المنطقة الحرة فى جبل على والمعروفة ب«جافزا» فى الإمارات واحدة من التجارب الرائدة، فهى منطقة حرة عربية بمواصفات عالمية، ومثال يحتذى به فيما يتعلق بالخدمات المقدمة للمستثمرين، وتوفير مناخ أعمال خالٍ من البيروقراطية والتعقيد. وما استطاعت المنطقة تحقيقه من معدلات نمو، ومساهمة فى الناتج المحلى الإجمالى والصادرات وجذب الاستثمارات الأجنبية، يجعلها نموذجاً يستحق الإشارة إليه، عند محاولة تحويل قناة السويس من مجرد ممر ملاحى إلى مركز عالمى للتجارة والتصنيع والخدمات اللوجيستية. تقع «جافزا» بالقرب من ميناء جبل على، أكبر ميناء فى منطقة الشرق الأوسط، وعلى بعد 30 دقيقة من مطار دبى الدولى، وهى مدعمة بشبكة طرق سريعة، تجعلها فى وضع جيد لتمكين شركائها من الوصول إلى سوق الشرق الأوسط التى تضم أكثر من مليارى شخص. عندما أنشئت المنطقة فى عام 1985، كان ينظر إليها كقاعدة مثالية للشركات متعددة الجنسيات تلجأ إليها كمستودع للبضائع، ولإعادة توزيع المنتجات إلى منطقة الخليج. وكان الهدف من إنشائها هو تعزيز التنوع الاقتصادى وتحسين الإنتاجية من الموانئ والمطارات المرتبطة بالمنطقة. وهكذا، على مر السنين نمت فيها مجموعة من الصناعات، لتتحول المنطقة من التوزيع إلى التصنيع والتجارة وتقديم الخدمات. وتعد المنطقة الآن واحدة من أكبر المناطق الحرة فى العالم، والأسرع نمواً. فعندما أُقيمت كان بها أقل من 20 شركة، أما الآن فيوجد بها أكثر من 6400 شركة من مختلف أنحاء العالم، من بينها أكثر من 120 شركة من الشركات الخمسمائة الأكثر ثراء على مستوى العالم. وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، نمت إيرادات المنطقة بمعدل 34٪ سنوياً، وساهمت فى الناتج المحلى الإجمالى فى دبى بنسبة 25٪ سنوياً، فشكلت أكثر من 50٪ من إجمالى صادرات الإمارة، كما أنها تمثل 20٪ من مجموع تدفق الاستثمار الأجنبى المباشر إلى دولة الإمارات، و25٪ من مجموع الطاقة الإنتاجية من خلال الحاويات فى ميناء جبل على، و12٪ من مجموع الشحن الجوى فى مطار دبى الدولى. أما عن التوظيف، فيعمل بها أكثر من 160 ألف شخص. وبالإضافة إلى ذلك، تقدم «جافزا» دفعة كبيرة لاقتصاد دبى، من خلال خلق فرص عمل كثيرة فى القطاعات الاقتصادية الأخرى، مثل النقل، والسياحة، وكذلك القطاعات التجارية. ويرجع نمو أداء المنطقة الاقتصادى إلى تميزها فى تقديم العديد من الحوافز والخدمات، من أجل تمكين المستثمرين ومنحهم الحرية للقيام بأعمال تجارية. ومن ضمن هذه الحوافز: حرية تملك الأجانب لرأس المال بنسبة 100%، وحرية تحويل رأس المال والأرباح إلى الخارج، وإعفاء من الضرائب لمدة 50 سنة، وتسهيلات جمركية، وتوفير الطاقة بأسعار منخفضة. أما عن الخدمات التى تقدمها «جافزا»، فإن المنطقة مزودة بالبنية التحتية، كما أنها توفر للمستثمرين وحدات المكاتب والمستودعات والوحدات الصناعية الخفيفة وتأجير الأراضى على المدى الطويل. بالإضافة إلى أن المنطقة بها مراكز تجارية وفنادق، ومركز لخدمة رجال الأعمال، ومساكن للموظفين بالمنطقة. ومن ضمن العوامل المؤثرة على سهولة أداء الأعمال بالمنطقة، توافر خدمة إلكترونية يستطيع المستثمرون من خلالها توفير الوقت والتكلفة المطلوبين للقيام بالعديد من العمليات، فبإمكان المستثمرين تنفيذ العديد من هذه الخدمات عن طريق بوابة دبى التجارية الإلكترونية، التى تعد نافذة على الإنترنت لجميع الخدمات التى تقدمها موانئ دبى العالمية وعالم المناطق الاقتصادية وجمارك دبى، ومركز دبى للسلع المتعددة. وهى تشمل حالياً خدمات لخطوط الشحن، وتخليص البضائع، ودفع الفواتير، وخدمات أخرى متعلقة بالمنطقة الحرة. وبالتالى يتمتع أصحاب الأعمال بها بمناخ شبه خالٍ من البيروقراطية. وكخطوة أخرى لتسهيل إجراءات أداء الأعمال، قامت حكومة دبى بدمج 3 كيانات منفصلة، وهى جمارك دبى، هيئة موانئ دبى، والمنطقة الحرة بجبل على، لتصبح فى عام 2000 مؤسسة واحدة، هى «مؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة». وبتوجيه من رئيس واحد، أصبحت شركة جديدة قادرة على التنسيق بصورة أفضل فى مجالات رئيسية، مثل الأمن والجمارك والعلاقات البينية بين وحدات الأعمال. أما فيما يتعلق بتمويل إقامة المنطقة، فقد تم تشكيل المنطقة الحرة بجبل على - فى البداية - بدعم مالى كامل من حكومة دبى، التى قدمت أراضى للمنطقة الحرة وقامت بدعم البنية التحتية، وذلك حتى أصبحت قادرة على تحقيق التمويل الذاتى. ويذكر أن الرئيس التنفيذى لعالم المناطق الاقتصادية والمنطقة الحرة فى جبل على هى السيدة سلمى حارب، التى عُينت فى عام 2005 مديراً تنفيذاً لجافزا، وتعد أول سيدة تتقلد منصب مدير تنفيذى لمنطقة حرة على صعيد دولة الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.