ملامح حادة وجذابة، حاجبان كثيفان وعينان كبيرتان، كانت أدوات ساعدته في التعبير كممثل مسرحي استطاع توظيف لغة الروح والجسد، درس التمثيل في إيطاليا، كان معروفا عنه حبه للغة العربية وتمثيل روائع الأدب العالمي، وهو ما وضعه في قالب الممثل الجاد، لكنه ابتكر شخصية أخرى خفيفة الظل ظهرت في أفلامه السينمائية، أخرج وألف العديد من المسرحيات.. إنه يوسف بك وهبي. ولد يوسف وهبي لأسرة ثرية بمحافظة الفيوم في 17 يوليو عام 1898، وبدأ تعليمه في كتاب العسيلي بالفيوم، ثم انتقل إلى مدرسة السعيدية ثم التحق بالمدرسة الزراعية بمشتهر. لوالده عبدالله باشا وهبي عدد من الأملاك باقية إلى الآن بالفيوم، منها مسجد "عبد الله بك" إضافة إلى حفر ترعة "عبد الله وهبي"، ومنها تحولت آلاف الأفدنة الصحراوية إلى أراضٍ خصبة. ظهرت موهبة يوسف وهبي التمثيلية عندما شاهد عرضا مسرحيا لأول مرة بسوهاج لفرقة الفنان اللبناني "سليم قرداحي"، وكان حينها لا يزال طالبا، فألقى المونولوجات بالمدرسة وأدى تمثيليات مسرحية بالنادي الأهلي، وشارك عمله مصارعا في "سيرك الحاج سليمان" في بناء جسم قوي، حيث تدرب على يد بطل المصارعة آنذاك "عبد الحليم المصري". "رمسيس" هو الاسم الذي اختاره يوسف وهبي لنفسه بعد هروبه من أسرته الأرستقراطية إلى إيطاليا، واختياره مهنة "المشخصاتي" التي لم تعترف المحاكم المصرية بها آنذاك، ونفس الاسم جمع أعماله في مجال الفن، فكان أول مسرح مصري بمواصفات عالمية صرف عليه "وهبي" كل ميراثه من والده، ومن خلاله شرع في تقديم الوجوه الجديدة، مثل زينب صدقي وأمينة رزق وفاطمة رشدي من خلال التمثيل بفرقة "رمسيس"، وأسس شركة إنتاج "رمسيس"، بمشاركة صديقه المخرج محمد كريم. سافر إلى إيطاليا عقب الحرب العالمية الأولى، وانطلق من مسارح روما ونابولي، وتتلمذ على يد الممثل الإيطالي "كيانتوني"، وعاد إلى مصر مرة أخرى عقب وفاة والده عام 1921، ليحصل على 10 آلاف جنيه ذهب ميراثا من والده. أموال يوسف وهبي أصبحت تدور في فلك واحد "من التمثيل وإليه"، إذا أنتج فيلما سينمائيا، توجه للمسرح لتقديم رواية جديدة ووجه جديد، ومنه إلى السينما مرة أخرى، وهكذا قدم إلى الجمهور فاتن حمامة، وشكري سرحان، وفريد شوقي، وعمر الحريري.. اهتمامه بالتمثيل المسرحي أكسبه لقب "عميد المسرح العربي"، فقدم أكثر من ثلاثمائة رواية بين العالمية المترجمة والعربية المؤلفة، لف بفرقته أقطار الوطن العربي، ليكون شاهدا على المسرح المتميز الذي يقدمه يوسف وهبي. "وأنا ويايا بعش زي المليونيرات وأحلم وأنا معييش ملعنش الأزمات"، كلمات أغنية المطرب مدحت صالح، خير تعبير عن حال يوسف وهبي، الذي كانت حياته في صعود وهبوط دائم، مغامراته النسائية وحبه للقمار وزيجاته المتعددة وسباق الخيل أمور عرضته للإفلاس أكثر من مرة، وما يلبث أن يجمع بعض الأموال ليصبح مليونيرا، ويسافر إلى أوروبا من فرنسا وسويسرا وإنجلترا، وبعض الدول العربية ليتناول العشاء مع الملوك والأمراء بدعوة رسمية منهم، حتى يفلس. حصل على لقب الباكوية عقب مشاهدة الملك فاروق لفيلمه "غرام وانتقام"، ليصبح يوسف بك وهبي. تزوج 4 مرات، من المليونيرة عائشة فهمي، التي وضعت أموالها تحت تصرفه حتى انفصلا، ثم تزوج من لويز، مغنية الأوبرا الأمريكية، أما الثالثة فهي إيطالية واستمر الزواج لأربعة سنوات، وآخر زيجاته من سعيدة منصور يوسف، التي هربت من زوجها وأولادها الأربعة من أجل يوسف وهبي، وكانت هي أيضا حبه الكبير، والتي قالت عنه "لقد منحني أكثر مما أحب". تكللت أعمال يوسف وهبي التي يمكن حصرها فيما يزيد عن 60 فيلما بين التمثيل والإنتاج، وأكثر من 300 مسرحية بين الإخراج والتمثيل، بعدد من الجوائز التقديرية والدروع، منها وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى عام 1960، ودكتوراه فخرية في عام 1975 من الرئيس الراحل أنور السادات. توفى فنان الشعب وعميد المسرح العربي يوسف وهبي، بمستشفى "المقاولون العرب" في 17 أكتوبر عام 1982، عن عمر ناهز 80 عاما.