قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، إنّ العالم الإسلامي يحتفل اليوم معا بذكرى مولد نبينا الكريم عليه السلام، الذي أرسى بالحكمة والموعظة الحسنة دعائم وأسس عظيمة وخالدة للإنسانية جمعاء، موجّهًا التهنئة لشعب مصر الكريم والشعوب العربية والإسلامية، بمناسبة الذكرى العطرة، داعيًا الله سبحانه وتعالي أن يعيدها على الشعب المصري، وعلى الأمتين العربية والإسلامية وعلى العالم أجمع بالخير واليمن والبركات. وأضاف السيسي، خلال كلمته في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في قاعة المنارة، إنّ احتفالنا اليوم بذكرى مولد سيد الخلق ونبي الرحمة يستدعي كل معاني الرحمة في ديننا الحنيف، ويذكرنا بأنّ شريعة الإسلام السمحة قامت على البناء لا الهدم، وذلك تبيانا لقول الله تعالى "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ"، بكل ما تحمله كلمة العالمين من معاني العموم والشمول والسعة، فمقاصد الأديان قائمة على تحقيق مصالح البلاد ومنفعة العباد من خلال السماحة واليسر، وليس التطرف والتشدد والعسر. السيسي: الوعي الرشيد وفهم صحيح الدين أولوية لمواجهة أهل الشر وأوضح رئيس الجمهورية، أنّ قضية الوعي الرشيد وفهم صحيح الدين من أولويات المرحلة الراهنة في مواجهة أهل الشر، الذين يحرفون معاني النصوص ويخرجونها من سياقها، ويفسرونها وفق أهدافهم أو يعتمدون على تفسيرات خاطئة لها، ما يتطلب الاستمرار في المهمة والمسؤولية الثقيلة التي يقوم بها علماء الدين لتصحيح المفاهيم الخاطئة وتصويبها، لنحمي المجتمع والدولة من مخططات التخريب، وليدرك العالم أجمع سماحة الدين الإسلامي العظيم الذي يتأسس على الرحمة والتسامح والتعايش السلمي بين الناس جميعا. الرئيس: بناء الوعي يتطلب تضافر جهود المؤسسات الدينية والتربوية والثقافية والإعلامية وأشار إلى أنّه مما لا شك فيه أنّ بناء الوعي الرشيد، يتطلب تضافر المؤسسات الدينية والتربوية والثقافية والإعلامية للإسهام في بناء الشخصية القوية السوية والقادرة على مواجهة التحديات والتمييز بين الحق والباطل، وبين الوعي السديد والوعي الزائف، وبين الحقائق والشائعات. السيسي: نقدر جهود مؤسسات الدولة الدينية لنشر الفكر المستنير.. وندعم الأئمة لتطوير الخطاب الديني وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أنّه يقدر دور مؤسسات الدولة الدينية في نشر الفكر المستنير وتصحيح المفاهيم الخاطئة، وأؤكد أننا في حاجة إلى مضاعفة الجهد المبذول من جميع مؤسسات ومنظومة بناء الوعي، للوصول إلى جميع شرائح المجتمع في هذه المرحلة الفارقة من تاريخ أمتنا ومنطقتنا والعالم من حولنا، موضحًا أنّ الدولة لن تألو جهدا في دعم الأئمة وفي توفير المناخ المناسب لأدائهم للدور المرجو منهم في المرحلة الحالية من تاريخ مصر لدعم الخطاب الديني الوسطي المستنير. وتابع: "وهبنا الله سبحانه وتعالى نعمة العقل، التي ميّز بها الإنسان وشرفه على سائر مخلوقاته، ودعانا من خلال تلك النعمة العظيمة إلى البحث والتدبر في ملكوت السماوات والأرض، وما يحتويه من دقة في الصنع وإبداع في الخلق وإحكام في النظام وفرض علينا أن نصون هذه النعمة المميزة والمنحة الفريدة، ونهانا عن أن نسيئ إليها بخرافات وأوهام أو أن نتبع أفكارا هدامة بتعصب أعمى أو بانصياع يسلب الإرادة والقدرة على التفكير والإبداع والعمل والإنتاج". الرئيس: رسالة الإسلام التي جاء بها الرسول انتصرت لحرية الإيمان والاختيار والاعتقاد والفكر وأشار إلى أنّ رسالة الإسلام التي تلقيناها من الرسول الكريم جاءت انتصارا للحرية، حرية الإيمان والاختيار والاعتقاد وحرية الفكر، إلا أنّ تلك الحريات لم تأتِ مطْلقة حتى لا تحولها أهواء النفس البشرية إلى فوضى تبيح التخريب والتدمير، كما أنّ تلك الحريات ينبغي أن تقف عند حدود حريات الآخرين، تحترم الجميع ولا تخرج عن المنظومة المُحكمة التي خلق الله الكون في إطارها، فما قد يعتبر قيدا على الحريات إنما يصون بالمقابل الحقوق في مواجهة الآخرين. السيسي: سيرة النبي العطرة لم تسلم من التطرف وأوضح أنّ تبرير التطرف تحت ستار الدين هو أبعد ما يكون عن الدين، بل إنه مُحرَم ومُجرَم ولا يتعدى كونه أداةً لتحقيق مصالح ضيقة ومآرب شخصية، "دعونا نتفق على أن هذا التطرف لا يمكن قصره على دين بعينه، ففي جميع الديانات، وبكل أسف، يوجد المتطرفون الذين يسعون لإذكاء روح الفتنة، وإشعال نار الغضب والكراهية، وهي الأفكار التي لا تثمر إلا عن تغذية خطاب التناحر والحض على التباعد والفرقة، حتى أنّ سيرة النبي العطرة لم تسلم من ذلك التطرف". الرئيس: مكانة سيد الخلق في قلوب ووجدان المسلمين لا يمكن أن يمسها قول أو فعل وتابع: "أؤكد للجميع أنّ مكانة سيد الخلق النبي العظيم في قلوب ووجدان المسلمين في كل أنحاء العالم، لا يمكن أن يمسها قول أو فعل، وأؤكد الرفض القاطع لأي أعمال عنف أو إرهاب تصدر من أي طرف تحت شعار الدفاع عن الدين أو الرموز الدينية المقدسة، فجوهر الدين هو التسامح". السيسي: الرسول الكريم أسس للتعايش وقبول الآخر وواصل: "نستلهم معا في هذا الإطار الدروس والعبر من سيرة نبينا الذي أرسله ربه ليتمم مكارم الأخلاق، فرسخ أسس التعايش وقبول الآخر والإيمان بالتنوع، فلا إكراه في الدين، فلنجعل من ذكرى مولده نبراسًا يضئ لنا الطريق، لنعمر، ونحقق المفهوم الحقيقي للرحمة في مواجهة جماعات القتل والتخريب، ولنجعل من وطننا صورة مشرقة لفهم وتطبيق صحيح الدين وتحقيق مقاصد الشرع الحنيف، حتى نبعث برسالة من مصر مهد التاريخ والحضارة الإنسانية تؤكد سماحة الأديان وتجعلها سبيلاً لسلام العالم وتراحم البشرية جمعاء". وأكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، أنّ المسلم لا يستطيع أن يقول إنّه كامل الإيمان، إلا إذا أقرّ واعترف من صميم قلبه بالرسل جميعا، قائلا: "علينا أن نحترم كل الرسل ونوقرهم، فهم المختارون من قبل الله، ويجب أن نحترم إرادة الله ونحبها ونقبلها ونؤمن بها". وأضاف الرئيس السيسي، أنّ الإساءة للأنبياء والرسل هو استهانة بقيم دينية رفيعة، يعتقد فيها الكثير من الناس من لا يعتقد فهذا شأنه، ومن لا يؤمن فهذا شأنه، لكن جرح مشاعر الملايين حتى لو كانت الصورة المقدمة هي صورة التطرف، أمر غير مقبول، متابعا: "يا ترى في المليار ونص ولا أكتر من المسلمين، تفتكروا كام في الميّة متطرفين؟، 1%". وتابع الرئيس: "1% يعني 15 مليون، تصور لو فيه 15 مليون إرهابي في العالم هيعملوا إيه؟ والعدد مش كده خالص"، مضيفا: "لا يمكن أن أتصور أن يتم تحميل المسلمين بأوزار وشرور ومفاسد فئة قليلة انحرفت، أرجو أن يصل هذا الكلام لكل من يهتم بالوعي والفهم ومن يهتم بحقوق الإنسان، نحن أيضا لنا حقوق، ألا يُجرح شعورنا ولا تُؤذى قيمنا، فهذا حقنا". وأشار إلى أنّ الأمور الحالية تتطلب منا التوقف والتدبر، موجّهًا حديثة للمسلمين: " إذا كنت بتحب النبي محمد صحيح تأدب بأدبه"، وذلك على خلفية الإساءة للرسول عليه السلام في إحدى الصحف بالخارج، موضحًا أنّه لن يوجه إساءة لأحد: "بقول الأمر يتطلب مراجعة مع النفس لينا كلنا، مش بتكلم عن مصر بس، بتكلم عن الدنيا كلها، كفى إيذاء لنا". وأوضح السيسي، أنّ لدينا مساحة احترام وتقدير والمحبة للآخرين حتى إن كانوا أصحاب معتقدات أخرى، "إحنا احترمنا ده وقبلناه، يعني مش بس قبلناه بل احترمناه أيضًا، لأن ده سنّة من سنن الله في الوجود، لن تجتمع الناس على دين واحد". ولفت إلى أنّه على كل شخص يعيش في مجتمع أن يجب أن يحترم مبادئة وقيمة، "إذا كان الآخرون لا يحترمون قيمك ومبادئك، أتصور أن المروءة والخلق الحسن في النهاية لها السيادة". وأنهى الرئيس عبدالفتاح السيسي، كلمته في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في قاعة المنارة، بالرد على المسيئين للأديان، قائلًا: "الحقيقية عاوز أختم حديثي بعبارة، أنا اعتقد ولا أظنني على خاطئا عندما أرى أن الاستعلاء بممارسة قيم الحرية إلا ضربًا من ضروب التطرف عندما تمس هذه الممارسة حقوق الآخرين".