تجتمع سيدات قرية "دسوق" أمام منازلهن بعد الإفطار وقبل السحور، يتسامرن حول أحوالهن، مجمعات على أن الشهر الكريم تزداد فيه البركة داخل ديارهم، حتى يدعون جهرا: "يا بركة رمضان خليكي في الدار"، يكاد يتكرر دعاءهن في جميع القرى والمراكز. عبر دعاء سيدات قرية دسوق على مسامع الكثيرين، ولكن لم تلتقطها إلا أذن فنان تمتع بذكاء فني كبير، لم يتردد في أخذ كلماتهم الفطرية لتكون مطلعًا لأغنيته التي أراد أن يلحق بها سباق التراث الرمضاني، كما روى الإعلامي وجدي الحكيم في أحد لقاءاته. استطاع من بداياته أن يخترق راديو القهاوي والبيوت والحارات في كل أيام العام ومشاركتهم لحظاتهم الاجتماعية الخاصة مثلما غنى "ع الرملة" وارتبطت بالمصايف الأسرية، حتى أراد أن يكون جزءا من المناسبة الروحانية الأهم فكان اختيار الفنان محمد رشدي لدعاء نساء قريته بمحافظة كفر الشيخ نافذة الدخول إلى البسطاء عبر كلماتهم، التي أكملها المؤلف محمد الشهاوي، ووضع الملحن حسين فوزي لمساته الخاصة التي شاركت في تخليدها، وتداولها التليفزيون المصري بالمشاهد التي ألتقطها المخرج مهدي القماطي من الشوارع المصرية، فخلقوا أغنية "يا بركة رمضان". تعد أغنية "يا بركة رمضان" من القلائل اللائي غنيت لانتهاء الشهر الكريم، وأحدثت فرقا لدى الجمهور، لما تحدثه من شجن بانتهاء الحالة الروحانية التي ينتظرونها من العام للعام. لمحمد رشدي مواقف عدة مع شهر رمضان، منها أنه غنى أغاني دينية ووطنية وقدم في رمضان أغاني مسلسل ابن ماجه، كما زار دولة المغرب في شهر رمضان عام 1972 وغنى 6 أغنيات وطلب الجمهور زيادة حتى وصلة إلى الأغنية الثامنة، وقد حان وقت السحور، فبذكاءه وحسه أخذ ينشد: "يا عباد الله.. وحدوا الله، أصحى يا نايم.. وحد الدايم، سحور يا صايم".
