«تعلم أن تحترم الإشارات وأن تتبعها، فلنصغِ بانتباه إلى الطفل الذي يعيش في قلبنا، الذي يقاتل في سبيل النور لا يخشى أن يبدو مجنونًا، عندما نتمنى شيئا من قلبنا الكون بأكمله يتآمر حتى تتحقق هذه الأمنية»، مختارات من أقوال أو كتابات الأديب البرازيلي باولو كويلو، الذي يعد من الكتاب الأكثر مبيعًا في العالم والأكثر ثراءً قاطبة، تُرجمت كتبه إلى 45 لغة، ووزعت كتبه في 120 دولة. كتاباته تحرك قدراتنا على الحلم، وإرادتنا على البحث وعلى خلق أنفسنا من خلاله، أدخل الأمل في قلوب من لا أمل لهم، أعطى لأعماله مساحة واسعة للبحث الفلسفي، فإذا به يزيد الإيمان في الإنسان، من المستحيل تجنبهِ هو في كل مكان، بكتبه ارتقى لمرتبة جبران خليل جبران، والنبي والأمير الصغير ل أنطوان دو سانت إكزوبيري، يثير باولو كويلو في موطنه لغطًا كبيرًا، حول شخصه، والمثقفون يشككون في كتاباته، وفق ما وصفه الإعلامي اللبناني ريكاردو كرم خلال استضافته للأديب البرازيلي، عبر برنامجه «ما وراء الوجوه». أشهر كتاب عصره كثير هي الكتب التي غيرت حياة الناس، وقد أجمع الكثيرون أن قراءة كتب باولو كويلو قدمت لهم تجربة لا تنسى، فعلى اختلاف ثقافات القراء وأذواقهم، استطاع هذا الروائي أن يأخذهم إلى عالم من خياله، مما جعله من أشهر كتاب عصره. الخيميائي رواية «الخيميائي» هي من صنعت اسمه عالميًا فقد بيع منها أكثر من مائتي مليون نسخة وترجمت إلى 80 لغة، مما جعل الرواية تدخل موسوعة جينس للأرقام القياسية، لأكثر رواية مترجمة لمؤلف على قيد الحياة، ولكن ما هي العوامل التي جعلت من هذا الكاتب الذي حطم كل الأرقام ظاهرة أدبية فريدة، قد يعود السبب إلى البداية الصعبة. ولد باولو كويلو في مثل هذا اليوم، في مدينة ريودي جانيرو، عام 1947، وقد نشأ في أسرة متدينة محافظة، ولم يقبل والده المهندس رغبة ابنه في أن يصبح كاتبًا، لأنه لم يرَ أي مستقبل في هذه المهنة. مصحة عقلية في الطفولة والمراهقة اتسمت شخصية كويلو بالتمرد والانطوائية، كان شغوفًا بالمطالعة والكتابة، مما جعل والديه يدخلانه مصحة للأمراض العقلية، هرب منها ثلاث مرات قبل وصوله لسن العشرين، وقد وصف كويلو فعله بأنَّه بدافع الخوف وليس الكره، فالبلاد كانت تمر بأوضاع سيئة وكان الخوف من المستقبل مسيطرًا عليه، لم يتمكن من فهم اختلافه، فنعتوه بالجنون. دراسة القانون وجولة حول العالم انساق كويلو إلى رغبة والديه، ودرس القانون، لكنه ترك الجامعة بعد إتمامه للسنة الأولى، انضم بعدها إلى حركة تدعى «هبكيز»، وهي حركة حرصت على خلق جو عشوائي ثائر، متمردٍ على القوانين المجتمعية ومعهم سافر إلى بلدان عدة، ثم عاد إلى البرازيل وبدأ في كتابة الأغاني لفنانين مشهورين، تعرض للسجن أكثر من مرة، لأن كلمات الأغاني تضمنت ما وُصف بالميل إلى اليسارية المغرضة، وفق ما جاء في تقرير تليفزيوني ل«MBC». التفرغ للكتابة وفي عام 1986 أجرى كويلو رحلة إلى إسبانيا، قام خلالها بمسيرة مسافتها 800 كيلومتر على طريق سانتياجو دي كومبوستيلا الشهير، والذي يعتبر موقعا من مواقع الحج الدينية وهذه الرحلة أمدته بصحوة روحانية، قرر بعدها أن يتفرغ كليًا للكتابة، وكتب أكثر من 33 رواية. تأثر كويلو بالثقافة العربية، وقال عنها إنَّها مفتاح للإلهام، أما عن الإسلام فقد صرح في أحد لقاءاته وقال: «بالنسبة لي، الخيميائي كتاب عن الإسلام، إني لا أدعي بأني أعرف الإسلام بعمق، لكني أعرف أن الثقافة العربية جلبت الكثير إلى العالم في ميادين الفن والعلم والفلسفة والطب. وفي سرده الروائي، يعد ماهرًا في اكتشاف الذات البشرية، ويرسم شخصياته بغموض يجذب القراء ويحاكي خيالهم، مسيرة حياة باولو كويلو تؤكّد مقولة ذُكرت في روايته الشهيرة ومازال يعيش عليها، «إذا أردت شيئا يتضافر الكون كله لمساعدتك على تحقيقه. ريشة بيضاء يعيش كويلو مع زوجته في جنيف، ويعد من أكثر الكتاب تفاعلًا على منصات التواصل الاجتماعي، «إذا أردت ريشة بيضاء اليوم فهذه علامة أنني يجب أكتب»، طريقة اتبعها كويلو للتغلب على تأجيل الكتابة، حيث عثر على ريشة بيضاء ذات يوم على نافذته، وبدأ الكتابة في ذلك اليوم، وخلال السنوات الثلاثين الماضية بدأت كتاباته بهذه الطريقة؛ إشارةٌ بوزن الريشة حملت القراء إلى عالم مليء بالخيال والإبداع، وصنعت من كويلو كاتبًا من الوزن الثقيل.