بين الحين والآخر، يخرج علينا الإخوان والتابعون لهم بدعوات للحشد والثورة وإسقاط النظام، الهدف منها نشر الترويع واستنفار قوات الأمن والجيش وإشاعة القلق بين الجماهير وتقديم رسالة إلى الخارج بأن البلاد ما زالت غير مستقرة. وخلال الأسابيع القليلة الماضية جرب الإخوان أسلوباً آخرَ، لقد ملوا من أكاذيبهم وفشلهم وادعاءاتهم، فأسندوا المهمة هذه المرة إلى واحد من تابعيهم، يقود حفنة من المهووسين فكرياً، اسمه خالد سعيد. وخالد سعيد معروف بأن انحيازه لأفكار ومواقف الإخوان يعلو على انحيازه للفكر السلفى، ومواقفه تؤكد ذلك، فهو عضو فيما يسمى ب«التحالف الوطنى لدعم الشرعية»، وهو من مؤيدى الرئيس المعزول محمد مرسى. وخالد سعيد معروف فى أوساط السلفية بأنه شخص ديماجوجى وغير متزن نفسياً، لقد حل ضيفاً على قناة الحياة وراح يهتف كالمعتوه «يسقط يسقط حكم العسكر». وعندما سُئل خالد سعيد فى أعقاب القبض على نائب حزب النور السابق على ونيس، صاحب الفضيحة الأخلاقية الشهيرة فى القليوبية، عن رأيه فيما حدث، راح يبرر الجريمة التى ينهى عنها الدين والقيم والأخلاق بالقول «لو قدر الله وكانت الواقعة صحيحة، فخير الخطائين التوابون، ولا أحد معصوم، أما لو كانت ملفقة لأسباب انتخابية، فتصبح المسألة مفهومة وجزءاً من حرب التشويه الإعلامى ضد الإسلاميين يروج لها أنصار الخصوم»!! لقد نشر هذا الحديث على موقع «صوت الملايين» ولم ينكر خالد سعيد حرفاً واحداً مما تم نشره، إذن هو يبحث عن تبرير لجريمة الزنا ويرى أن على ونيس ليس معصوماً وأن الرجل قد تاب عن خطئه، وأصبح من خيرة البشر. هذا الشخص هو ذاته الذى راح يتلقى التعليمات من قادة الإخوان للدعوة إلى ما سماه «ثورة مسلحة يوم 28 نوفمبر». لقد قال هذا «الإرهابى المعتوه» إن هذا اليوم سيشهد (قندهار) فى جميع محافظات الجمهورية، وقال إن الشباب السلفى سيخرج بكل قوته رفضاً للتحذيرات التى أطلقتها الدعوة السلفية وحزب النور، مؤكداً أن الإسلاميين سيتحركون فى جميع الميادين ولديهم خطة لمواجهة الأمن. لقد أطلق خالد سعيد (الهارب) على هذه الدعوة شعار «الثورة الإسلامية وإسقاط حكم العسكر». وهنا يجب التوقف أمام عدد من الملاحظات المهمة فى إطار التعرض لهذه الدعوة، وذاك الشعار: - أولاً: ما يسمى «الجبهة السلفية» هو عبارة عن مجموعة تعد بالعشرات يعتبرها السلفيون ذيلاً من أذيال الإخوان، ويرون أن عناصرها بالأساس هم إخوان، ولكن دورهم هو بالأساس يشبه الدور الذى تقوم به حركة «6 أبريل»، بمعنى أنه يجرى استخدامهم من قبل الإخوان فى كل التحركات الميدانية والبيانات التى تصدر والتحالفات التى يتم إنشاؤها، باعتبارهم احتياطياً استراتيجياً يجرى استخدامه فى أوقات الضرورة. - ثانياً: إن هذه الدعوة هى مجرد «فرقعة إعلامية» الهدف منها هو إثارة حالة من القلق فى البلاد، وفى الوقت نفسه الحصول على مبالغ مالية كبرى من جماعة الإخوان، حيث أشارت التحقيقات مع عدد من المنتمين لهذه العناصر الذين ألقى القبض عليهم مؤخراً إلى أن خالد سعيد وعدهم بتمويل إخوانى كبير لهذه العملية. - ثالثاً: إن جماعة الإخوان هى المحرك الأساسى لهذه الدعوة ومن ثم فهى ستدفع بعناصرها فى بعض المناطق وتحديداً المطرية وحلوان لمحاولة ارتكاب أعمال عنف وفوضى فى هذا اليوم وإلصاقها بالسلفيين، خاصة أن خطة الإخوان -وفقاً للمعلومات التى توصلت إليها الأجهزة الأمنية- تهدف إلى جر السلفيين لساحة العداء والصدام بالسلطة، بهدف توسيع الجبهة المناوئة خاصة قبيل انتخابات البرلمان المقبل، بحيث يصوت السلفيون جنباً إلى جنب لصالح عناصر الإخوان «المستترة» التى تنوى الترشح للانتخابات البرلمانية المقبلة. - رابعاً: إن الخطة الجديدة -وفقاً للمعلومات- تهدف إلى تكليف عناصر إخوانية بإطلاق الرصاص على عناصر سلفية يمكن أن تخرج تلبية لهذه الدعوة مما يؤدى إلى إسالة الدماء فى الشوارع، وهو أمر الهدف منه إثارة الفوضى فى مناطق البلاد المختلفة، بهدف جر السلفيين إلى الصدام مع السلطة، كما أن هناك خطة لتمزيق المصاحف بواسطة بعض عناصر الإخوان والادعاء بأن رجال السلطة هم الذين قاموا بهذه الأفعال، بهدف إحداث حالة من الاحتقان المجتمعى، خاصة أن الخطة التى وضعها الإخوان لعناصر الجبهة السلفية هى الخروج حاملين المصاحف فى الأيدى والأسلحة داخل الملابس، وهو ما انتقده وزير الأوقاف د. مختار جمعة الذى قال: «إن دعوات رفع المصاحف تستدعى الصورة الذهنية للخوارج». لقد صرح د.أحمد شكرى، عضو مجلس شورى الدعوة الإسلامية، بالقول «إن من حرك دعوات الثورة الإسلامية هى جماعة الإخوان، لكنها تحاول التصوير بأن السلفيين هم من يمارسون العنف من خلال جعل الجبهة السلفية هى التى تدعو لذلك». وقال «إنه لا يوجد على الأرض ما يسمى الجبهة السلفية، بل هم بعض الأشخاص الذين ينفذون ما يطلبه منهم الإخوان». لقد استفزت هذه الدعوات الشارع المصرى واستنفرت قواه الشعبية لمواجهة أى تحركات من هذه العناصر، كما أن وزارة الداخلية، وفقاً لتصريحات اللواء هانى عبداللطيف المتحدث الرسمى، ستتعامل بجدية مع هذه الدعوات الإخوانية السلفية. وقال إن خطة الوزارة تتضمن تأمين جميع المحافظات بالتعاون مع القوات المسلحة، كما تشمل الحضور الأمنى المكثف فى الشوارع وتأمين جميع المبانى والمنشآت الحيوية، وأن قوات الأمن سوف تستخدم أقصى صلاحياتها القانونية فى التعامل وفقاً لما تقتضيه الحاجة فى هذا اليوم. إن سيناريو 28 نوفمبر، وفقاً لمصادر عليمة، يتوقع أن يجرى على الوجه التالى: - التخطيط لتجمعات إخوانية ومعها بعض هذه العناصر السلفية فى بعض المساجد الكبرى وتحديداً داخل المناطق الشعبية، وقد تم اختيار يوم الجمعة 28 نوفمبر لهذا السبب بحيث تبدأ هذه العناصر بحشد طاقاتها وإمكاناتها فى هذه المساجد بقصد دفع جماهير المصلين إلى المشاركة معهم، والمضى بهم فى مسيرات داخل المناطق الشعبية التى لهم وجود فيها بقصد البدء فى ارتكاب أحداث عنف والادعاء بأن النظام ورجاله هم الذين ارتكبوا هذه الأفعال. - تتحرك مجموعات من القنّاصة (الإخوان) المكلفين بتلك المهمة كما حدث سابقاً وتحديداً منذ 25 يناير 2011، وذلك لقتل بعض السلفيين أو المواطنين وإلصاق الاتهام بالحكومة والشرطة والجيش وتصوير هذه المشاهد وإرسالها على الفور إلى قناة «الجزيرة» ومواقع التواصل الاجتماعى بهدف الإثارة وتحريض الجماهير. - القيام باستئجار المئات من البلطجية بأموال سخية تدفع لهم للمشاركة فى القيام بتلك المهمة معهم جنباً إلى جنب وحماية عناصرهم وتحديداً فى المناطق الشعبية، خاصة أن هؤلاء البلطجية سبق استئجارهم فى مظاهرات الإخوان فى وقت سابق. - يتم الزحف إلى بعض الميادين المهمة، ومن بينها ميدان رابعة العدوية، وحشد النساء والأطفال فى ثلاث ميادين رئيسية بالقاهرة والإسكندرية وأسيوط، وذلك بهدف تصوير الحدث بأنه «ثورة إسلامية مسلحة» تهدف إلى ما تسميه «استعادة الشرعية». - يتولى التنظيم الدولى لجماعة الإخوان القيام بحملة إعلامية كبرى لتصوير الحدث وكأنه ثورة شعبية سلمية ضد نظام الحكم، ولم تقتصر على الإسلاميين وإنما شملت فئات شعبية كبرى خرجت للاعتراض على ما تسميه تجاوزات النظام وتردى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية فى البلاد. - التنسيق مع العديد من المنظمات الإقليمية والدولية العاملة فى مجال حقوق الإنسان وذلك لإصدار بيانات إدانة ضد الحكومة التى ارتكبت مجازر ضد المتظاهرين السلميين وإعداد حملة دولية لتشويه سمعة الجيش المصرى وتحميله مسئولية ما سيحدث والمطالبة بمنع المعدات العسكرية وقطع الغيار عنه. - قيام عناصر إخوانية بارتداء ملابس الجيش والشرطة وارتكاب أعمال عنف فى مناطق متعددة حتى يبدو الأمر وكأن هناك تعمداً من الدولة لقتل المواطنين والمتظاهرين وتصوير ذلك وبثه من «الجزيرة» وغيرها. - التحضير لإعلان بعض عناصر الإخوان التى ترتدى ملابس عسكرية بحدوث انشقاق داخل الجيش والشرطة والانضمام إلى الثورة الإسلامية رفضاً للعنف وتمزيق المصاحف، وهى فيديوهات جرى تحضيرها من الآن، وذلك لإحداث حالة من الارتباك داخل هذه المؤسسات. هذه بعض ملامح المخطط الإجرامى الذى يعد له الإخوان يوم 28 نوفمبر باسم «الجبهة السلفية»، ولكن ينقص فى كل ذلك أمر مهم جداً «إن الشعب واعٍ بالمخطط، وإن كثيراً من هذه الخطط كان فقط لمجرد الاستهلاك الإعلامى». سوف يمضى يوم 28 نوفمبر، كما مضت أيام ومناسبات أخرى عديدة، توعد فيها الإرهابيون بالثورة وإسقاط النظام، غير أن كل ذلك لم يكن سوى أضغاث أحلام. ينسى هؤلاء الواقع الجديد فى مصر، أن هناك شعباً قد وعى حقيقة مخططاتهم، وأن هناك قيادة هى محل إجماع شعبى من المصريين، وأن الجماهير تنظر إليهم على أنهم ليسوا سوى خونة يريدون إلحاق مصر بليبيا وسوريا لحساب إسرائيل وأمريكا ومشروعهما التآمرى فى المنطقة.