ظلت السياسة لما يقرب من ثلاث سنوات هى الحصان الرابح فى موسم الدراما الرمضانية، وأراد الكثير من صناع الدراما على مدار ثلاثة مواسم سابقة أن ينقلوا نبض الشارع السياسى بإيقاعه المتلاحق والمستمر إلى شاشة الدراما، ولكن فى موسم 2014 يكاد الخط السياسى فى دراما رمضان يختفى تماماً إلا من خلال أعمال قليلة جداً لا تقارن بحجم وجودها فى أعمال السنوات الماضية، فمعظم الأعمال التى تُعرض فى رمضان هذا العام تنتمى إلى الدراما الاجتماعية أو الكوميدية أو حتى الرومانسية، والبعض منها يلامس موضوعات سياسية، أو قضايا رأى عام شائكة طالما أثارت الجدل. البداية من خلال مسلسل «المرافعة»، الذى يتعرض للعلاقة الثلاثية بين الفن والبيزنس والسياسة من خلال قصة الفنانة التى ترتبط برجل أعمال شهير يقترب من دوائر السياسة والحكم، فى إشارة غير معلنة لقصة المطربة اللبنانية سوزان تميم، ومن خلال الأحداث يتم التعرض لكواليس السياسة ودوائر صنع القرار والتزاوج بين عالم المال والأعمال والسياسة. وفى إطار مشابه تدور أحداثه على خلفية تزاوج مجتمعى السياسة والفن، يأتى مسلسل «ابن حلال»، والذى يحكى عن اتهام شاب فقير فى قضية قتل بطلها ابن مسئول كبير فى الدولة، فى إشارة أيضاً غير معلنة لقصة مقتل ابنة المطربة ليلى غفران، وتظهر من خلال الأحداث كواليس استغلال نفوذ السياسيين والفساد الذى حدث. أما كواليس الحكم فلها نصيب من دراما رمضان هذا العام من خلال مسلسل «السيدة الأولى» الذى يتعرض لقصة صعود سيدة من طبقة فقيرة بالمجتمع لتصل إلى أن تكون زوجة الرئيس والسيدة الأولى وصاحبة القرار الفاعل فى الحكم. وفى إطار تاريخى يتعرض مسلسل «صديق العمر» لكواليس الحكم وصناعة القرار فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر، من خلال العلاقة التى جمعته بصديقه ورفيق دربه المشير عبدالحكيم عامر، وقصة الحب التى ربطت الأخير بالممثلة الراحلة برلنتى عبدالحميد، وما كان يدور فى كواليس الواقع السياسى فى مصر فى تلك الفترة، وكيفية تحكم العلاقات الإنسانية والشخصية فى صنع القرار. مسلسل «الإكسلانس» للمخرج وائل عبدالله والمؤلف أيمن سلامة، تدور أحداثه فى فترة حكم «الإخوان» من خلال قصة الملياردير سيف الدسوقى أو «الإكسلانس»، الذى يجد نفسه مطارَداً بعد أن أصبح عدوه وزيراً فى تعديل وزارى جديد، وقد تم توريطه فى جريمة قتل لا علاقة له بها، ما يضطره للسفر خارج البلاد تاركاً زوجته الحامل وأمواله وشركاته، فى الوقت الذى يدور فيه صراع غير معلن بين مديرتى مكتبيه فى القاهرة وفى دبى، لأنهما تقعان فى غرام «الدسوقى». المؤلف أيمن سلامة يفسر قلة الأعمال التى تتناول السياسة فى دراما رمضان قائلاً: «الفكرة هى التى تقود الكاتب إلى طرح المشكلات السياسية داخل العمل الدرامى، فإذا كانت الفكرة متعلقة برجل أعمال على سبيل المثال، فمن الطبيعى أن تتناول علاقته برجال السلطة وازدواجية علاقة السلطة بالمال، وإذا كانت الشخصية الرئيسية محامية مثل «مع سبق الإصرار» مثلاً، ويتناول المسلسل علاقاتها العاطفية، فلن يكون هناك مجال للسياسة فى العمل، وسيكتسب الطابع الاجتماعى، ولا أحب ككاتب أن يكون تعرضى للسياسة بشكل مباشر مثل بعض الأعمال الأخرى، ولكن تكون جرعة السياسة متوازنة بجانب الأحداث والتفصيلات الأخرى والتى يعرضها خط سير الأحداث». الكاتب محمد نبوى قال: «لا يوجد عمل فنى ودرامى خال من السياسة، فكل حدث له بعد سياسى، ولا يُشترط أن يكون الحديث فيها بشكل مباشر وعبر إسقاطات على شخصيات حقيقية، ولكن يمكن أن يتم ذلك بطريقة غير مباشرة عبر أحداث وتفصيلات تلقى الضوء على مشكلات لها بعد سياسى، وبكل تأكيد هناك حالة من التشبع لدى المشاهدين من السياسة بسبب كثرة برامج «التوك شو» والأحداث السياسية الجارية، وعليه بات أمام كتاب الدراما تحد يتعلق بأن يوفروا للمشاهدين بديلاً عن السياسية مثل الكوميديا والأحداث الاجتماعية وغيرها».