظة بعيد الأضحى المبارك    دعاء يوم القر.. «اللهم اغفر لي ذنبي كله»    إطلاق مبادرة «الأب القدوة» في المنوفية.. اعرف الشروط    تعرف أفضل وقت لذبح الأضحية    هيئة نظافة القاهرة ترفع 12 ألف طن مخلفات في أول أيام عيد الأضحى    بالترددات وطرق الاستقبال .. 3 قنوات مفتوحة تنقل مباراة فرنسا والنمسا في يورو 2024    محمود الليثي ينهار من البكاء في أول تعليق له بعد وفاة والدته    لبيك اللهم لبيك    بعد إعلان رغبته في الرحيل.. نابولي يحسم مصير كفاراتسخيليا    بالصور.. شواطئ بورسعيد كاملة العدد ثاني أيام العيد    ثاني أيام عيد الأضحى 2024.. طريقة عمل كباب الحلة بالصوص    مدير صحة شمال سيناء يتابع الخدمات الطبية المجانية المقدمة للمواطنين    القبض على شخص بحوزته أقراص مخدرة بالخصوص    التحقيق مع حلاق لاتهامه بالتحرش بطفلة داخل عقار في الوراق    الفرق بين التحلل الأصغر والأكبر.. الأنواع والشروط    «لست محايدًا».. حسام فياض يكشف صعوبات مسرحية النقطة العميا    الخشت يتلقى تقريرًا حول أقسام الطوارئ بمستشفيات قصر العيني خلال العيد    مانشستر سيتي يحدد سعر بيع كانسيلو إلى برشلونة في الميركاتو الصيفي    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب جنوب البيرو    في ثاني أيام العيد.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الإثنين 17 يونيو 2024    بيلينجهام: ألعب بلا خوف مع إنجلترا.. وعانينا أمام صربيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لحظة تألق الشخصية المصرية
نشر في الوطن يوم 12 - 10 - 2012

ليس من شك فى أن الأداء البطولى للقوات المسلحة فى حرب أكتوبر، وما برز للعالم كله من فاعلية الجندى المصرى وجسارته، بالإضافة إلى التخطيط العلمى الدقيق الذى سبق الحرب، قد أدى إلى تغيير ملموس فى تقييم الشخصية المصرية لدى عديد من الكتّاب والمفكرين. وقد عاصرنا جميعاً الفترة التى أعقبت هزيمة يونيو 1967، حين تبارى المفكرون العرب الذين ينتمون إلى كل الاتجاهات السياسية فى تفسير الهزيمة. وتعددت التفسيرات، من التفسير الدينى الفج الذى زعم أن الابتعاد عن الدين كان هو العامل الحاسم فى الهزيمة، إلى التفسير التكنولوجى الساذج الذى روج لفكرة الفجوة التكنولوجية بيننا وبين إسرائيل، مروراً بالتفسير السياسى الرجعى الذى وجد الفرصة سانحة للهجوم على الاشتراكية، فقرر بمنتهى اليقين أن الاشتراكية هى المسئولة! غير أن أخطر التفسيرات قاطبة، هى تلك التى تتعلق بتشريح الشخصية المصرية بوجه خاص والشخصية العربية بوجه عام. لقد ركزت هذه التفسيرات -التى وجدت سنداً قوياً لها فى واقعة الهزيمة الساحقة- على السلبيات المتعددة التى تزخر بها الشخصية المصرية. فقرأنا كثيراً عن السلبيات، والفردية، والمظهرية، والفهلوية، والافتقار إلى المبادأة، والعجز عن العمل الجماعى، ومن ناحية أخرى أغرقتنا التحليلات الاجتماعية للمجتمع العربى، التى صورته لنا مجتمعاً تقليدياً، يقوم على اعتبارات القرابة أكثر من اعتبارات الإنجاز والكفاءة، مجتمعاً يتكون من مجموعة من الأميين الذين يعجزون بحكم وضعهم عن استيعاب العلم والتكنولوجيا، وبعبارة موجزة قدمت لنا صورة بالغة الكآبة للشخصية المصرية، وفى نفس الوقت رسمت لنا -صراحة وضمناً- صورة مسرفة فى المبالغة عن الشخصية الإسرائيلية، التكنولوجية المتقدمة.
وفجأة، انطلقت شرارة المعركة، واكتسح العبور المصرى المجيد الحصون والاستحكامات التى أقامتها التكنولوجيا الإسرائيلية، وفر أو أسر أو قتل عشرات الإسرائيليين المتقدمين العصريين! وإذا بنا نجد موقفاً غريباً فى عدد من الكتّاب والمفكرين المصريين والعرب، فقد تحولوا بدون سابقة إنذار إلى التغنى بإيجابية الشخصية المصرية وتراثها وبفاعلية المصرى وجسارته، وقدرته على تخطى الصعاب، واقتحام المخاطر، وأن ذلك كله ليس أمراً طارئاً عليه، بل هو سمة تميزه منذ العصور السحيقة الموغلة فى القدم.
ترى ما هو تفسير هذا الموقف؟ إن ذلك يُرد فى رأينا -بعيداً عن الاهتمام بالعوامل الشخصية والنزاعات الذاتية- إلى سيادة نظرة تجزيئية مسطحة للشخصية المصرية. لقد أخطأنا فى الموقفين: موقف الهزيمة وموقف النصر. فلا المغالاة فى تجريح الذات والتركيز على سلبيات الشخصية المصرية كان يستند إلى أساس علمى، ولا القناعة بتمجيد السمات الإيجابية كفيل بتصحيح الخطأ، أو التخلى عن الأحكام الذاتية غير الموضوعية.
إن كل هذا حصيلة منهج تجزيئى معيب فى النظر للشخصية القومية بعيداً عن السياق التاريخى الذى تمارس فيه فعلها، تؤثر فيه وتتأثر به. إن الشخصية المصرية ليست قالباً جامداً تتضمن عدداً من السمات الحضارية والنفسية «الغريزية» التى لا تتغير ولا تنال منها رياح الزمن. بل إنها -فى التحليل العلمى الدقيق- تعد انعكاساً لنمط المجتمع بما يتضمنه من علاقات اقتصادية متميزة فى حقبة تاريخية محددة، مضافاً إليها بعد أساسى وهام هو البعد الحضارى الذى يمتد فى الزمان بصورة خفية، قد تستعصى أحياناً على التحليل.
وخلاصة ما نريد أن نركز عليه، أن الشخصية المصرية تضم عدداً من السمات السلبية الناجمة عن تخلف أنماط الإنتاج، وعن بقايا السيطرة الاستعمارية القديمة وما طبعته فى نفوس البشر، وعن آثار العلاقات الاستغلالية للصفوة المستغلة السياسية والاقتصادية، التى حاولت أن تقضى على كل ما هو نبيل فى الشخصية المصرية، لضمان الخنوع السياسى، والامتثال الاقتصادى لهذه الطبقات. غير أن الشخصية المصرية فى نفس الوقت تزخر بعديد من الإيجابيات التى هى ميراث الأجيال المناضلة المتعاقبة، التى كافحت بشرف وسخاء ضد المحتل الأجنبى، والتى رفضت -بالرغم من الصعوبات الشاقة التى مارست فيها نضالها- أن تفرط فى شبر واحد من التراب الوطنى. هذه الأجيال التى مارست النضال الوطنى ضد المستغلين بكافة فئاتهم، حين هبت جموع الفلاحين والعمال والمثقفين أكثر من مرة لتحقيق العدالة الاجتماعية للجماهير. إن الشخصية المصرية جديرة منا بنظرة علمية متوازنة، لا تسقط فى هوة اليأس القاتل بالتركيز على السلبيات، ولا تغامر بالمبالغة الفجة حول الإيجابيات. إننا شعب يحاول أن يعيد صياغة شخصيتنا القومية وسط معركة دولية وحضارية ضارية، سعياً وراء التقدم الإنسانى المستنير، والعصرية الموجهة التى تشبع احتياجات الإنسان.
ما سبق خلاصة ما كتبناه عقب نصر أكتوبر 1973، الذى أكد تنبؤاتنا قبل الحرب عن قدرة الشخصية المصرية على المبادأة وجسارة الشعب المصرى فى مواجهة المستحيل وهو ما أثبتته ثورة 25 يناير المجيدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.