مرض السكرى هو مرض خطير وتنتج عنه مضاعفات عدة ويجب التعامل معه بحذر والالتزام بالعلاج المحدد بدقة، كما أنه يعد السبب الثانى للوفاة على مستوى العالم طبقا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية، هذا ما أكدته نخبة من خبراء مرض السكرى فى المؤتمر السنوى السابع الذى عقدته الجمعية العربية لدراسة أمراض السكر والميتابوليزم برئاسة أ. د. إيناس شلتوت رئيس الجمعية، أستاذ أمراض الباطنة العامة والسكر طب قصر العينى. شارك بالمؤتمر أكثر من ثلاثة آلاف من أطباء السكر والغدد والباطنة العامة وطب الأسرة والطفل من مختلف دول العالم، وتناول موضوعات متنوعة مثل معرفة الجديد فى تشخيص وعلاج السكر والسمنة ومضاعفاتها، أمراض الغدد الصماء وهشاشة العظام، مضاعفات مرض السكر التى تؤثر على القدمين أو الكليتين أو الجهاز الهضمى، تأثير السكر على ارتفاع ضغط الدم، هذا بالإضافة إلى تناول المؤتمر كل ما هو جديد فى أساليب العلاج وكيفية الوقاية من المرض. تقول د. إيناس شلتوت فى تصريحات خاصة ل«الوطن»: إن أهمية المؤتمر تكمن فى أهمية السكرى كمرض يجب ألا نستهين به حيث وصلت نسبة المصابين بالسكر فى مصر إلى 7.3 مليون مصاب ونسبة الإصابة تزداد بسرعة فبحلول عام 2025 سيكون هناك أكثر من 9 ملايين مصاب، وتعتبر مصر من أعلى البلدان من حيث انتشار زيادة الوزن والسمنة فهناك 70% من السيدات المصريات و50% من الرجال المصريين مصابون بزيادة الوزن نتيجة تناول كميات كبيرة من السعرات الحرارية المتمثلة فى النشويات والسكريات والدهون مع عدم تناول الألياف المتمثلة فى الخضراوات والفاكهة، وهناك الآن طفل من كل خمسة أطفال فى مصر تقريبا مصاب بالسمنة وقد ثبت من خلال إجراء تحليل مستوى السكر فى الدم للشباب والأطفال المصابين بالسمنة أن هناك حوالى 20% منهم مصابون بارتفاع فى نسبة السكر بالدم، أما بالنسبة للأطفال والشباب المصابين بالسكر من النوع الثانى فهناك 85% منهم مصابون بالسمنة ويوجد لديهم تاريخ وراثى للمرض بالعائلة، وتعد مصر فى المركز الثامن عالميا من حيث نسبة الإصابة. وشددت د. شلتوت فى لقائها مع «الوطن» على خطورة مضاعفات مرض السكر على إصابة أعضاء عدة فى الجسم فالقدم السكرى على سبيل المثال يعد من أهم أسباب بتر القدمين ولذلك فهو من أخطر مضاعفات مرض السكرى حيث يصاب بها من 10% إلى 25% من مرضى السكر كما يحتاج 1% من المرضى لإجراء عمليات البتر سنويا، ونسبة الإصابة بالقدم السكرى تزيد فى السيدات عن الرجال بنسبة 1: 2، وأكثر سن عرضة للإصابة تكون بين سن الأربعين والستين، وتضيف د. شلتوت أن مرض السكر أيضاً تنتج عنه أمراض فى الكبد فالنوع الثانى من السكر يتسبب فى 80% من الحالات بتسريب الجليكوجين فى خلايا الكبد كما أن التهابات الكبد الدهنية تحدث فى حوالى 40 - 70% من مرضى السكر، والأخطر من ذلك فقد يتسبب السكر فى تضخم الكبد واختلال وظائفه فقد يصاب حوالى1 -8% من مرضى السكر بتليف الكبد. وقد قدمت د. شلتوت محاضرة عن العلاقة التبادلية بين مرض السكرى والحالة النفسية للمريض فتقول إن الاكتئاب يمكن أن يصيب مريض السكر مما يجعله يهمل فى تناول الأدوية وإجراء التحاليل الدورية ويعد مرضى السكر الذين يتناولون حقن الأنسولين أكثر من مرة فى اليوم هم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب. وعن أعراض الاكتئاب، تقول د. شلتوت إنها تتمثل فى الشعور بالإحباط، الملل، الكآبة، التشاؤم، فقدان الوزن أو زيادته، التفكير فى الموت، الأرق، وأخيرا فقدان الطاقة وعدم القدرة على إنجاز المهام اليومية. ونصيحة د. شلتوت لهؤلاء المرضى هى ممارسة الرياضة ولو حتى المشى، والتحدث مع بعض الأصدقاء والأهل لمشاركة الأحزان والمشاكل حتى يستطيع المريض الخروج من حالته النفسية بدلا من تناول مضادات الاكتئاب، كما تعد قراءة الكتب الدينية والصلاة مفيدة فى العلاج، فيجب على مريض السكر المكتئب أن يحاول إسعاد نفسه قدر الإمكان والابتعاد عن الحزن. وعن أحدث الإحصائيات الخاصة بالإصابة بمرض السكرى فى إنجلترا، صرح ل«الوطن» سير مايكل هيرست، الضيف الشرفى للمؤتمر والرئيس المنتخب للاتحاد الدولى لمرض السكرى بأن نسبة الإصابة وصلت إلى أكثر من 3 ملايين من النوعين الأول والثانى من مرض السكرى هناك وهى نسبة تقل عن مصر بكثير نتيجة وجود اختلافات إقليمية بين البلدين فضلا عن الزيادة السكانية الهائلة بمصر، ويوضح هيرست أن ذلك المرض يعد قاتلا لأن مضاعفاته خطيرة وتنتج عنه اضطرابات قاتلة فى جميع أنحاء الجسم حيث أحيانا يؤدى لحدوث عمى أو نوبات قلبية حادة. ويضيف هيرست، وصلت نسبة الإصابة بالمرض إلى 380 مليون مصاب حول العالم وسيصلون إلى 600 مليون بحلول عام 2030، ومن ضمن أهم أسباب تلك الزيادة هى العادات السلبية فى الغذاء التى يغفلها الآباء والأمهات وأكثرها ضررا الوجبات السريعة الضارة المليئة بالسعرات الحرارية والمشروبات الغازية والإكثار من الملح فى الطعام، ولذلك فالتوعية مهمة بضرورة توخى الحذر من السمنة المفرطة، من قبل الحكومات والمنظمات الصحية والمؤسسات المعنية بالصحة العامة والإعلام الذى له دور كبير فى الحد من انتشار المرض الذى لا يقل أهمية عن أمراض السرطان والقلب. وقد التقت «الوطن» أ. د. محمد حسنين، استشارى أمراض السكر بجامعة كارديف بإنجلترا ورئيس اللجنة العلمية بالمؤتمر، حيث قال إن مرض السكر يؤثر فى حياة المريض بشكل كبير ولذلك فهدف هذا المؤتمر هو توعية مرضى السكر وإعلامهم بأحدث الأدوية الموجودة وأحسن طرق العلاج المتاحة من أقراص أو حقن، فالمؤتمر يقدم برنامجاً تثقيفياً للمرضى ليتعلموا كيفية التعامل مع المرض بشكل آمن وهذا من خلال المحافظة على نسبة السكر فلا تكون منخفضة أو مرتفعة، والالتزام بنظام غذائى صحى يتجنب الأطعمة التى تحتوى على نسبة عالية من السكريات مثل البلح والعنب وتناول بدائل صحية أكثر مثل الجوافة والبرتقال لأن نسبة السكر بهما أقل، هذا بالإضافة إلى أهمية تغيير نمط الحياة التقليدى للمصريين يشتمل على جعل التمارين الرياضية من ضمن الروتين اليومى، وعن سكر الحمل، ينبه د. حسنين من خطورة جعل الحامل تأكل بشراهة ولا تبذل أى مجهود فتلك ثقافة موروثة أن الحامل يجب أن تأكل لاثنين ولا تتحرك مما يؤدى إلى احتمالية إصابتها بسكر الحمل. ويجيب د. حسنين عن السؤال الدائم وهو «كيف نعرف بإصابتنا بمرض السكرى؟»، فيقول إن علامات الإصابة تشمل العطش الشديد، التبول الكثير، الالتهابات، والزغللة، أما عن المضاعفات فتكون إما ارتفاع السكر الشديد فى الدم، أو اعتلال الأعصاب الطرفية، أو حدوث سكر الحمل للمرأة، أو إصابة الرجال بالضعف الجنسى. وينصح د. حسنين المرضى بضرورة الانتباه لمرض السكرى كمرض خطير ويجب أن يثقف المريض نفسه فالمعلومات متاحة الآن للجميع من خلال الكتب، ومواقع الإنترنت، والمنظمات الدولية ويجب متابعة المريض مع طبيب متخصص يحدد العلاج المناسب كل حسب حالته، و يوجه د. حسنين نصيحة عامة لكل الناس وهى «اعرف أكثر عن مرض السكرى». وقد أوصى أطباء المؤتمر بضرورة زيادة الأبحاث فى طرق العلاج الحديثة لمرض السكرى فأسلوب زرع الخلايا الجذعية ما زال فى حيز التطوير وهو ليس علاجا معتمدا للسكر بعد ولم تتم الموافقة عليه من قبل السلطات الطبية الدولية مثل المنظمة الأوروبية للدواء أو منظمة الأغذية والعقاقير، كما أهاب المشاركون بالمؤتمر بوزارة الصحة ونقابة الأطباء منع أى إعلانات مضللة عن علاجات وهمية لمرض السكرى بزرع الخلايا الجذعية أو الأعشاب مجهولة المصدر التى يمكن أن تسبب أضرارا جسيمة، فالسكر مرض مزمن يجب التعامل معه بحذر ولا يمكن الشفاء منه كلية بل ممكن التعايش معه بسلام