تعتبر "تل بسطة" إحدى المناطق الأثرية التي تحوي آثارا من الدولة القديمة والدولة الوسطى والحديثة، والعصر اليوناني والروماني، وتقع بمدينة الزقازيق، وكانت عاصمة الإقليم الثامن عشر، أحد أقاليم مصر، ثم أصبحت عاصمة لكافة الأقاليم في مصر في عهد الأسرة 22، وسميت قديما باسم "باسمبرباستت"، والتي ترمز للإلهة "باستت"، ثم حُرِّفت كلمة باستت لتصبح تل بسطة، كما كانت المدينة معبرا ومقرا مؤقتا للسيدة العذراء مريم ووليدها المسيح عيسى (عليه السلام) أثناء قدومهما إلى مصر. وكشف إبراهيم سليمان، مدير عام منطقة آثار الشرقية، أن 90% من الآثار الموجودة بتل بسطة ما زالت مدفونة في باطن الأرض، ولم يستخرج سوى 10% فقط، وعلل ذلك بقلة الموارد المالية، مشيرا إلى أن عمليات الحفر تحتاج إلى تكلفة عالية، خاصة أن الحفر يعتمد على العناصر البشرية فقط، لافتا إلى أن المنطقة ستشهد أعمال حفر خلال الأيام القادمة، وذلك من خلال بعثة ألمانية، وسيتم عمل مدرسة للحفريات بالتعاون بين المجلس الأعلى للآثار والبعثة الألمانية، لتدريب الأثريين على أعمال الحفر، خاصة الأثريين الجدد، وستتحمل البعثة كافة التكاليف. وتابع قائلا إن تل بسطة كانت منذ 15 عام عبارة عن خرابة، وكانت بدون سور حول المنطقة، بالإضافة إلى عدم وجود أي مباني إدارية في ذلك الوقت، إلى أن تم تطوير المنطقة بشكل تدريجي، وتم إنشاء سور يحيط بمعظم المنطقة لحمايتها من التعديات والزحف العمراني. وأشار سليمان إلى أن تم الانتهاء من مشروع تطوير المنطقة وإنشاء متحف بلغت تكلفتة 18 مليون جنيه، واستغرق ذلك عاما كاملا، لافتا إلى أنه يجاري الآن تشغيل المتحف وتجهيز القطع الأثرية التي سيتم عرضها به. واستطرد قائلا إنه طالب وزير الآثار بعمل مرحلة ثالثة لتطوير المنطقة، ويتمثل ذلك في إعادة بناء المعبد الكبير "معبد أمنمحات"، وتبلغ مساحتة 2 فدان، نظرا لتحطم كافة الأعمدة الموجودة به، وسيستغرق ذلك 5 سنوات. ولفت إلى أن وزير الآثار، محمد إبراهيم، وافق خلال زيارته الأخيرة للمنطقة على هذا المطلب، وبدء عمليات الحفر وعمل دراسة شاملة لأحجار معبد الإلهة "باستت"، ودراسة المعبد من جميع جوانبه لتحديد الصالات التي كان المعبد عليها قديما، وإعادة بناء المعبد مرة أخرى بالشكل الذي كان عليه حين زاره "هيرودوت" في القرن الرابع قبل الميلاد. وأضاف أن الوزير قرر نقل "تابة النار" الموجودة بجوار المنطقة، والتي تستخدمها قوات الجيش الثالث في التدريب على إطلاق النار، لتلافي أي أخطار تنتج عن ذلك، وبث الطمأنينة في نفوس السائحين. وعلى نفس الصعيد، أشار سليمان إلى أنه من أخطر المشاكل التي تواجة المنطقة هي مشكلة الصرف الصحي والمياه الجوفية، مشيرا إلى أن بعض خطوط الصرف الصحي تمر بالمنطقة، بالإضافة إلى الأراضي الزراعية الموجودة بجوارها، ما يؤدي إلى ارتفاع منسوب المياه الجوفية لتؤثر بشكل سلبي على الآثار وتعرضها للتلف. وتابع أن الحل الوحيد هو عمل صرف مغطى للأراضي الزراعية، لمنع تسرب المياه للآثار الموجودة بالمنطقة. وتابع قائلا إن المشاكل الأخرى هي انخفاض نسبة إقبال السائحين لزيارة المنطقة، والتي لا تتعدى 10% مقارنة بنسبة الإقبال قبل الثورة، موضحا أنه كان يتم استقبال أفواج سياحية مرتين في الأسبوع الواحد، وكان الفوج يضم ما بين 100 إلى 150 سائحا، أما الآن فتستقبل المنطقة 10 أو 20 سائحا على الأكثر، بالإضافة إلى انخفاض رحلات المدارس ومراكز الشباب، والتي كانت المحافظة تقوم بإعدادها لزيارة الآثار. وأشار إلى أنه من أهم الآثار الموجودة بتل بسطة هي آثار المعبد الذي أقامه الملك "خوفو" ومن بعده الملك "بيبي" بالأسرة السادسة، وغيرهما من ملوك الدولة القديمة والدولة الوسطى، كما ترك الهكسوس، الذين احتلوا مصر، بعض آثارهم، ثم أقام الملك رمسيس الثاني في هذه المدينة مبانٍ ضخمة، وبها آثار ترجع للمك "أوسركون الثاني" من ملوك الأسرة الثانية والعشرين. وتم اكتشاف بعض الآثار التي ترجع للدولة القديمة، مثل معبد أول ملوك الأسرة السادسة، ومعبد الملك "بيبي الأول" من ملوك الأسرة السادسة,، والمعبد الكبير للإلهة "باستت"، الذي بدء بناؤه في الدولة القديمة واستمر في الدولة الوسطى، وأهم ما بقي منه يرجع للدولة الحديثة لعهد "رمسيس الثاني" والملكين "أوسركون الأول" والثاني من ملوك الأسرة 22، والملك "نخت - نبف" من الأسرة 30. وتوجد أيضا بقايا معبد الإله "ماي حسي"، الواقع على بعد 60 مترا من المعبد الكبير، وكان مكرسا لعبادة الإله "ماي حسي"، العضو الثالث في ثالوث تل بوسطة، ومقصورة الملك "أمنحتب الثالث"، والمعبد الصغير للإلهة "باستت"، الواقع على بعد 500 مترا من المعبد الكبير,، وجبانة الدولة الحديثة,، كما توجد جبانة ضخمة للقطط كانت تتكون من مجموعة من السراديب المحفورة في باطن الأرض، خصصت لدفن القطة رمز الإلهة "باستت" بعد تحنيطها، وقد عثر على الكثير من مومياوات القطط وتماثيل عديدة من البرونز للقطة.