4 رؤساء و6 حكومات توالت على الحكم فى مصر، فشلت جميعها فى حل واحد من أبرز وأهم الملفات الاقتصادية، المصانع المتعثرة. وعلى الرغم من إعلان رؤساء حكومات ما بعد الثورة، بداية من عصام شرف وانتهاء بإبراهيم محلب، عن وضع الملف على رأس أولويات الحكومة، فإن الأمر لم يخرج عن كونه «حبراً على ورق» وفقاً لتأكيدات شريحة كبيرة من رجال الصناعة، فهناك أكثر من 900 مصنع حتى الآن، هى جملة ما تم الإعلان عن تعثره وتوقفه عقب «25 يناير»، وفقاً لتصريحات رسمية، فيما تقدر مصادر باتحاد الصناعات العدد بالآلاف. ورغم تخصيص الحكومة مبلغ 500 مليون جنيه لتعويم المصانع ومساندة المتعثرين، فإن الأموال التى أعلنت عنها حكومة حازم الببلاوى منذ مجيئها، عادت مرة أخرى إلى خزانة وزارة المالية، بسبب رفض البنك المركزى تسلمها وسعيه لإبقاء الجهاز المصرفى بعيداً عن ملف التعثر. وحسب بيانات مركز تحديث الصناعة فإن عدد المصانع المتعثرة بلغ 956 مصنعاً، لكن مجدى طلبة، عضو غرفة الملابس الجاهزة باتحاد الصناعات، يقول إن هناك آلاف المصانع المتوقفة فى الوقت الحالى بسبب مشاكل ائتمانية وعدم استقرار السوق. ويعود كثير من حالات تعثر المصانع إلى ما قبل 25 يناير 2011، فحوالى 70% من المصانع توقف بالفعل قبل الاضطرابات السياسية التى تشهدها مصر، نتيجة لمشكلات فى الإدارة، و30% منها توقف عقب هذا التاريخ نتيجة الركود الذى أصاب الأسواق وعدم قدرة تلك المصانع على تحمل الضغوط، خاصة أن معظمها يقع فى نطاق الصناعات الصغيرة والمتوسطة وفقاً لمصادر بوزارة الصناعة. ويقول مصدر بوزارة الصناعة إن الوزير منير فخرى عبدالنور رفض توفير التمويل اللازم لإنقاذ المتعثرين من خلال مركز تحديث الصناعة، نظراً لوجود تشابك بين المصانع والبنوك، كما أن محافظ البنك المركزى رفض تدخل الجهاز المصرفى فى مشاكل المصانع المتعثرة، فيما أكد أحمد طه، المدير التنفيذى لمجلس تحديث الصناعة، أن الملف لم يشهد أى تطورات حتى الآن. ووفقاً لتصريحات سابقة لمصادر بوزارة الصناعة فإن حكومة محلب قررت اللجوء إلى بنك الاستثمار القومى لحل أزمة المصانع المتعثرة، بعد رفض الجهاز المصرفى التدخل، وتوفير تمويل بقيمة 500 مليون جنيه للمتعثرين، لكن وحتى الآن لم يتم الإعلان عن نتيجة المشاورات بين وزارة الصناعة وبنك الاستثمار القومى حول آليات ومعايير محددة لصرف المبلغ المخصص للمصانع المتعثرة. ويعتبر محمد السويدى، رئيس اتحاد الصناعات، أن ملف المصانع المتعثرة «سياسى» وليس اقتصادياً، مشيراً إلى أن هذا الملف يتم استخدامه بشكل سياسى دون وضع حلول حقيقية وغير تقليدية تسهم فى إخراج المصانع من عثرتها بالفعل، ونقل التصريحات الحكومية للتنفيذ على أرض الواقع. ويقول خالد عبده، رئيس غرفة الطباعة باتحاد الصناعات، إن قطاع الطباعة يعد من أقل القطاعات التى تشهد حالات تعثر، مؤكداً أنه على الرغم من كافة الظروف التى تمر بها الصناعة بشكل عام والظروف التى تمر بها صناعة الطباعة بشكل خاص، فإن نسبة التعثر فى القطاع ليست كبيرة مقارنة بالقطاعات الأخرى. مشيراً إلى أن ملف المصانع المتعثرة يتطلب وجود إرادة حقيقية وقوية لحل المشكلات القائمة، موضحاً أن المصانع المتعثرة قادرة على استيعاب عدد كبير من العمالة حال إعادة تشغيلها مرة أخرى، فى الوقت الذى تسعى فيه الحكومة لخفض نسب البطالة. مضيفاً: الحكومة عليها وضع ملف التعثر على رأس أولوياتها، والعمل على إعادة تصنيف المشكلات التى تواجه المصانع سواء كانت مشكلات مادية أو فنية، والعمل على التواصل مع أصحاب تلك المصانع ووضع خطط قصيرة الأجل لحلها. ويلفت عبده إلى أن الفترة الحالية تعد الأنسب للعمل بجدية لحل أزمة المصانع المتعثرة، خاصة فى ظل تحسن الوضع الأمنى وحالة الاستقرار السياسى، مشدداً على أن نقص التمويل يعد من أهم المشكلات التى تواجه القطاع الصناعى بشكل عام، ويقول: هناك عدة طرق وآليات يمكن أن تسهم فى تسهيل حل مشكلة المتعثرين، من بينها خفض سعر الفائدة للمصانع المتعثرة، لحين عودتها إلى العمل مرة أخرى، فضلاً عن عمل برامج من خلال مركز تحديث الصناعة للدعم الفنى فى الجوانب الإنتاجية والتسويقية، بجانب تقديم الاستشارات التى تحول دون تكرار نفس الأخطاء التى أدت إلى التعثر. ويقول محمد البهى، رئيس لجنة الضرائب باتحاد الصناعات، إن الاتحاد خاطب وزارة المالية لاستثناء المصانع المتعثرة من الضريبة العقارية، مؤكداً أن هناك صلاحيات للوزير بموجب القانون الجديد تتيح له إعفاء غير القادرين من الضريبة، وأن أصحاب المصانع المتعثرة قد يدخلون ضمن تلك الفئة.