يبدو أن الهلع أصاب الأسواق المالية أمام تراجع الاقتصاد العالمى، وعبثاً حاولت الأسواق المالية التى سجلت تراجعاً كبيراً استعادة قوتها قبل أن تجتاحها بسرعة فائقة المخاوف حول الظروف الاقتصادية، إن ما حصل بالبورصة المصرية نتيجة لذلك كان أقرب إلى مفهوم «البيع الهلعى» وهو نموذج لنظرية «القطيع» البيع من دون وعى والبيع المرتبك والإفراط بالتشاؤم. المشكلة الأساسية الملاحظة من خلال المتداولين هى ظهور تحليلات مفرطة بالتشاؤم تستخدم مصطلحات بعيدة عن معناها المهنى، مثل «انهيار السوق» وتبنيها على مستوى المجموعات الأمر الذى يخلق رد فعل سلبياً مبالغاً فيه ومن هنا ظهرت ضرورة لعدم تناقل التحليلات غير المنطقية والتحليلات المبالغ فيها، غير المبنية على أسس اقتصادية أو مالية صحيحة، لأنها بكل تأكيد لا تنسجم مع المعطيات الأساسية للأسواق والاقتصاد، فبعض التحليلات تتوقع تراجع الأسعار لمستويات أقل بكثير لبعض الأسهم دون أى مبرر اقتصادى حقيقى. إن ما حدث هو درس للأفراد لإعادة هيكلة محافظهم والتمسك بالأسهم ذات الأساسيات القوية، والتى فى حال انخفاضها يكون محدوداً وتصلح للاستثمار طويل الأمد، فالثقافة الاستثمارية، خاصة لدى الأفراد المتعاملين فى أسواق المال، محدودة ويجب أن يكون هناك إدراك أساسى بأن الاستثمار فى الأسهم يجب أن يكون استثماراً طويل الأمد، وليس من أجل المضاربة أو المقامرة، وإذا كانت هناك مضاربة فيجب أن تكون محدودة. إن اللائمة لا تلقى هنا على طرف معين، بل هى مسئولية جميع الأطراف من المستثمرين والبورصة والهيئة والبنوك وشركات الوساطة، جميعها مسئولة عن رفع مستوى الثقافة الاستثمارية لحماية الاقتصاد من أى ضرر ناتج عن الجهل أو محدودية الثقافة الاستثمارية، خاصة بعد أن أصبحت البورصة مدرجة على مؤشرات عالمية وجاذبة لمحافظ استثمارية أجنبية، وهى محافظ لها حساباتها ولها مصالحها وهى مهنية كذلك. بالتأكيد، فإن ما حدث فى السوق هو خوف غير منطقى، لكن التصحيح كان متوقعاً، نحن أصبحنا جزءاً من الأسواق العالمية ونتأثر بالمستثمرين الأجانب، خاصة أن المحافظ الاستثمارية الأجنبية لها حساباتها، حيث إنها كانت قد بدأت تعيد بناء مراكزها الاستثمارية، لأنه كانت هناك عملية تصحيح بالأسواق العالمية، والتحسن فى أمريكا دفع تلك المحافظ الاستثمارية إلى مخاوف نتيجة توقعات برفع أسعار الفائدة على الدولار الأمريكى، وبالتالى بدأت المحافظ تبيع بشكل مقدماً. المشكلة أن بعض المحافظ الاستثمارية المحلية تقوم بالمضاربة، وليس الاستثمار طويل الأجل، وهذه نقطة سلبية، لدى هذه المحافظ التى يجب أن يكون استثمارها طويل الأجل، فالبعض يعتقد أن الارتفاع كان كبيراً ويتجاوز النمو الحقيقى للشركات، ضمن ظروف عالمية سلبية.