من نافلة القول أن القانون يجب أن يسرى على الجميع، وأن المواطنين سواسية أمام القانون، هذا إذا أردنا أن نكون دولة محترمة ونخرج من الفوضوية والعشوائية التى هيمنت على سلوك المصريين لعقود طويلة، فشوهت الشخصية المصرية، بسبب فساد السلطة وتزاوج رأس المال بها، والمحسوبية والرشوة والفهلوة والمصالح الشخصية التى صبغت دوائر اتخاذ القرار على أعلى مستوى لفترات طويلة سابقة. لكن عن أى قانون أتحدث؟ عن قانون التظاهر الذى رفضت بنوده غالبية الأحزاب ومنظمات المجتمع المدنى والحقوقيون؟ قانون تم تفصيله للتنكيل بشباب 25 يناير؟ قانون أول ما تم تطبيقه كان على متظاهرين سلميين وشخصيات عامة معروفة بعدائها للإخوان وإيمانها ب«30 يونيو» كانوا أمام مجلس الشورى، وتم التعامل معهم بانتقامية وتصفية حسابات مروعة أمام الكاميرات، والفيديوهات ملء السمع والبصر، بالضرب والتنكيل والقبض العشوائى، قانون تم إقراره فى غياب البرلمان المنتخب ممثل الشعب؟ قانون طالب الكثيرون بتعديل بنوده لتتماشى مع بنود دستور 2014 الذى يضمن حق التعبير عن الرأى طالما كان بسلمية وبدون إتلاف ولا تدمير؟! وكان نتاج التطبيق الأعمى لهذا القانون المجحف الذى خرج فى غياب ممثلين عن الشعب، هذا القانون «الحكومى» المسلط على العباد والرقاب، أن تم حبس عدد كبير من شبابنا وفتياتنا المنتمين لثورتى 30/25 والذين لم يكن معهم إلا هتافات ولافتات، ماهينور المصرى، أحمد دومة، علاء عبدالفتاح، وغيرهم، الذين لم يجدوا إلا الإضراب عن الطعام والأمعاء الخاوية فى الزنازين وسيلة لإيصال صوتهم! وقبل انتخاب الرئيس السيسى أثناء المرحلة الانتقالية، تعاملت ماكينة إعلام بلا ضمير أو رحمة مع هؤلاء باعتبارهم عملاء وخونة وممولين. وهنا تصدق مقولة «جوبلز» وزير إعلام هتلر «أعطنى إعلاماً بلا ضمير.. أعطك شعباً بلا وعى»، فلم ينتظر هؤلاء أن يصدر حكم المحكمة على المقبوض عليهم تطبيقاً لمبدأ العدالة الشهير «المتهم برىء حتى تثبت إدانته»، وقاموا بإصدار أحكامهم وجلد الشباب بالتسريبات الملفقة بفعل المونتاج، والتى كما يقولون تهبط على نوافذهم من الحمام الزاجل! ولا توجد أى أجهزة -لا سمح الله- تمنحهم إياها انتقاماً من الشباب! هذا على أساس أن الشعب كله مجموعة من البلهاء أو المعتوهين! وكانت النتيجة أن تم تشويه الشباب شعبياً وإسقاط حقوقهم حتى فى طلب محاكمة عادلة لا تخضع لرأى عام مفترس بفعل مجموعة من أراجوزات الإعلام الذين يفتخرون للأسف بأنهم مخبرون! وهنا أجد أنه من واجبى، كإعلامية أفتخر بانتمائى لثورتى 30/25، وأعلم أننى أدخل عش الدبابير، عش أنصار «وطنية» الذين عاثوا كالدراكيولا فى كل مكان بعد 30 يونيو، لكن الساكت عن الحق شيطان أخرس، فمن خرج يهتف فى 25 يناير «عيش، حرية، عدالة اجتماعية»، ومن خرج يهتف فى 30 يونيو «يسقط حكم المرشد»، حاملاً كفنه على يده فى الحالتين، لا يخشى الآن من اللجان الإلكترونية التى ترِّوع كل المنادين بالحرية وحقوق الإنسان.. أقول أجد من واجبى أن أطالب السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى أؤمن بحرصه على حقوق كل مواطن مصرى، خاصة أن هذا القانون صدر قبل انتخابه، بإصلاح هذا الخطأ، وتشكيل لجنة قانونية لتعديل هذا القانون المجحف، والنظر فى استغاثات أهالى الشباب المحبوسين، كما أطالبه بسرعة اتخاذ اللازم لإنجاز الهيئات الإعلامية الثلاث ووضع ميثاق الشرف الإعلامى، لتطهير هذه المهنة من الدخلاء والمرتزقة وأصحاب الأجندات، فإذا كان شعار السيسى هو تحيا مصر، فإنها لن تحيا إلا بالعدل وبسواعد أبنائها، وباحتواء الآراء المعارضة ما دام الإطار العام هو الدولة ومؤسساتها والديمقراطية. سيدى الرئيس المخلص والخلوق صاحب الشعبية العريضة والقرارات الحاسمة والمشاريع القومية الكبرى.. كمل جميلك، لكى تحيا مصر. لا بد أن يكون العدل أساس الملك.. وللحديث بقية.