لا صوت يعلو هذه الأيام فى دردشة ما بعد الإفطار فى البيت أو العزومات والمواصلات فوق الحديث عن الإجراءات الاقتصادية التى اتخذتها الحكومة مؤخراً، وأصبح الإفيه فى نهاية كل أمسية: ربنا يستر يا ترى هيزودوا أسعار إيه بكره؟ مسألة الدعم كانت، فيما سبق، خطاً أحمرَ بالنسبة لأى حاكم أو حكومة، لكن هل خطاب السيسى الأخير الذى قال فيه إنه لا يبحث عن تآكل شعبيته وإنه يعلم أن الفقراء غاضبون من قرارات الحكومة وإننا هننجح إن شاء الله، هل هذا الخطاب كافٍ لتهدئة نفسية محدودى الدخل والطبقة المتوسطة التى استيقظت ذات صباح لتجد سعر لتر بنزين 80 قد ارتفع 75 قرشاً، وفى اليوم التالى سعر علبة سجاير الكليوباترا المحلية ارتفع 50 قرشاً! فكرة العدالة الاجتماعية هى أن تأخذ من الأغنياء حقوق الفقراء، أن يصل الدعم لمستحقيه، أن يشعر الموظف الحكومى أيا كانت درجته من الخفير إلى السفير بأنه يتقاضى راتباً يمكنه أن يعيش حياة كريمة، أن ينعم محدود الدخل بخدمة صحية مناسبة، وتعليم جيد لأبنائه، ونظام ضمان اجتماعى شامل، فهل سيتم تطبيق العدالة الاجتماعية فى مقابل هذه الزيادة فى الأسعار؟ أفلح محلب أن صدق! لا يشكك أحد فى نوايا الحكومة أو وطنية أعضائها، لكن زيادة الأعباء على الشعب كان يمكن أن تتم بصورة بها عدالة فى التوزيع، فلا أجد معنى أن يتم زيادة 7٪ فقط لبنزين 95 فى مقابل 78٪ فى بنزين 80، ولا أجد معنى لحديث السيد المهندس إبراهيم محلب فى موضوع فواتير الكهرباء عن مستخدمى التكييفات المنزلية على أنهم من شريحة الأغنياء (ويدفعوا لأنى مش هادعمهم) فى بلد تصل درجة الحرارة فيه إلى 45 درجة فى الصيف! ألم يصل إلى علم السيد رئيس مجلس الوزراء أن كثيراً من المصريين يدفعون ثلث رواتبهم أقساطاً للأجهزة المنزلية! أما مسألة حساب «تحيا مصر» والتبرع فيه من رجال الأعمال، فأنا أقترح على الحكومة أن تقوم بعمل مؤتمر اقتصادى قومى وتدعو إليه كل رجال الأعمال، وتحدد احتياجات الحكومة فى كل المشاريع التنموية بالمحافظات، فتكون مساهمات رجال الأعمال واضحة ومعروفاً أين تذهب أموالهم بربح معقول ومقنن فى مقابل دعمهم للاقتصاد وتشغيل الشباب والعمال، وبذلك نضرب عصفورين بحجر فيشعر رجل الأعمال أنه مطمئن على رأس ماله وأنه يحقق أرباحاً، وتستفيد الدولة بمساهمات عينية فى مشاريع محددة وتوجه إليها رؤوس الأموال بدراسات جدوى مدروسة وجاهزة. يا سادة لا يوجد عاقل أو وطنى فينا يريد أن يشمت فى الحكومة أو الرئيس المنتخب بشعبية جارفة، لأن فشلهم ببساطة يعنى فشل مصر الوطن، وهذا أبعد ما يكون عن حديثنا الآن، لكننا لا نريد أن يتحمل المواطن البسيط أخطاء أنظمة وحكام وحكومات سابقة، فى وقت خرج فيه الشعب ينادى بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، فلا تعتقدوا أن الانتقاد فيه سم قاتل، لكننا فقط نطرح رؤى أخرى، وندق ناقوس الخطر، ونتشارك الأفكار والقلق أيضاً.. علّنا معاً نجد ضوءاً فى آخر النفق.