أحياء وقرى لا أحد يضل الطريق إليها، ما دامت قدماه تخطوان على أرض شمال سيناء؛ بمثابة «مَرسى إجبارى» لكل العابرين إلى المدن السيناوية، وعادة ما تطل على المارة من الكمائن الأمنية، بنايات تظهر من بين الدشم الرملية والكتل الخرسانية، شرفات فارغة وأسطح خالية ترابط هى وأهلها حول الكمائن فى سكون تخترقه رصاصات المسلحين والجيش. هناك لا يدرك الأهالى صوت المدفع وقت الإفطار، ولكن الجندى الذى لفحته حرارة الشمس يقف على مقدمة الدبابة منتفخ الأوداج مطلقاً الدانة حينما يبصر أحد الملثمين، أو جسماً غريباً لا يستطيع تحديد ملامحه فى أديم الليل، يطلق دانته حيثما شاء غير مكترث بما تخلفه تلك الطلقات إذا ضلّت طريقها وسط المنازل المتاخمة لكمينه الأمنى.. عادة لا تكون رصاصات وقذائف الجيش هى الأولى ولا الأخيرة التى تنير ظلمة الليل، ولكن تأتى بعد مباغتته بقذائف التكفيريين، ليشتعل أتون المعركة، متخذين من سكان هذه المنازل دروعاً بشرية تصطف بين قذائف المسلحين ومدافع قوات الأمن.