"أنا العاشق السيئ الحظ تمرد قلبي علي، أنا العاشق السيئ الحظ نرجسة لي وأخرى علي، أمر على ساحل الحب أُلقي السلام سريعًا، وأكتب فوق جناح الحمام رسائل مني إلي". يقف كشاب طويل وسيم في مقتبل العمر بابتسامة رقيقة، تمتد يده لتحتضن فتاة لها ملامح أوربية في تلك الصورة التي تعود إلى عقود بعيدة مضت ضمت آمال وأحلام بسيطة في مقبل العمر، ملامح إنسانية محددة لا تعرف الدين أو الهوية بدآ يدركان الفروق بينهما، الفرق بين عروبة محمود ويهودية ريتا، فرق الانتماء، الهوية، الدين والثقافة. عبرت قصائد محمود درويش "ريتا والبندقية" و"شتاء ريتا الطويل"، عن حب خفي في حياته لم يقدر له الحياة سوى بداخله، ليعلن درويش لأول مرة أنه أحب فتاة يهودية إسرائيلية من أب بولندي وأم روسية دون الكشف عن اسمها أو هويتها الحقيقية. ليجيب محمود عندما تلح عليه إحدى الصحفيات لمعرفة حقيقة قصة ريتا، "إذا كان يريحك أن اعترف بأن هذه المرأة موجودة، فهي موجودة أو كانت موجودة، تلك كانت قصة حقيقية محفورة عميقا في جسدي... في الغرفة كنا متحررين من الأسماء، ومن الهويات القومية ومن الفوارق، ولكن تحت الشرفة هناك حرب بين الشعبين". وعرضت المخرجة والمصورة ابتسام مراعنة، من خلال فيلمها الوثائقي "سجل أنا عربي"، عددًا من خطابات الحب التي كتبها درويش إلى حبيبته باللغة العبرية التي كان يجيدها، ومن بينها خطاب يقول لها فيه: "أردت أن أسافر إليك في القدس حتى أطمئن وأُهدئ من روعك، توجهت بطلب إلى الحاكم العسكري بعد ظهر يوم الأربعاء لكي أحصل على تصريح لدخول القدس، لكن طلبي رفض، لطالما حلمت بأن أشرب معك الشاي في المساء، أن نتشارك السعادة والغبطة، صدقيني يا عزيزتي إن ذلك يجيش عواطفي حتى لو كنت بعيدة عني، لا لأن حبي لك أقل من حبك لي، ولكن لأنني أحبك أكثر، حبيبتي تامار، أؤكد لك مرة أخرى أني معك، وأنك لست وحدك. ربما ستعانين بسببي، ولكنني أقف إلى جوارك. شكرا لك يا تامار، لأنك جعلت لحياتي طعما، إلى اللقاء. حبيبك محمود". لا يمكن وصف درويش بالمحظوظ في حياته العاطفية، فقد تزوج مرتين، إحداهما كانت من رنا قباني ابنة أخ الشاعر نزار قباني إلا أنهما انفصلا بعد بضعة سنوات، وتزوج في منتصف الثمانينيات من مترجمة مصرية واستمر الزواج نحو عام، ليقول " لم أتزوج مرة ثالثة ولن أتزوج إنني مدمن على الوحدة". ليبقى شاعر الحب الذي ألقى بظله الوافر على العشاق يعيش على ذكرى حب قديمة، حيث كان يحب الوقوع في الحب رغم اعترافه بفشله فيه، ليظل درويش نفسه قصيدة الحب التي لا تنتهي.