عبرت وزارة الخارجية المصرية عن استيائها من تطاول الرئيس التركى رجب طيب أردوغان على مصر، أثناء كلمته فى الأممالمتحدة مساء أمس الأول، فيما قرر وزير الخارجية سامح شكرى إلغاء المقابلة التى طلبها معه وزير الخارجية التركى مولود غاويش أوغلو. واعتبر دبلوماسيون أن إساءة الرئيس التركى لمصر من شأنها زيادة عزلة تركيا فى المنطقة، وأن «أردوغان» تحدث بلسان الإرهابيين فى وقت تحارب فيه مصر الإرهاب. وقالت الخارجية المصرية فى بيان لها مساء أمس الأول، «إن مصر تابعت باستياء واستنكار بالغين كلمة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان فى الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة العادية للجمعية العامة للأمم المتحدة، وما تضمنته من أكاذيب وافتراءات أقل ما توصف بأنها تمثل استخفافاً وانقضاضاً على إرادة الشعب المصرى العظيم كما تجسدت فى 30 يونيو، وذلك من خلال ترويجه لرؤية أيديولوجية وشخصية ضيقة تجافى الواقع». وأضافت الخارجية فى بيانها «لا شك أن اختلاق مثل هذه الأكاذيب والافتراءات ليس بأمر مستغرب أن يصدر عن الرئيس التركى، الذى يحرص على إثارة الفوضى وبث الفرقة فى منطقة الشرق الأوسط من خلال دعمه لجماعات وتنظيمات إرهابية سواء بالتأييد السياسى أو التمويل أو الإيواء بهدف الإضرار بمصالح شعوب المنطقة، تحقيقاً لطموحات شخصية لدى الرئيس التركى وأوهام الماضى لديه». وأوضح البيان أنه فى ضوء هذا التجاوز وما تضمنته كلمة «أردوغان» من خروج عن اللياقة والقواعد المتعارف عليها وتدخله السافر فى الشئون الداخلية لمصر فى خرق واضح لميثاق الأممالمتحدة وقواعد القانون الدولى، فقد قرر وزير الخارجية سامح شكرى إلغاء المقابلة الثنائية التى كان قد طلبها وزير خارجية تركيا معه على هامش أعمال الشق الرفيع المستوى للجمعية العامة والتى كان مقرراً لها أن تعقد أمس. وأشار البيان إلى أن مصر تثمن علاقة الصداقة والروابط التاريخية التى تجمعها مع الشعب التركى، وتُقدر جيداً أن هذا التوجه من قبل الرئيس التركى يُعد خروجاً عن إطار هذه العلاقة ومشاعر الأخوة التى تربط بين الشعبين. واعتبر دبلوماسيون أن تطاول «أردوغان»، وتدخله فى الشئون الداخلية المصرية، ليس أمراً جديداً، ولكنه استمرار لتصريحاته السلبية إزاء الأوضاع فى مصر، منذ سقوط تنظيم الإخوان، الذى ينتمى له ويدعمه، فيما قللوا من أهمية تصريحاته. وقال السفير الدكتور السيد أمين شلبى، المدير التنفيذى للمجلس المصرى للشئون الخارجية، ل«الوطن»، إن تطاول الرئيس التركى، أجهض توقع البعض بأن طلب وزير الخارجية التركى اللقاء مع نظيره المصرى قد يمثل اتجاهاً تركياً جديداً لتحسين العلاقات، مؤكداً أن تصريحات «أردوغان» تعد استمراراً لمواقفه السلبية من مصر وتدخلاته غير المقبولة، داعياً للتعامل مع تركيا بالمثل. وأكد «شلبى» أن سلوك «أردوغان» غير اللائق، قطع الطريق أمام أى تعاون مصرى - تركى إيجابى فى قضايا المنطقة، مشدداً على أن تركيا هى الخاسر وموقفها يزيد عزلتها فى المنطقة، فيما اعتبر إلغاء اللقاء بين وزيرى الخارجية رداً طبيعياً من مصر لانتفاء أى أساس للحوار. ودعا «شلبى» إلى الفصل بين هذه المواقف الثنائية، وبين العلاقات التجارية والاستثمارية النشطة بين الشعبين والمؤسسات التجارية فى البلدين. من جانبه، قلل السفير كمال عبدالمتعال، عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، من أهمية تصريحات «أردوغان»، معتبراً أنها تضر بتركيا أكثر مما تضر مصر، وتظهر للعالم أنها دولة داعمة للعنف والإرهاب، الذى تحاربه مصر. وأكد «عبدالمتعال» أن الرئيس التركى تحدث بلسان تنظيم «الإخوان» الإرهابى، مؤكداً أن نجاح الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال كلمته، فى توضيح رؤية مصر للأوضاع داخلها وخارجها، تجاوز كل محاولات إحراج مصر فى هذا المحفل الدولى المهم. واعتبر السفير ناجى الغطريفى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن خطاب «أردوغان» يتنافى مع ميثاق الأممالمتحدة، ومع الأعراف الدبلوماسية المتبعة، ويعد تأكيداً جديداً للموقف التركى المعادى لمصر، وقال إن «خطاب الرئيس التركى تحريضى، الهدف منه تحريض الإخوان على مزيد من العنف فى مصر، وتحريض الدول الأعضاء بالأممالمتحدة على اتخاذ مواقف سلبية من مصر». فيما أكد أن رد وزارة الخارجية على تلك التصريحات جاء قوياً ومنضبطاً، ولم يكرر الأخطاء التى ارتكبها «أردوغان» بل أظهره فى صورة من ينتهك ميثاق الأممالمتحدة التى ألقى بها الخطاب، وهذا يعد إحراجاً له.