منذ ثلاثة شهور مضت، صدر القانون «لا يجوز لغير المعينين المتخصصين بوزارة الأوقاف والوعاظ بالأزهر الشريف المصرح لهم، ممارسة الخطابة والدروس الدينية بالمساجد وما فى حكمها، ويصدر بالتصريح قرار من شيخ الأزهر أو وزير الأوقاف حسب الأحوال»، كانت هذه هى بداية المعركة التى خاضها وزير الأوقاف مع قادة الدعوة السلفية لاستعادة هيبة المؤسسة الدينية وإحكام السيطرة على المساجد على مستوى الجمهورية، بعد ما تم استغلالها من أجل تحقيق مكاسب سياسية والترويج للحملات الانتخابية، خاصة من حزب النور. وقف وزير الأوقاف بالمرصاد لأقطاب الدعوة السلفية، وأعلن مواجهتهم من أجل الحفاظ على قدسية المساجد ومنع استغلال المنابر أو جعلها بوقاً لأفكار وتيارات سياسية، فصرح أمس الأول «لن يتم السماح لأى رمز سياسى أو حزبى باعتلاء منابر المساجد»، مشيراً إلى «حرص الوزارة على أن تنأى بنفسها عن الصراعات الحزبية والسياسية». فى المقابل أصر السلفيون على موقفهم، انتهكوا قانون الوزارة، واعتلوا المنبر دون تصريح مسبق، ألقوا عدة خطب دينية، ودروس بالمخالفة للقانون، فما كان من الأوقاف إلا أن حررت ضدهم محاضر بأقسام الشرطة. جاءت هذه التجاوزات، مخالفة لما أعلنه مشايخ الدعوة السلفية وحزب النور من احترامهم لميثاق الشرف الدعوى الذى أطلقته الأوقاف من أجل ضبط الخطاب الدينى، لكن سرعان ما انقلبوا عليه ولم يلتزموا بتعليمات الوزارة، ولم ينتظروا البت فى طلبات الخطابة المقدمة لوزارة الأوقاف، ولم يتم الإعلان عنها بشكل رسمى، ومخالفة كل قرارات الأوقاف التى تهدف لإبعاد الدعوة ومساجد الله عن السياسة والحزبية. على أن السلفيين لم يفقدوا الأمل، راحوا يلوحون بالورقة الأخيرة فى أيديهم، هم وحدهم الذين تستطيع الدولة أن تعتمد عليهم لمحاربة الفكر «الداعشى» الذى ينتشر فى الشام والعراق، وحدهم هم من سيكبحون جماح الفكر المتطرف، ومن سيعيدون الشباب للوسطية، بدعوى «نار السلفيين ولا جنة داعش»، لكن المواجهة بين الوزارة والدعوة السلفية، لم تأخذ طريق المهادنة، بل قطعت الوزارة الطريق على مشايخ السلفية عندما تقدمت ببلاغات رسمية ضد الشيخ «ياسر برهامى» والتى تم تحويلها إلى واقعة جنحة، ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل أعلن وزير الأوقاف، أنه لا توجد أى اتفاقيات سواء معلنة أو خفية مع السلفيين، محذراً من أنه لا يمكن الاستمرار فى اختراق القانون. حاول وزير الأوقاف مراراً وتكراراً، مطالبة الجميع بتطبيق الالتزام بالدعوة، والانتهاج بمنهج الأزهر الشريف، القائم على الوسطية والاعتدال، بعيداً عن أى تشدد أو غلو، حتى خرج الوزير معلناً «على جثتى أن يحصل السلفيون على تراخيص خطابة وهم يشتغلون بالسياسة حتى لا يحولوا بيوت الله إلى أوكار ومقرات انتخابية مثلما فعل الإخوان مما أساء للدعوة والدعاة ونال من قدسية المساجد».