اتحاد منتجي الدواجن: السوق محكمة والسعر يحدده العرض والطلب    الرئيس الأمريكي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية    منتخب مصر يكتسح بوروندى ويتأهل لدور الثمانية بالبطولة الأفريقية للساق الواحدة    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق شقة سكنية بالعمرانية    ضبط موظفة لقيامها بإدارة كيان تعليمي وهمي بقصد النصب على المواطنين    التصريح بدفن جثمان طفل صدمته سيارة نقل بكرداسة    وكيل "صحة مطروح" يزور وحدة فوكة ويحيل المتغيبين للتحقيق    بوتين: مجمع الوقود والطاقة الروسي يتطور ويلبي احتياجات البلاد رغم العقوبات    المجلس الدولي لحقوق الإنسان: نتنياهو لن يستطيع الخروج من إسرائيل    بعد ارتفاعها ل800 جنيها.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي «عادي ومستعجل» الجديدة    ميدو: غيرت مستقبل حسام غالي من آرسنال ل توتنهام    حسين لبيب: زيزو سيجدد عقده وصبحى وعواد مستمران مع الزمالك    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء في الدوري المصري    الدوري الإيطالي.. حفل أهداف في تعادل بولونيا ويوفنتوس    طبيب الزمالك: إصابة أحمد حمدي بالرباط الصليبي؟ أمر وارد    بعد الفوز بالكونفدرالية.. لاعب الزمالك يتحدث عن أداء وسام أبو علي مع الأهلي    وزير الصحة: 5600 مولود يوميًا ونحو 4 مواليد كل دقيقة في مصر    "رياضة النواب" تطالب بحل إشكالية عدم إشهار22 نادي شعبي بالإسكندرية    مراقبون: قرار مدعي "الجنائية الدولية" يشكك في استقلالية المحكمة بالمساواة بين الضحية والجلاد    قتلها وحرق الجثة.. ضبط قاتل عروس المنيا بعد خطوبتها ب "أسبوعين"    كيفية الاستفادة من شات جي بي تي في الحياة اليومية    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    حدث بالفن| حادث عباس أبوالحسن وحالة جلال الزكي وأزمة نانسي عجرم    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    إبراهيم عيسى: حادثة تحطم طائرة الرئيس الايراني يفتح الباب أمام أسئلة كثيرة    وزير الصحة يكشف مفاجأة عن مصير الكوادر الطبية بالمستشفيات الحكومية (فيديو)    طريقة عمل ماربل كيك بالفول السوداني، فاخرة ومذاقها لا يقاوم    باتباع نظام غذائي متوازن، إنقاص الوزن الزائد بدون ريجيم    مصطفى أبوزيد: تدخل الدولة لتنفيذ المشروعات القومية كان حكيما    إجازة كبيرة رسمية.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات لموظفين القطاع العام والخاص    ضحية جديدة لأحد سائقي النقل الذكي.. ماذا حدث في الهرم؟    المجلس التصديري للملابس الجاهزة: نستهدف 6 مليارات دولار خلال عامين    إيران تحدد موعد انتخاب خليفة «رئيسي»    بعد تعاقده على «الإسترليني».. نشاط مكثف للفنان محمد هنيدي في السينما    مشيرة خطاب تشارك مهرجان إيزيس في رصد تجارب المبدعات تحت القصف    أفلام صيف 2024..عرض خاص لأبطال بنقدر ظروفك الليلة    «بطائرتين مسيرتين».. المقاومة الإسلامية في العراق تستهدف هدفًا حيويًا في إيلات    لميس الحديدي تعلق على طلب اعتقال نتنياهو وقادة حماس : مساواة بين الضحية والجلاد    خفض الفائدة.. خبير اقتصادي يكشف توقعاته لاجتماع البنك المركزي    كيف أثرت الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد العالمي؟.. مصطفى أبوزيد يجيب    جهاز تنمية القاهرة الجديدة يؤكد متابعة منظومة النقل الداخلي للحد من التكدس    أطعمة ومشروبات ينصح بتناولها خلال ارتفاع درجات الحرارة    حظك اليوم برج الميزان الثلاثاء 21-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    «حماني من إصابة قوية».. دونجا يوجه رسالة شكر ل لاعب نهضة بركان    سعر الدولار والريال السعودي مقابل الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024    متى تنتهي الموجة الحارة؟ الأرصاد الجوية تُجيب وتكشف حالة الطقس اليوم الثلاثاء    على باب الوزير    شارك صحافة من وإلى المواطن    غادة عبدالرازق أرملة وموظفة في بنك.. كواليس وقصة وموعد عرض فيلم تاني تاني    أزمة الطلاب المصريين في قرغيزستان.. وزيرة الهجرة توضح التطورات وآخر المستجدات    بشرى سارة.. وظائف خالية بهيئة مواني البحر الأحمر    المصريين الأحرار بالسويس يعقد اجتماعاً لمناقشة خطة العمل للمرحلة القادمة    وزير العدل: رحيل فتحي سرور خسارة فادحة لمصر (فيديو وصور)    مدبولي: الجامعات التكنولوجية تربط الدراسة بالتدريب والتأهيل وفق متطلبات سوق العمل    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرجفون فى المدينة (1)
نشر في الوطن يوم 16 - 11 - 2014

نتيجة لتدنى الثقافة العامة، وعلو فئات اجتماعية هشّة، وخروج العقول المغلقة من جحورها، وسيطرة المصالح الفردية الضيقة، وتراجع النخب الحقيقية عن دورها مؤثرة السلامة، تحوّل المشهد العام إلى جو من المهاترات الرخيصة. وبنظرة واحدة على مواقع التواصل الاجتماعى، تجد كيف تركت طائفة من المصريين أعمالها لتتفرّغ للسب والقذف ونشر الغسيل القذر لصراعاتها المميتة من أجل التشفّى من خصومهم. وهكذا جاءت مواقع التواصل الاجتماعى لتصبح منابر للغوغاء، وأيضاً للكتائب العميلة ضد الوطن. وفى مثل هذا الانفتاح المعلوماتى والقدرة السريعة على التواصل، تجد الشائعات أرضاً خصبة لها ضد الأفراد وضد الدولة، كوسيلة سوداء لتحطيم المعنويات، واصطياد الحقائق، والتغطية على الحرائق والتفجيرات، والقضاء على مصداقية كل شريف، وإيقاعه فى دائرة التفكير المضطرب، وتشويه صورته، أو رسم الهالة حول الذات. صارت الشائعات جزءاً من فن السياسة، وفن الحرب، وفن الإعلام والترويج التجارى والفنى، وأساليب الصراع الاجتماعى والمهنى؛ وأصبحت قدراً اجتماعياً وسياسياً لا مفر منه؛ فمن منا لم يتعرّض لشائعة أو أكثر فى يوم من الأيام؟ والمشكلة الكبرى الآن أن الدولة نفسها وجيشها العتيد ضحية شائعات ضخمة ومنظمة يبثها المرجفون من أجل زعزعة مصر وتهيئتها للدخول إلى حالة التفكّك التى تسمح بتحويلها إلى سوريا أو ليبيا.
والشائعات -حسب المعنى العام- هى الأخبار الملفّقة أو المفتعلة ضد فرد أو جماعة أو دولة، وهى تقصد للترويج إلى شىء غير حقيقى. ويطلق على عملية إطلاق الشائعات ونشرها «الإرجاف»، فالإرجاف هو إشاعة الأخبار الكاذبة المسيئة. وهو مشتق من الرجف والرجفان وهو الاضطراب والتزلزل؛ فالمرجفون قوم يتلقون الأخبار أو يصنعونها أو يحرّفونها زيادة ونقصاناً، ويتحدثون بها على مواقع التواصل الاجتماعى أو فى القنوات أو الجرائد أو غيرها. ومعنى الإرجاف هنا: أنهم يرجفون بما يؤذى الآخرين ويؤدى إلى إيجاد حالة من الخوف والتشكّك فى نفوس الناس وسوء الظن، سواء فى بعضهم البعض أو فى دولتهم أو جيشهم أو مؤسساتهم.
وهؤلاء هم الطابور الخامس وأذناب الجماعات الإرهابية وطائفة من المنافقين والذين فى قلوبهم مرض، ومثل هؤلاء متكرّرون فى كل عصر، وهم الذين قال القرآن فيهم: «وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ» (النساء: 83).
وقد عانت دولة الرسول الناشئة فى المدينة من هؤلاء المرجفين، ونزلت فيهم آيات القرآن راصدة للظاهرة ومعالجة لها؛ لأنها ظاهرة تتكرر فى كل العصور ومن ثم تحتاج إلى معالجة دوماً.
وربما يروق للقارئ الكريم أن أنقل له جزءاً من تعليق الفخر الرازى على هذه الآية، يقول: «اعلم أنه تعالى حكى عن المنافقين فى هذه الآية نوعاً آخر من الأعمال الفاسدة، وهو أنه إذا جاءهم الخبر بأمر من الأمور، سواءٌ كان ذلك الأمر من باب الأمن أو من باب الخوف أذاعوه وأفشوه، وكان ذلك سبب الضرر من وجوه: الأول: أن مثل هذه الإرجافات لا تنفك عن الكذب الكثير.
والثانى: أنه إن كان ذلك الخبر فى جانب الأمن زادوا فيه زيادات كثيرة، فإذا لم توجد تلك الزيادات أورث ذلك شبهة للضعفاء فى صدق الرسول عليه السلام.. وإن كان ذلك فى جانب الخوف تشوش الأمر بسببه على ضعفاء المسلمين، ووقعوا عنده فى الحيرة والاضطراب، فكانت تلك الإرجافات سبباً للفتنة من هذا الوجه.
الوجه الثالث: وهو أن الإرجاف سببٌ لتوفير الدواعى على البحث الشديد والاستقصاء التام، وذلك سببٌ لظهور الأسرار، وذلك مما لا يوافق مصلحة المدينة.
الرابع: أن العداوة الشديدة كانت قائمة بين المسلمين والكفار، وكان كل واحد من الفريقين فى إعداد آلات الحرب وفى انتهاز الفرصة فيه، فكل ما كان أمناً لأحد الفريقين كان خوفاً للفريق الثانى، فإن وقع خبر الأمن للمسلمين وحصول العسكر وآلات الحرب لهم أرجف المنافقون بذلك، فوصل الخبر فى أسرع مدة إلى الكفار، فأخذوا فى التحصُّن من المسلمين، وفى الاحتراز عن استيلائهم عليهم، وإن وقع خبر الخوف للمسلمين بالغوا فى ذلك، وزادوا فيه وألقوا الرعب فى قلوب الضعفة والمساكين، فظهر من هذا أن ذلك الإرجاف كان منشأ الفتن والآفات من كل الوجوه، ولما كان الأمر كذلك ذم الله تلك الإذاعة وذلك التشهير، ومنعهم منه».
إذن هى أكاذيب تُنشر من أجل إيجاد حالة من التشويش والحيرة والاضطراب وإضعاف الروح المعنوية للمجتمع بعامة والجيش بخاصة، مما يساعد على حدوث الفتن التى إن وقعت تحوّلت مصر إلى ساحة حرب أهلية أو حرب عصابات. وتستهدف هذه الشائعات من بين ما تستهدف اصطياد المعلومات؛ حيث إن الرد على الشائعات يؤدى إلى إظهار أسرار قد تتعارض مع الأمن القومى.
وعندما تتصدّر الشائعات المشهد، وتتعلق من حيث الكيف والكم بالأمن القومى للبلاد وتعريضها للاضطراب والفتن، هنا يقدم القرآن الحل:
«لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِى الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا. مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا» (الأحزاب: 60 - 61).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.