قال راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة الإسلامية في تونس، الذراع السياسية لجماعة "الإخوان"، إن أجواء الحملات الانتخابية الرئاسية في بلاده، كانت مناسبة وجدية، مشيرًا إلى أنه ولأول مرة في تاريخ تونس، تجرى انتخابات رئاسية حرة، بدون إقصاء أي طرف. وعن ما أثاره مرشحو الانتخابات الرئاسية التونسية، من وجود ظواهر سلبية شابت الانتخابات، كالمال السياسي، والاستقطاب الثنائي، والتصويت المفيد، قال الغنوشي، في حواره لصحيفة "الشرق الأوسط"، "المال السياسي يحتاج إلى إثبات، وقد يكون موجودًا، أما بالنسبة للاستقطاب فهناك إعلام لا يبدو حياديًا، بل انحاز لبعض المرشحين، ولم يكن عادلًا، حيث أظهر بعض المرشحين بشكل جيد وبعضهم بشكل منفر، وعلى كل حال فهذه التجربة تعتبر ناشئة". واتهم الغنوشي، وسائل الإعلام في تونس بالتأثير على الناخبين، بقوله، "مثلما أثرت وسائل الإعلام على الناخبين في الانتخابات التشريعية، كان لها التأثير نفسه في الانتخابات الرئاسية، فالإعلاميون يتمتعون بالحرية في تونس، لكن تبقى مسألة مستوى شعورهم بالمسؤولية وبقوة الكلمة قضية مطروحة". وردًا على ما أثير حول وجود صفقة خفية، بين حركة "النهضة" وأحد مرشحي الرئاسة التونسية، قال، "التأثير التآمري أصبح شائعًا، وكذلك الحديث عن اتفاقات من وراء الستار، لكن نحن اتخذنا موقفنا من أجل مصلحة الديمقراطية، وإنجاح هذه التجربة الناشئة كان هو هدفنا الأسمى". وتابع الغنوشي، "أخذنا بكل تجارب الانتقال الديمقراطي في البلاد العربية وغير العربية، من أجل مصلحة تونس، ورأينا أن الاستقطاب يمثل خطرًا على الانتقال الديمقراطي، ولذلك اخترنا التوافق على الاقتراع، فحكم الأغلبية بنسبة 50% من الحكم، تكفي لوجود أنظمة مستقرة، أما في الأنظمة الانتقالية، فإن منطق الأغلبية فيها غير منطقي في صيانة التجربة، ونحن تعلمنا من تجربتنا ومن التجارب الأخرى، واخترنا تقديم مصلحة البلاد على أي مصالح أخرى، وهمنا الأكبر تجنب خطر العودة إلى الديكتاتورية، وانهيار الدولة أو التورط في حرب أهلية، وبلادنا تحتاج إلى منطق التوافق وليس إلى منطق الصراع". وعن مدى تخوفه من وصول الباجي قائد السبسي، زعيم حزب "نداء تونس" إلى الرئاسة قال، "في تقديرنا الأصنام سقطت، ولن تعود أصنام الحزب الواحد، الإعلام الخشبي والانتخابات المزيفة، ونجاح الرئيس بنسبة 99.99%، والمال المحتكر عند العائلة الحاكمة، هذه السلبيات أسقطتها الثورة ولن تعود، ولذلك ليس هناك تخوفًا من أن يأخذ الرئيس كل السلطات، المهم أن يبقى الإعلام حرًا وعملية الديمقراطية قائمة، وحتى إن فاز هذا الحزب "في إشارة لنداء تونس"، فأنا أظن أن الشعب لن يمنحه فرصة للتفرد بكل السلطات، لأن التونسي يخشى من عودة الحزب الواحد ولو شكليًا، وحتى لو افترضنا أن "نداء تونس" نال 51%، فإن الشعب التونسي لن يسمح له بالتفرد بالحكم، لأنه يرفض عودة نظام الحزب الواحد، ورسالة الانتخابات هي الشراكة في الحكم وليس الانفراد به، ولذلك لا خوف من عودة الديكتاتورية". وعن التحاق ما يقرب من 3 آلاف تونسي بصفوف المقاتلين في سوريا، قال الغنوشي، "هذا أمر مؤسف حقًا، والإرهاب ليس ثمرة من ثمرات الثورة، لكنه من مخلفات الاستبداد في عهد النظام السابق، الذي زج بالكثيرين في السجون، بمعنى أن الإرهاب لم يأت مع الثورة، بل من مخلفات ما قبل الثورة. وتابع الغنوشي، أنا أشك في أن عدد المقاتلين التونسيين في "داعش" وسوريا والعراق يصل إلى 3 آلاف، خاصة أن الجهات الرسمية لم تعط رقمًا محددًا، ونأمل أن يتوقف الخزان التونسي عن إنتاج الإرهاب.