يأتى علينا شهر رمضان المبارك هذا العام -أعاده الله علينا جميعاً باليمن والبركات- ليتواكب مع الذكرى الأولى لثورة الشعب المصرى لاسترداد دولته واستعادة هويتها فى مشهد رائع يوضح براعة هذا الشعب الجبار الباحث عن الحرية. تلك الثورة التى أكدت أنه لا يمكن لمستبد أو طاغية أن يكمم أفواه الشعب المصرى وأن يستمر فى حكم هذا البلد طالما كان هناك مواطنون أحرار يناضلون فى سبيل وطنهم، ثورة 30 يونيو، الثورة الشعبية الأضخم فى تاريخ العالم، تمرد الشعب المصرى فى ظل لحظات صعبة وفارقة من تاريخه، لينهى عاماً حزيناً، لم يشهد أى نجاحات على أى صعيد، بل شهد تسعة آلاف وأربعمائة وسبعاً وعشرين حالة احتجاج بواقع خمس وعشرين حالة احتجاج يومية، وفقاً لمؤشر الديمقراطية، إضافة إلى العديد من حالات القتل والتمييز والتحريض والطائفية وحصار محراب العدالة والاعتداء على الإعلام، والانتهاكات غير المسبوقة فى التاريخ المصرى والإخفاقات المتتالية على كل الأصعدة السياسية الداخلية والخارجية، الاجتماعية، الأمنية، الاقتصادية والثقافية، لقد أعادت ثورة 30 يونيو تصحيح المسار ورسم البسمة وزرع الأمل من جديد فى وجدان الشعب المصرى، مؤكدة أن هذا الشعب الأصيل لا يزال مصراً على الانتصار يصنع التاريخ إن أراد. إلا أننى لا أعتقد أن الكارت الأحمر الذى وجهه الشعب المصرى للرئيس الأسبق محمد مرسى إيذاناً منه بإسقاط النظام كان هذه المرة هو هدف الثورة الأوحد، بل إن تحقيق أهداف ثورة 25 يناير كان هو الدافع الأهم. فتحقيق العدل والقضاء على الاستبداد والفساد والاهتمام بالفقراء وتحقيق العدالة الانتقالية والاجتماعية وبناء مصر الحديثة وتنمية المناطق المهمشة «صعيد مصر، النوبة، سيناء، المناطق الحدودية» هو الهدف من اندلاع ثورتى 25 يناير، و30 يونيو، ومن ثم فإن خريطة المستقبل التى تم الإعلان عنها يوم 3 يوليو 2013 ما هى إلا الجزء الأيسر فيما تواجهه جمهورية مصر العربية من آمال وطموحات وتحديات وصعوبات، فعملية الإصلاح واقتلاع الفساد من جذوره وبناء الدولة ليست بالعملية اليسيرة، وإنما تحتاج إلى جهد مضاعف. لذا، فإن العمل على تحقيق أهداف الثورة الحقيقية من خلال العزيمة والإصرار على النجاح والعمل الجاد وإقامة دولة القانون وتطبيقه ووضع الحلول محل التنفيذ والتحقيق على أرض الواقع وتحدى الظروف الصعبة التى نواجهها وليس الاكتفاء فقط بإسقاط الأنظمة هو وبحق الإعلان عن نجاح ثورتى 25 يناير، و30 يونيو وتحقيق أهدافهما ورداً لجميل شهداء الوطن وأنسب تكريم لهم على ما قدموه ويقدمونه كل يوم من تضحيات بأرواحهم الغالية فداءً لهذا الوطن فى سبيل عزته وصون كرامته. إن جمهورية مصر العربية اليوم بحاجة إلى تكاتف أبنائها من كل الأطياف من غير الملطخة أيديهم بدماء أبنائها الأبرار لاستكمال بناء الدولة، وانتخاب برلمان قوى يعبر عن طموحات ورغبات المواطن البسيط ويضع مطالبه فى العيش حياة آمنة وكريمة نصب عينه، عاملاً على تحقيق أهداف الثورة. وفى النهاية، لا يفوتنى التأكيد على الدور المحورى للقوات المسلحة المصرية فهى دائماً وأبداً صمام الأمان لهذا البلد، الأمينة على تحقيق إرادة الجماهير، مدرسة الوطنية، عرين الأسد، درع الأمة وسيفها، ملتزمة دائماً بإرادة الشعب بقرارات خالدة، فى ظل علاقة راسخة، وثيقة، وأبدية بين شعب وجيشه لا يمكن تجاهلها على مدى التاريخ.