ظلت مصر مصدرة للغاز الطبيعي إلى الكيان الصهيوني لعدة سنوات، عن طريق خط الغاز الممتد في أرض الفيروز مرورًا إلى الكيان لمده بالغاز، قبل أن تستغل تل أبيب فترة الثورة المصرية وتقوم بالبحث والتنقيب على الغاز في أعماق البحر المتوسط بكل اطمئنان من منطلق أن الشعب والسلطات تنشغل بالأحداث الداخلية حتى تسيطر وتستولي على ما وصلت إليه خارج مياهها الاقتصادية، لتصبح إسرائيل التي كانت تنتظر الغاز من الأراضي المصرية، تمتلك غازًا يكفيها ربع قرن، بالإضافة إلى إعلان الحكومة الإسرائيلية موافقتها على تصدير 40% من احتياطي الغاز المكتشف، وذكرت وزارة البنية التحتية الإسرائيلية أن البلاد ستجني هذا العام ما يقدر بنحو 208 ملايين دولار أمريكي، كإيرادات ضريبية على تصدير الموارد الطبيعية. وأثارت القضية الأوساط المصرية بعد تأكيدات خبراء البترول استيلاء إسرائيل على بعض حقول الغاز في المتوسط ومنها حقل "تمار"، وحقل "ليفاثان"، وغيرهم، وخاصة أن حقل تمار يحتوى على أكبر مخزون غاز إسرائيلي، حيث أشار الخبير البترولي إبراهيم زهران إلى أحقية مصر في الآبار التي استولت عليها إسرائيل بمياه المتوسط، لافتًا إلى أن هناك قضية مرفوعة في مجلس الدولة لتعديل اتفاقية ترسيم الحدود الاقتصادية بين مصر وقبرص والتي تم إبرامها 2004. وأضاف زهران، أنه والسفير إبراهيم يسري بالإضافة إلى بعض الخبراء معترضون على اتفاقية 2004 لإعادة ترسيم الحدود مرة أخرى، مشيرًا إلى أن لمصر حق في حقل "تامار" الذي استغلته إسرائيل، مؤكدا وجود ثلاثة أو أربع حقول تستولي عليهم إسرائيل ما يعادل 400 مليار دولار. وقالت صحيفة "جلوباس" الاقتصادية الإسرائيلية، مارس الماضي، إن ضخ الغاز من الحقل بدأ في عام 2013 حيث استهلكت إسرائيل غازًا طبيعيًا بكمية 6.9 مليار متر مكعب من الغاز، بزيادة 170% عن الاستهلاك عام 2012 عندما توقف ضخ الغاز من الأراضي المصرية، حيث انخفض الاستهلاك انخفاضا حادا، مشيرة إلى أن إجمالي دخل "تامار" عام 2013 كان حوالي مليار دولار لكل الشركاء، مؤكدة أن برنامج التطوير في الحقل تكلف حتى اليوم 3.2 مليار دولار. فيما أكد موقع "كلكست" الاقتصادي الإسرائيلي، أن تامار يعد من أكبر حقول الغاز الطبيعي لاحتوائه على نسبة أعلى من احتياجات السوق المحلي، وهو ما دفع وزارة الطاقة الإسرائيلية للمسارعة في عمل أول مناقصة لبناء خط أنابيب داخلي يبدأ من المكان التي ينتهي منه خط الأنابيب الثقيل، حيث قسمت الحكومة الدولة الإسرائيلية إلي ستة قطاعات جغرافية، يكون لكل شركة قطاع تعمل به. وقال زهران إن حجم الغاز المستخرج من الحقول الإسرائيلية كبير جدًا ولا يمكن تخزينه، ولا بد أن تقوم إسرائيل بتصديره إما عن طريق مد خطوط أنابيب للدول المستوردة وهو شيء مكلف جدًا إما أن تبني غرفًا للإسالة على شواطئها، ولكنه أشار إلى أن الطبيعة الجغرافية لإسرائيل لا تمكنها من بناء هذه الغرف وهي أيضًا مكلفة جدًا، لافتًا إلى أن الحل الثالث والأخير عادت مرة أخرى في الأيادي المصرية، وذلك لوجود غرف إسالة غاز طبيعي في دمياط، فأثار ذلك حفيظة الخبراء من تخوفات قيام مصر باستيراد الغاز الطبيعي من إسرائيل. وفي صدمة كبيرة من نوعها، وبعد أزمة نقص الغاز المصرية، قالت صحيفة "كالكاليست" الاقتصادية الإسرائيلية إن الشركات المالكة لحق استغلال حقل تمار للغاز الطبيعي وقعت مذكرة تفاهم لبيع الغاز الطبيعي لشركة "يونيو فينوسا" الإسبانية، التي تملك مع شركة "إيني" الإيطالية مصنعًا لتصدير الغاز المسال في دمياط، أي أن مشكلة الغاز الطبيعي الإسرائيلي ستقوم مصر بحلها. أضافت "كالكاليست"، أن الشركات المالكة لحقل "تمار"، ستبيع خمس الإنتاج لمصر، وأن اتفاقية التفاهم التي تم التوقيع عليها تنص على الوصول إلى اتفاقية رسمية خلال ستة أشهر مقبلة، وتقضي أن حقل تمار من الممكن أن يوفر سنويا لمصر 4.5 مليار متر مكعب من الغاز سنويا لمدة 15 عاما مقبلا. فيما كشف موقع "ذا ماركر" الإسرائيلي، عن وجود مخاوف إسرائيلية من أن صفقة الغاز مع مصر تتعدى الحصة المسموح بها للتصدير والتي حددتها الحكومة الإسرائيلية وقت اكتشاف هذه الآبار، حيث بدأت تقريرها بسؤال "هل صفقة الغاز الكبيرة من حقل تمار ستخترق الحدود التي حددتها الحكومة الإسرائيلية؟". وأضاف الموقع الإسرائيلي، أن الشركات المالكة لحق استغلال حقل تمار للغاز الطبيعي، أصدرت تقريرًا قبل أسبوع، بتوقيع مذكرة تفاهم لبيع الغاز الطبيعي لشركة "يونيو فينوسا" الإسبانية، التي تملك مع شركة "إيني" الإيطالية مصنعًا لتصدير الغاز المسال في دمياط، مشيرًا إلى أن الشركات كانت أعلنت اعتزامها على توقيع بيع 67.5 مليار متر مكعب في هذه الفترة ما يعادل 24% من حجم المخزون، وكانت الشركات وقّعت بالفعل مع الأردن اتفاقًا قبل شهرين لتصدير 1.8 مليار متر مكعب. ووفقًا لقرار الحكومة الإسرائيلية 2013 فسمحت فقط بتصدير 40% من الغاز الإسرائيلي، ووفقًا لذلك فإن ما يمكن تصديره فقط من حقل تمار يصل إلى 50 مليار متر مكعب من مخزونه، وفقًا للموقع. ومن ناحية أخرى نفت وزارة البترول المصرية وجود أي مفاوضات حول استيراد الغاز الطبيعي من إسرائيل أو نقله لتصديره عبر الموانئ ووحدات الإسالة المصرية، وأن خطاب الشركة العالمية الذي أرسلته لا يعد اتفاقًا كما ذكرت المواقع الإسرائيلية والإخبارية، حيث جاء في تصريح الوزارة على لسان مصدر مسؤول كالتالي: "صرح مصدر مسؤول بوزارة البترول أن ما نشرته وكالات الأنباء حول توقيع خطاب نوايا بين شركتيّ نوبل إنيرجي ويونيون فينوسا جاس الإسبانية لتصدير الغاز لا يتعدى كونه خطاب نوايا وأنه ليس هناك تفاصيل بشأن ما نُشر، فقد تم طلب عقد اجتماع مع رئيس شركة يونيون فينوسا لمعرفة التفاصيل حول هذا الخبر، وأكد المصدر أنه لن تكون هناك أي اتفاقات بين أي أطراف إلا بموافقة السلطات المصرية المختصة وبما يحقق المصلحة القومية لمصر، وأكد أن مصر لديها بنية أساسية متكاملة للغاز الطبيعي ونقله وإسالته وتسويقه سواء داخليًا أو خارجيًا وأن السوق المصرى يعد من أكبر الأسواق المستهلكة للغاز الطبيعي على المستوى العالمي". وفي إطار الصفقة المبرمة بحسب المواقع الإسرائيلية، أكدت صحيفة "يسرائل هيوم" الإسرائيلية، إن الشركات المالكة لحقل الغاز الطبيعي "ليفياثان" الإسرائيلي، في الوقت التي قالت فيه صحيفة "جلوباس" الإسرائيلية، إنه سيكون هناك خط أنابيب ثالث من أجل تصدير الغاز لمصر، موضحة أن معدل الإنتاج من حقل الغاز الإسرائيلي "تمار" سيتم تضعيفه من 20 إلى 22 مليار متر مكعب في العام، بعد أن يتم مد خط أنابيب ثالث من البئر إلى منصة نفطية قبالة سواحل أشدود؛ لتوفير 6 مليارات متر مكعب من الغاز للاقتصاد الإسرائيلي، وضخ كمية مماثلة لغرف الإسالة بدمياط في مصر. وعاد موقع "جلوباس" الإسرائيلي هذه الأيام ليؤكد استمرار صفقة الغاز بين مصر وإسرائيل، قائلًا إنه على الرغم من التوتر في المنطقة بسبب عملية "الجرف الصامد"، إلا أن تل أبيب والقاهرة تستمران في إجراء المفاوضات على صفقة الغاز الطبيعي بحجم 60 مليار دولار، ونقل عن موقع "بلومبرج"، أن الغاز الذي يتم استخراجه من آبار الغاز الإسرائيلية سيتم تصديره لأوروبا وآسيا عن طريق مصر، لأنه الخيار الأمثل لإسرائيل بعد فتح آبار الغاز. وأضافت الصحيفة الإسرائيلية، أن شركات الطاقة تجري اتصالات مع شركات BG البريطانية، وشركة "يونيون فينوسا"، الإسبانية، لبيع 6.25 ترليون متر مكعب من الغاز على مدة 15 عامًا، وذلك عن طريق غرف الإسالة الموجودة في دمياط.