"يا هرم ما يهزك ريح أو لقاء".. وصف ينطبق على كوكب الشرق وهي تجالس مذيعة التليفزيون المصري سلوى حجازي، في أول لقاء لها على شاشات التليفزيون العربي، عقب غنائها على مسرح الأوليمبيا في باريس أعقاب نكسة 1967، تنتقي كلماتها المقتضبة، التي تفكر فيها قبل التفوه، نغمات ضحكاتها محسوبة، الصوت العتيق الذي شكّل ظاهرة لم تتكرر، ترك عنفوانه وبدى صداه في حديثها باللقاء النادر، فكان أول مرة يسمع فيها جمهور "الست" صوتها دون غناء، وتسحره جاذبيته الخاصة في الحديث أيضا. لقاءت "الأبيض والأسود" النادرة.. تراث التليفزيون المصري الذي حفظ تاريخا، عندما شارك أم كلثوم رحلتها إلى باريس في فيديو استغرق 35 دقيقة، كان في خلفيته صوت الإعلامية سلوى حجازي، وإخراج روبير الصايغ، لتغظية الحفل الذي آمنته الشرطة الفرنسية لكثرة المرتادين من العرب والفرنسييين وجنسيات أخرى، على الرغم من أن سعر التذكرة وصل إلى 25 جنيهًا إسترلينيًا، "لتختلط اللغة العربية والفرنسية لتشكل جوًا غريبًا في هذا المكان وسط باريس"، كما قدّمت المذيعة، وتقدم أم كلثوم لمسرح الأوليمبيا أكبر دخلٍ في تاريخه الطويل. في الحوار التالي:- المقدمة: وطبعًا دي مناسبة تسعدنا كلنا وكنا نحب نستغل الفرصة علشان نضيء كل الجوانب الهامة في شخصية أم كلثوم، نلقي عليها الضوء ونتعرف عليها، نتكلم عن فنها الرفيع الأصيل، نتكلم عن وطنيتها اللي كلنا شعرنا بيها وبفنها، على كل الجوانب الإنسانية و الروحية اللي بنشكل شخصية كوكب الشرق، لكن في الواقع حديثنها النهاردة في ظروف بتتحكم فيه، إننا بنسجل الحديث في باريس بعد ما كوكب الشرق غنت في مسرح الاولمبيا وبعد ماحققت نجاح منقطع النظير، ولذا هنكتفي النهاردة نتكلم على هذا الموضوع أو حول هذا الموضوع. سلوى حجازي: طبعا إحنا سعداء جدا بتسجيل الحديث اللي من زمان كتير بيتمنوه وخصوصا إنهم سمعوكي دايما بتغني الأغاني العظيمة بس أول مرة يسمعوكي بتتكلمي في التيفزيون ودي تجربة جديدة. أم كلثوم: متشكرة أوي سلوى حجازي: هل زرتي فرنسا قبل كدة ولا دي أول تجربة؟ أم كلثوم: لا زرتها طبعا كتير. سلوى حجازي: قبل ما تزوريها كنتِ بتتخيليها إزاى، وهل خيالك اختلف عن الواقع اللي شوفتيه؟ أم كلثوم: طبعا الخيال مش زي الواقع أبدا. سلوى حجازي: بيبقى أجمل؟ أم كلثوم: أحيانا، لكن باريس أجمل. سلوى حجازي: أخيرا وافقتي تغني في باريس إيه الظروف اللي دفعتك في الوقت الحاضر بالذات إنك تقبلي العرض ده؟ أم كلثوم: والله دي أمنية كل فنان أنه يجي في بلد الفن الأصيل فرنسا، كل واحد يحب يعرض فنه فيها، مش عايزة أقول لا أوأيوه دي حاجة تسعدني طبعا. سلوى حجازي: كون إنك تقبلي تغني في باريس، بلد ربما المستمعين بتوعك هيكونوا مختلفين عن جمهورك العادي، كنتي متوقعة كل النجاح اللي حققتيه؟ أم كلثوم: عمري ما كنت بتوقع أبدا حاجة قبل ما تحصل، دائما ببقى خايفة. سلوى حجازي: لغاية دلوقتي بتخافي لما بتقابلي جمهورك؟ أم كلثوم: فعلا لأني بحترم الجمهور فبخاف إني أعمل حاجة متعجبوش. المذيعة تقاطعها: مش معقولة متعجبهوش! أي حاجة بتقوليها بيبقى ليها رد فعل عظيم جدا، طب وأنتِ بتغني في مسرح الأوليمبيا وسط جمهور جديد كان شعورك إيه وأنتِ بعيدة عن بلدك وبتغني لجمهور مختلف؟ أم كلثوم: والله أنا كنت حاسة كإني في مصر بالظبط، لأن كان الجمهور أغلبه من البلاد الشقيقة العربية، وادوني أكثر مما أطمع. سلوى حجازي: كان استقبال رائع الواحد مش قادر ينساه أبدا. بابتسامتها المتواضعة تقول أم كلثوم: الحمدلله سلوى حجازي: الجمهور زي ما قلتي كان معظمه من الدول العربية، لكن اللي أعرفه إن كان فيه كتير أوي من الفرنساويين وأجانب رغم إنهم ميعرفوش اللغة كانو معجبين إعجاب شديد، وقرأت بعض الخطابات العظيمة اللي جات، إيه أكتر جواب أثر فيكي ويحمل معنى يستحق أن نذكره؟ أم كلثوم: سيدة بتقول إنها متقدرش تيجي لأنها مريضة، وإنها سمعتني في الراديو وبترحب بيا في فرنسا وبتهنيني وبتطلب صورة. سلوى حجازي: وبعتلها صورة؟ أم كلثوم: طبعا. سلوى حجازي: عموما لو حد بعتلك جواب بتردي عيله؟ أم كلثوم: أه طبعا، مفيش شك. سلوى حجازي: النجاح اللي عملتيه في فرنسا قطعا تجربة جديدة للفن العربي عموما هل ده بيشجعك تغني في بلاد غربية أخرى؟ أم كلثوم: مقدرش أفكر في حاجة لقدام إلا في وقتها علطول، مقدرش أسبق الحوادث، معنديش مانع، لغاية دلوقتي لسه مفيش، في عرض من لندن لكن لسه متفقناش. سلوى حجازي: بعض الدول العربية متهيألي في عروض جات؟ أم كلثوم: الدول العربية مالها، إن شاء الله هروح تونس. سلوى حجازي: كنت أحب أعرف حاجة، سمعنا في الجرائد إن الأجر اللي أخدتيه أكبر أجر أخده فنان في باريس هو 14 ألف استرليني تقريبا؟ أم كلثوم: آه. سلوى حجازي: هل صحيح هيروح كله للمجهود الحربي؟ أم كلثوم: مش كتير عليه. سلوى حجازي: شعور عظيم مفيش شك إنك قدوة للفنانين. سلوى حجازي: مش بتحبي تسبقي الحوادث، فعلا لاحظنا الظاهر دي في إنك مش بتحبي تعلني عن أغنية جديدة ويصل الأمر إنك مش بتقولي هتغني إيه في نفس الليلة، الظاهرة دي سرها إيه؟ أم كلثوم: ولا سر ولا حاجة، أنا نفسي معرفش ممكن أقول هغني حاجة واغيّر رأي في آخر لحظة، محبش ادي للناس فكرة عن حاجة ومحققهاش. سلوى حجازي: بنلاحظ أي فنان بيسافر يبكون عاوز يقعد شوية، أنتِ قلقانة أوي وعاوزة ترجعي بسرعة، ليه مش عجباكي مثلا باريس؟ أم كلثوم: إزاى بقى مش عجباني. سلوى حجازي: أول ما خلصتي الحفلة بتسألي الطيارة امتى عاوزين نخلص الشغل ونروّح، إيه؟ ضحكت الست بشىء من المكر وهى تقول للمذيعة: أنتِ عارفة؟ تبادلها سلوى حجازي الضحكات وتستطرد: لأ مش عارفة، عاوزة اسمع أم كلثوم: عاوزة أروّح بلدي. سلوى حجازي: إيه اللي عجبك في باريس وتتمنى يتتحقق في بلدك وإيه اللي موجود في بلدك وحاسة إن حتى باريس معندهاش زيه؟ ارتسمت ملامح الاعتزاز على وجه كوكب الشرق وهي ترد على المذيعة دون أن تتخلى عن ابتسامتها الممزوجة بالدهاء الدبلوماسي: عاوزة تقولي إيه، ان احنا ناخد منهم حاجة؟، أو هما ياخدوا مننا حاجة؟ سلوى حجازي: آه، أو احنا عندنا حاجات عظيمة. أم كلثوم: احنا تقاليدنا حلوة جدا مش عاوزين حاجة منقلدش حد، ومحبش أبدا أي إنسان يقلد حد تاني، إحنا لينا تقاليدنا ولنا حاجتنا الخاصة الجميلة اللي طبعا احنا بنعتز بيها، أنا محبش إن بلدي تقلد بلد تانية أبدا. سلوى حجازي: إيه رأيك في الموضة في باريس عجبتك؟ أم كلثوم: مش بطالة حلوة. سلوى حجازي: إيه رأيك في المرأة الفرنسية؟ أم كلثوم: لطيفة بسيطة وشيك مش متبهرجة بيلبسه في غاية البساطة وغاية الجمال. سلوى حجازي: إيه أكتر مكان عجبك كل ما تيجي باريس تحبي تفوتي عليه؟ أم كلثوم: المسلة، عشان بتاعتنا، عشان جزء من بلدنا. سلوى حجازي: بنشكر حضرتك ألف شكر على القاء السريع ده، كنت أتمنى أتكلم معاكي ساعتين كمان لكن حضرتك حددتي الوقت. أم كلثوم: كفاية لحسن الناس تزهق من حديثنا. سلوى حجازي: أنا واثقة إن السادة المشاهدين سعداء لأنهم بيسمعوكي.
