"شخص يعاني من مشكلة في وظيفة الجسم أو هيكله، والحد من النشاط هو الصعوبة التي يواجهها في تنفيذ مهمة أو عمل"، هكذا يكون تعريف "المعاق"، وفق منظمة الصحة العالمية، في حين صنفته وزارة القوى العاملة في مصر، على موقعها، في استمارة وظائف على أنه "أكتع ومشوه"، في تعريف اعتبره جموع ذوي الإعاقة إهانة بالغة لهم. حسن السباعي، المتحدث باسم الحركة المصرية لتمكين ذوي الإعاقة، رد على ما جاء بالموقع الإلكتروني لوزارة القوى العاملة، بتوصيف نوع الإعاقة للمتقدم لأي عمل بين "أكتع ومشوه"، بقوله: "من وضع هذا الإعلان على الموقع، يجهل في الأساس من هم ذوي الإعاقة، وأتحداه أن يعرِّف معنى كلمة الإعاقة، وهذا جهل بقضية المعاقين في مصر". السباعي، طالب رئيس الجمهورية ب"الاعتذار لذوي الإعاقة، عما جاء على موقع وزارة القوى العاملة والهجرة، ليعلم الرئيس أن وزراءه يجهلون معنى كلمة معاق، ويصفونه ب(الأكتع والمشوه)، كما نطالب الإعلام المصري بتكثيف برامجه، لتعريف غير المعاقين بالمعاق وقضيته". وتابع: "بدلًا من أن تدافع وزيرة القوى العاملة عن المعاقين، وتدخل لتعديل وضعهم بقانون العمل الذي لا يضغط على أصحاب العمل لتشغيل ذوي الإعاقة، ويضع غرامة 100 جنيه فقط على صاحب العمل في حالة عدم تشغيل ذوي الإعاقة، تتم إهانتنا على موقع الوزارة"، مضيفًا: "سنبحث الوضع القانوني لما جاء على موقع الوزارة، وإن ثبتت قانونًا الإهانة سنصعِّد الأمر قانونيًا". وواصل قائلاً: "قبل وأثناء وضع قانون مباشرة الحقوق السياسية، تم وضع كلمة (كل ذي عاهة) في مادة ذوي الإعاقة بالقانون، ولولا تدخلنا ورفضنا، ما حدث تعديل لها لتصبح كل (ذي إعاقة)، فذوي الإعاقة في المجتمع فئة لا يعرف عنها أحد شيئًا، ولا حتى المسؤولين في الحكومة". أما ريهام المصري، رئيس جمعية "7 مليون معاق"، فقالت إن تلك الاستمارة تدل على أن من كتبها لا يفهم أي شيء عن أوضاع المعاقين في مصر، لافتة إلى أن التقسيمات الوحيدة للأشخاص ذوي الإعاقة هي أصحاب الإعاقات السمعية والبصرية والحركية والذهنية. وأضافت ريهام، ل"الوطن"، أن تعديل الاستمارة على موقع الوزارة بحذف كلمة "أكتع" منها لا يعد معالجة للإساءة، ولكن إمعانًا في عدم فهم الطرق المثلى للتعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة، مطالبة باعتذار واضح من وزيرة القوى العاملة ناهد عشري، على ما بدر من موقع وزارتها تجاه المعاقين وتوضيح الأمر للرأي العام، والتعهد بألا تحوي بيانات الجهات المسؤولة أي تمييز سلبي أو إيجابي للأشخاص ذوي الإعاقة عن بقية المواطنين المصريين. فيما رأى محمد شعراوي، مؤسس النقابة المستقلة لذوي الاحتياجات الخاصة، فقال: "التصرف أصابنا بالذهول، لأن لفظ (أكتع) هذا لم يعد يستخدمه حتى الأميين وغير المتعلمين، فكيف لجهة رسمية كوزارة القوى العاملة والهجرة، أن تكتب مثل هذه العبارات المسيئة على موقعها"، متابعًا حديثه بسخرية: "كان ناقص يكتبوا أبو رجل مسلوخة بالمرة". وطالب شعراوي، وزارة القوى العاملة بتقديم "اعتذار رسمي لذوي الإعاقة على هذا التصرف غير السوي، كما أنه لا بد من معاقبة الموظف الذي كتب تلك الكلمات المسيئة لجموع المعاقين على موقع الوزارة"، لافتًا إلى أن "هناك خللًا كبيرًا في تعامل مؤسسات الدولة مع المعاقين منذ زمن، إلا أن هذا الخلل ازداد بطريقة غريبة في الفترة الماضية"، مدللًا على ذلك بتصريحات وزيرة التضامن، بأن عدد المعاقين في مصر لا يتعدى 700 ألف شخص، رغم أن آخر إحصائية لمنظمة الصحة العالمية، تؤكد أن عددهم 15 مليون شخص، واصفًا الأمر بأنه "تهوين" للقضية، بقوله: "يعني المسؤولين عرفوا يعدوا الجراد ومعرفوش يعدونا؟". بينما رأت علا عمار، إحدى نشطاء ذوي الاحتياجات الخاصة، أن ما نشره موقع وزارة القوى العاملة بخصوص وظائف المعاقين وضم أوصاف "الأكتع والمشوه" لهم، نتيجة طبيعية لما أسمته بسياسة "سد الخانة" التي تتبعها الدولة لمجرد إسكات المواطنين من ذوي الاحتياجات الخاصة، مؤكدة أن تلك الكلمات تدل على عدم وجود أي دراسة عن تقسيم الإعاقات وعدم استعانة وزارة القوى العاملة بأي مختص لإخراج استمارة توظيفهم بالشكل الصحيح، مستنكرة وصف ذوي الاحتياجات الخاصة بتلك الكلمات التي تستخدم أحيانًا للإهانة. وتابعت "عمار": أن الدولة تصطنع شرعية مزيَّفة لجهودها تجاه المعاقين بعمل خطوات غير محسوبة، بدأت بالمجلس القومي للإعاقة الذي "بحَّت" أصوات المعاقين لإصلاحه وتفعيل دوره الحقيقي لمساعدتهم، ثم ما فعلته وزارة النقل التي أحضرت أوتوبيسات خاصة للمعاقين لمجرد الاستهلاك الإعلامي دون التأكد من جودتها وصلاحيتها بالنسبة لهم، ثم الإهانة التي ارتكبها موقع وزارة القوى العاملة في حق ذوي الاحتياجات الخاصة. وأوضحت علا أن وزارة القوى العاملة فشلت في محاولة تصحيح خطئها، بإزالة الكلمات التي أثارت جدلًا شديدًا عند نشرها، دون أن تصحح الخطأ الأكبر بعدم التعامل اللائق مع المعاقين وتقسيمهم بشكل علمي ومتخصص، وشددت "علا" على ضرورة محاسبة المسؤول عن موقع وزارة القوى العاملة بشكل جاد، وإعطاء دورات تأهيلية للمسؤولين في التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة في الحياة العامة وفي إطار مسؤولياتهم الوزارية، دون تكرار إهدار المال العام والإساءة للمعاقين، أو عمل تدابير واهية لمجرد إظهار التعاطي معهم.