زوج متوفى، ابن عاجز، وطفلة لم تتجاوز الثمانية من عمرها تعثرت في سداد مصروفات المدرسة ضيقًا لليد، هي كل ما تبقى من زيجة "ناهد"، الأم التي حوَّل حياتها دين بقيمة 300 جنيه إلى "جحيم" يتراكم كل شهر، فأصبح ذلك الرقم سببًا في كل مشكلة تقابلها، ويبقى السؤال عالقًا في ذهنها كل ليلة، هل تسدد دينها أم تستقطع ذلك المبلغ من أجل شراء "أكياس دم" لابنها الذي أصابه ضمور في المخ منذ الولادة وتسمم في الدم، إلى أن أصبحت الأم الثلاثينية المريضة بداء السكري على بعد خطوات من "السجن" بسبب عدد من إيصالات الأمانة التي أجبرها فقرها على كتابتها من أجل نجدة طفليها من الهلاك والتشرد. تعرِّض نفسها للمخاطر يوميًا، تتسلل بين تجار السوق السوداء للمخدرات أملًا في شراء شريط مخدر لحالة ابنها بعد فشلها في الحصول عليه من المنافذ القانونية (الصيدليات)، لكن "ناهد رمزي السيد"، تضع حياة ابنها "حسام" في كفة، وهى في الأخرى "وكفة ابني هي اللي هطب والبوليس لو مسكني مكنتش مقصرة في حقه"، رغم تشخيص الأطباء بأن الحالة متأخرة إلا أن الأم المكلومة لا تصغى لمن حولها "سيبك من علاجه مهو كدا كدا ميت" وتصر على أن تستمر في محاربة آلامه إلى أن يسترد الخالق أمانته، وفق قولها. 300 جنيه هو الرقم الذي تسبب في تشرد الأسرة، فهو قيمة الإيجار الشهري لمنزلها الرث في عزبة أبوحشيش القريبة من منطقة الزاويا الحمراء، وقيمة أكياس الدم التي يحتاجها "حسام" الذي يوحي جسده بالطفولة لكن عمره 18 ربيعًا، و300 جنيه أخرى مستلزمات مصاريف ابنتها "رحمة" التي تركت المدرسة منذ أن تُوفي والدها منذ عامين، علاوة على الدين الذي تجاوز 4000 جنيه، ما دفعها لرهان "عفش البيت" ب300 جنيه حتى تستطيع إنقاذ ولدها من نوبات التسمم التي تأتيه فتصيبه بحالة هياج "أهل الخير عملوا له عمليتين تجميل في شفايفه لأنه بيقطعها لما بتجيله النوبة"، حسب ناهد. "دول عيالي حتة من لحمي، وأنا أهون عليا أتحبس ولا أضيَّع نفس على ابني بيتنفسه" كلمات أخيرة سردتها "أم حسام" بتنهيدة تضيق لها النفس، منتظرة قرارًا بحبسها أو معجزة من السماء تنقذها هي وولديها من المصير الذي ما زال مجهولًا، حسب ناهد رمزي.