■ كيف تتابع ممارسات تيار الإسلام السياسى منذ ثورة 30 يونيو؟ - الحركات الإسلامية انغمست فى العمل السياسى وتركت الحركة الدعوية نهائياً، فكلهم لهثوا وراء السياسة، وأهملوا الدعوة الإسلامية، بل استغلوا الدين والشريعة لرؤيتهم السياسية والحزبية، فأنا أرفض وجود ما يسمى تيار الإسلام السياسى فى العمل السياسى، فالحركة الإسلامية قفزت على ثورة 25 يناير، وبعض قياداتها ذهبوا للتحرير لالتقاط الصور فقط، وفى النهاية استأثروا بمكاسبها. وأطالب قيادات الحركات الإسلامية جميعاً، خصوصاً الجماعة الإسلامية بالعودة للدعوة لدين الله والابتعاد عن السياسة، فمن يُشارك فى المشهد السياسى على خلفية دينية لا يسعى للحفاظ على الشريعة الإسلامية كما يدعى، وإنما هدفه الأساسى هو الوجود فى الحياة السياسية. وحركة الإصلاح بالجماعة الإسلامية تطالب بحل حزب البناء والتنمية، فنرفض العودة إلى العمل السياسى حتى نخرج من النفق المظلم، فلسنا مؤهلين للعمل السياسى، وإن 95% من أفراد الجماعة الإسلامية مؤيدون لجهود إصلاح الجماعة ورفض العنف، ورافضون لنهج عاصم عبدالماجد وعصام دربالة فى التحيز غير المبرر لجماعة الإخوان. ■ ما الجديد الذى ستقدمه فى المراجعات الثانية للجماعة الإسلامية؟ - كنت أحد الذين كتبوا المراجعات خلال فترة التسعينات، وأسعى الآن لتصحيح المفاهيم مرة أخرى لدى أبناء التيار الإسلامى بوجه عام والجماعة الإسلامية على وجه الخصوص، ومن خلال متابعتى لتحركات أبناء التيار الإسلامى أدركت أننا بحاجة إلى مراجعات جديدة بشدة وعملية تصحيح للمفاهيم المهمة لدى أبناء التيار الإسلامى، فالواقع الذى فعلته المراجعات الأولى بعد قرار وقف العنف فى التسعينات أقل بكثير من الواقع الذى نعيشه الآن، فاحتياحنا لها الآن أكثر مما كنا نحتاجه من قبل فى مصر، وأعترف أن هناك مفاهيم خاطئة ظهرت خلال الفترة الماضية، لذلك نحتاج بشدة لمثل تلك المراجعات التى قمنا بها. وهناك نقطة مهمة نسعى لها أيضاً وهى وصول المراجعات الجديدة لكل الشباب، لأنها بمثابة نصيحة لكل شاب حتى لا ينغمس وراء تيارات العنف والتكفير، فمراجعات التسعينات لم تخرج للنور بشكل أوسع وأفضل، بل لم تصل لكل الناس، فكانت عبارة عن كُتب فقط وصلت لبعض أبناء الجماعات الإسلامية، ولذلك أسعى لوصول تلك المراجعات لكل أبناء التيار الإسلامى وشباب مصر، وسأعتمد على الواقع الحالى وربطه بالأحكام الشرعية. ■ قيادات الجماعة تؤكد أنها وقعّت على المراجعات رغماً عنها؟ - كل قيادات الجماعة الإسلامية التى وقعّت على مراجعات رفض العنف وافقوا عليها، وكنا نقول داخل السجن وقف العنف، وكل البيانات المحرضة عليه، وشارك فى هذه المراجعات صفوت عبدالغنى وعاصم عبدالماجد، وكان الاختلاف أن عصام دربالة وعاصم عبدالماجد وأنا وطارق الزمر كنا نرفض إعلان المبادرة من الداخل كى لا نبدو فى موقف التابعين للأمن وكنا نريد إعلانها من الخارج. ■ وكيف تخلى القادة الحاليون للجماعة عن المبادرات؟ - الخطاب الساخن والتحريضى من أمراء الدماء على العنف، يثبت تخليهم عن المراجعات، وأنصحهم بالعودة للمراجعات والابتعاد عن الدعوة للعنف، حتى لا يدفعوا بخطابهم شباب الجماعة للعنف، وأحملهم مسئولية هذه الدماء، وأذكرهم بأن قتل مسلم أشد حرمة عند الله من هدم الكعبة. ■ هل تحول جميع شباب التيار الإسلامى إلى خطر التكفير والإرهاب؟ - غالبية أبناء الحركات الإسلامية وقعوا فى خطر التكفير والإرهاب، وانخرطوا وراء شعارات غير منضبطة من الناحية الشرعية والرؤية الحركية والسياسية لها، فقيادات التيار الإسلامى حملوا الرؤية السياسية منهجاً شرعياً وصوروا للشباب أن رؤيتهم السياسية هى الشرع والدين، ولذلك تحول كثير من أبناء التيار الإسلامى والمحبين والمتعاطفين لهذا الفكر الخطير، فالمناخ الحالى جعل التعاطف معهم أمراً ليس بالعسير، فتلك القيادات صوروا للشباب أن الانقلاب على الإسلام وأن هناك حرباً ضروساً بين الانقلابيين والمسلمين. ■ وما أهم النقاط التى ستركز عليها فى المراجعات الثانية؟ - سنبدأ بفكر التكفير ثم الخروج على الحاكم بالسلاح فهى أشد النقاط خطورة، لأنها تعقب التكفير مباشرة، فتلك المجموعات الجهادية الموجودة الآن على الساحة الإسلامية تتبع هذا النهج، ومناقشة معايير الإيمان والكفر والولاء والبراء، والعذر بالجهل، فهى نقاط أساسية ستكون موجودة داخل مبحث التكفير، كذلك نصائح عامة للشباب الإسلامى أن المسلم ليس بإمعة، وسنناقش باب الطائفة الممتنعة، فلدينا صدى فى هذا المجال، فهناك أصوات تنادى الآن بأن الجيش والشرطة طائفة ممتنعة يجب التصدى لها لتطبيق شرع الله وهو كلام خاطئ فقهياً، لأن الطائفة الممتنعة هى التى تمتنع عن الحاكم ومن ثم فالحاكم هو من يواجهها وليس مجموعات من البشر، فالجماعات الإسلامية عكست الأمور الشرعية، والنقطة الرابعة التى ستقوم عليها تلك المراجعات حتمية المواجهة، وهو ما يقوده ما يسمى «تحالف دعم الشرعية»، فهذا الكيان موافق ضمنياً على كل الأحداث التى يقوم بها الشباب من قتل وتكفير وإحراق، فالقيادات تستحل ما يفعله أتباعها، وهم يعتبرونها وسيلة للوصول إلى هدفهم، وما وصل إليه الشباب الآن نتيجة خطاب التكفير على منصتى رابعة العدوية والنهضة. ■ وهل سيكون هناك دور للأزهر الشريف فى المراجعات؟ - نسعى لأن يبارك الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب تلك المراجعات، وبارك الأزهر المراجعات الأولى وكان له دور طيب فى ذلك، وسنعرض تلك المراجعات على الأزهر قبل عرضها على الدولة بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى. ■ القيادات الحالية تتهمكم بأنكم مدعومون من الأمن للقضاء عليهم؟ - تصريحاتهم مثيرة للسخرية، فكيف نكون أنا وكرم زهدى أمير الجماعة الإسلامية السابق والشيخ فؤاد الدواليبى نعمل تابعين للأمن، وأقول لهم ليس كل من يختلف معكم ترمونه بالاتهامات دون دليل، فهم من كانوا يجلسون مع الأمن. ■ كيف ترى هروب قيادات الجماعة الإسلامية إلى قطر وتركيا وترك الشباب للقتل والسجن بمصر؟ - مواجهة الأخطاء ومحاولة تصحيحها أفضل من الهروب، وأقول لقيادات الجماعة إن عاصم عبدالماجد ألّف كتاب «نصيحة واجبة لتنظيم القاعدة»، نصح فيها التنظيم بعد أحداث سبتمبر بالابتعاد عن العنف، لأنه يضر بالمسلمين فى بلدانهم، وإنه ليس من قيم الجهاد. وهذه نصيحتى إليكم، وعليكم مراجعة أنفسكم، فخطاب أمراء الدم لا يعبر عن قواعد الجماعة فى القرى والمدن فى محافظات مصر، بل يحض على العنف، ولا يمت بصلة للمراجعات التى جرى الاتفاق عليها. ■ كيف ترى فتاوى يوسف القرضاوى ضد الجيش والشرطة المصرية؟ - كان للقرضاوى رأى مختلف فى السابق عما يقوله الآن، لذلك فإن عبدالماجد ودربالة كانا يكرهان القرضاوى، الذى كان قديماً يدعو إلى الحكمة، لكنه تغير الآن، وأرى أنه كان غير موفق فى كل الفتاوى التى أصدرها فى الفترة الأخيرة، لأنها كانت تصب فى اتجاه مصلحة الإخوان فقط. ■ ما رأيك فى فكرة المصالحة؟ - أنا مع المصالحة بشرط التخلى عن العنف وعلى الدولة الإيمان بهذه الفكرة لكن من دون شروط مسبقة من جانب الإخوان.