بخطى متمهلة تسير، شنطة خالية تحملها، تخطو «نعامة» بأعوامها السبعين إلى مخبز العيش كما اعتادت لتأخد ما يكفيها لعدة أيام من أرغفة الخبز، ثلاجتها الصغيرة تضمنه سليماً لتقيها شر الخروج من منزلها، لكن هذه المرة لم تحصل «نعامة» على الخبز الذى تريده.. «روحى يا ستى العيش بقى بالبطاقة»، لم تعرف نعامة ماذا تعنى «البطاقة»، فردت: «أنا بطاقتى معايا.. انتوا هتحبسونا ولا إيه؟». لم تملك السيدة السبعينية يوماً بطاقة تموينية، فقد رحل زوجها منذ سنوات وتزوجت بناتها الأربع وتركنها فى منزل قديم استأجرته بعد أن ضاقت بها السبل إثر قيام زوجها الراحل ببيع «شقة المحافظة» التى استلمها عقب انهيار منزلهم القديم: «البيت راح ولقيتنى قاعدة فى شقة باشيل كل معاشى عشان أدفع إيجارها ولو سبتها هابات فى الشارع»، 200 جنيه هى قيمة معاش نعامة الشهرى تزيد عليها 30 جنيها كى تسدد قيمة الإيجار: «باعيش باقى الشهر على الفول والبدنجان والبطاطس». الفقر الذى هربت منه نعامة مختبئة فى طبق الفول والخبز المدعوم رفضت الحكومة أن يستمر بها الحال كذلك: «خلونى أروح أشحت العيش بعد ما كنت بآخده بكرامتى وأدفع فلوسه، أنا أقدر أدفع الشلن بس ما أقدرش أدفع ال35 قرش» ، دموع تتلألأ فى عينيها وهى تتذكر أكلها للخبز الذى بللته ثلاجتها القديمة.