أحترم جداً الاختلاف فى الرأى الذى من المفترض ألا يفسد للود قضية، لكن هناك خلافاً فى الرأى يتم التعبير عنه بطريقة أشبه ما تكون بقذائف نووية جارحة وبلا أى حمرة خجل! فى البداية لا بد أن نعترف أن مصر قبل «25 يناير» غير مصر بعدها، اتفقنا أو اختلفنا مع نتيجة ما حدث حتى اليوم، لكن لنعترف أن الخلافات بين المصريين قبل ذلك التاريخ لم تكن أكبر من خناقة على الأهلى والزمالك، فمثلاً كم مواطناً كان يتابع جلسات مجلس الشعب؟ أو مؤتمرات الحزب الوطني؟ الإجابة لا أحد، لكن الآن أصبح الشعب أكثر وعياً بالأمور السياسية. ثانياً لا بد ألا ندفن رؤوسنا فى الرمال ونعترف أن المصريين الآن 3 تيارات رئيسية، بينها خلافات حادة، تيار «مبارك»، وتيار «25 يناير»، وتيار الإسلام السياسى، وبين صفوف كل تيار يوجد أقصى اليمين وأقصى اليسار، كما توجد قواسم مشتركة بين كل تيار والآخر، إلا أن الغالبية العظمى من الشعب الآن إضافة إلى «حزب الكنبة» تكره ممارسات تيار الإسلام السياسى بالمتاجرة بالدين واستخدام العنف والتكفير والتفجير وكل ما يعانيه الشارع المصرى الآن بسبب إسقاط حكم المرشد منذ عام. ثالثاً الهجوم الحاد الآن على تيار «25 يناير» وكل من يؤمن بأفكار الديمقراطية وحقوق الإنسان والاختلاف فى الرأى شىء غير مبرر فى الحقيقة، ولا يمكن أن يكون إلا نوعاً من انتقام تيار «مبارك» من تيار «25 يناير»، تصفية حسابات غريبة، فى وقت يعترف فيه دستور 2014 بثورة يناير، المستشار عدلى منصور أشاد بثورة يناير فى خطاباته مئات المرات، فضلاً عن أن الرئيس السيسى لم يذكر ثورة 30 يونيو إلا وألحقها ب«25 يناير»، فلماذا يصر بعض إعلاميى وفنانى تيار «مبارك» على إلصاق تهمة العمالة والخيانة والسب والقذف بكل من آمن بهذه الثورة؟ هل لا يثق هؤلاء فى نزاهة القضاء المصرى الذى حتى الآن توجد فى ساحاته آلاف قضايا الفساد ضد رموز نظام «مبارك»؟ صدمتنى الفنانة سماح أنور حين أعادت فى أحد حواراتها فى رمضان جملتها الشهيرة: «يولعوا بجاز» على المصريين الذين شاركوا فى ثورة «25 يناير»! بل وسحبت اعتذارها الأول! هل قدرُ المصريين هو التخوين أو التكفير؟ هل أصبح الخلاف السياسى منصة لإطلاق تهم العمالة والدعاء على الآخرين بأن يولعوا بجاز؟ وما الاختلاف إذن بين سماح أنور وبين الشيخ المتطرف محمد عبدالمقصود الذى دعا على المصريين المعارضين لحكم «مرسى» بالهلاك فى الاستاد؟ يا سادة.. ليس كل من خرج فى ثورة 25 يناير من الإخوان، وليس كل من خرج فى «30 يونيو» من تيار «مبارك»، وليس من اللائق أن يعترف دستور مصر 2014 بالثورتين وما زال هناك بعض من يقومون بتصفية الحسابات! وأنا من هنا أطالب الرئيس السيسى، الذى أكد كثيراً أنه لا عودة لما قبل «25 يناير»، بقوانين رادعة تحرم وتجرم التطاول على الثورتين، طالما نص الدستور فى ديباجته على الثورتين، وهذا المطلب إذا تمت تلبيته سيصب فى مصلحة ذوبان حدة الاستقطاب بين المصريين. فمصر تحتاج تكاتف الجميع، «السيسى» يدعونا للعمل، الاقتصاد فى وضع صعب، لا توجد رفاهية الوقت لتصفية الحسابات، فلنكن جميعاً على قدر المسئولية، وكفانا جلسات الردح والشرشحة التى تدمر لحمة الوطن، مصر لكل المصريين طالما احتكمنا لمظلة الدستور ودولة القانون.