ختم القاضى الجليل المستشار عدلى منصور عهده بخطاب تاريخى سيظل خالداً فى ذاكرة الأمة، احتوى الخطاب قدراً هائلاً من الوطنية والإنسانية. القاضى الزاهد أبكانا لصدقه وإحساسه بالألم كلما قام بتكريم عائلات الشهداء، دموع القاضى لمست أوتار قلوبنا حين قال أوصيكم بمصر خيراً. وتذكروا أنه لولا 30 يونيو ما عرفنا المستشار عدلى منصور الذى وضعته الظروف فجأة على كرسى الرئاسة فأثبت قدرة فائقة على الإدارة فى أحد أصعب الظروف السياسية فى مصر، وهذا يدحض مقولة البعض إن مصر لا يوجد بها كفاءات تشغل المناصب السياسية الرفيعة. وصايا المستشار للمشير وكأنها وصايا لقمان الحكيم، أوصاه بحسن اختيار معاونيه وبالمرأة والقضاة والعدالة وحقوق الإنسان والفقراء والمناطق المهمشة، وحذره من «جماعات المصالح» التى تحاول غسل سمعتها وإعادة الماضى الذى لن يقبله الشعب. تلك الوصايا التى لو التزم بها المشير -وأنا أثق فى ذكائه- لقفزت مصر فى سنوات قليلة وأبهرت العالم كالمارد من القمقم. وحين تحدث المشير الرئيس ليلة إعلان النتيجة رسمياً، فإن أهم ما بث الطمأنينة فى نفسى هى هذه العبارة «إن المستقبل صفحة بيضاء وفى أيدينا نملأها بما شئنا.. عيشاً وحرية وكرامة إنسانية وعدالة اجتماعية» وهى مطالب ثورة 25 يناير التى أُهدر دمُها بين إعلاميى «جماعات المصالح» والأجهزة الأمنية والهتيفة، تلك الثورة الجريحة المكلومة التى أصابتها سهام غدرهم وطلقاتهم الحية وشائعاتهم المغرضة، تارة انتقاماً وتارة أخرى خوفاً من أن يلتف المؤمنون بمبادئها وأهدافها حول الرئيس الجديد فتخرج «جماعات المصالح» القديمة ذات الوجوه الكئيبة من اللعبة السياسية خاوية الوفاض، بعد كل التطبيل والنفاق الذى مارسوه منذ 30 يونيو وحتى الآن. وأقولها بكل فخر إننى أنتمى ل25 يناير ول30 يونيو، وأطالب الرئيس المنتخب برد الاعتبار لثورة نهشت فيها «جماعات المصالح»، وشباب شعروا باليأس والإحباط من المستقبل، وأنا واثقة أن السيسى بحصافة رجل الدولة الخبير الذى لا يعرف الفشل، وذكاء المصرى ابن البلد، ووطنية القائد العسكرى الجسور، سيكون رئيساً لكل المصريين، الذين خرجوا فى ثورتين مطالبين بالحرية أولاً والعيش والعدالة الاجتماعية وكل ذلك يضمن تحقيق الكرامة الإنسانية. غداً حفل التنصيب سيدى الرئيس، نعلم أن التركة ثقيلة وأن العمل حق وواجب، ونعلم ونثق أنك لن تخذل شباب مصر، ومتأكدون أنك تنبذ المطبلاتية والمنافقين و«جماعات المصالح»، ونحن على العهد معك نسير لنبنى معاً «مصر الدولة من رحم الثورة» وعلى درب مطالبها التى ذكرتُها سيادتك وأعدت إليها قبلة الحياة فى أولى كلماتك للشعب بعد إعلان النتيجة: هذا دستورنا معك سيدى الرئيس.. عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية.. كرامة إنسانية.. وفقك الله وسدد خطاك وأعز بك الوطن.