مخطئ من يظن أن الصراع الرئاسي محسوم مقدمًا لصالح المشير السيسي، فبالرغم من تمتع المشير السيسي بشعبية جارفة من مختلف التيارات والاتجاهات السياسية، نظرًا لموقفه البطولي في ثورة يونيو، ووقوفه بجوار الشعب المصري ضد الإخوان معرضًا حياته للخطر. بالرغم من عدم تمتع حمدين صباحي بالشعبية أو القاعدة الجماهيرية ذاتها التي يتمتع بها منافسه، إلا أن هناك عدة اعتبارات سياسية تجعل من المنافسة بينهما شرسة. فحمدين صباحي يؤيده كلًا من: الإخوان.. حتى لا يفوز السيسي، ولو ترشح أمام السيسي "نتنياهو" لانتخبوه عِندًا في السيسي، فالمسألة بالنسبة لهم ليست موضوع وطن. شباب من ثوار يناير.. وهم 4 أنواع: الأول: يحلم بإيجاد دور سياسي له، خاصة أنه لم يجد ما كان يحلم به من الوصول لكرسي بالبرلمان، أو الوزارة في العصور السابقة التي تلت ثورة يناير، ويرون أن فرصتهم أكبر مع حمدين؛ لأنهم يعلمون أن السيسي سيسعى وراء الكفاءات فقط، وسيطلب عمل شاق. الثاني: وهم الأولتراس، والذين يرون في مؤسسات الدولة من (شرطة وجيش) كبح لجماحهم، ورقابة، وحزم يرفضونه، فهم يريدون من يسيطرون عليه كرئيس ضعيف ينصاع إليهم وإلى شطحاتهم. الثالث: الناشط السياسي، ومعظمهم لم يكن معروفًا قبل الثورة، وبدأت الأضواء تلاحقهم فشعروا بأهمية "أنا أعترض إذًا أنا موجود"؛ لأنه إن لم يعترض لن يكترث له أحد، وبالنسبة له الفوضى والمظاهرات أفضل؛ فهو يخرج من ندوة إلى لقاء تليفزيوني إلى مؤتمر بالخارج، وكلها تترجم لأموال، ووجود رئيس مثل السيسي يقضي على ذلك تمامًا. أما الرابع والأخير: فهو يرى أن الشباب هم أصحاب الفضل، وهم من قاموا بالثورة، وهؤلاء تجد عندهم ال"أنا" عالية، ويرون في أنفسهم أنهم استطاعوا تحقيق المستحيل، وعزل "مبارك"، وهو ما لم يستطيع الأجيال السابقة فعله؛ فلا يحترمون الأكبر سنًا، ويعتبرونه جبانًا ويؤثر الخنوع والاستسلام، وهؤلاء لا يريدون السيسي؛ لأنهم يرون فيه عودة للانضباط والالتزام بعد أن شعروا بفك القيود من العادات والتقاليد، وتجدهم يتغنون بالحرية ولا يعرفون سوى أنها حق، ولا يدركون أن مع كل حق توجد مسئولية والتزامات تقابلها يجب التمتع بالحرية في نطاقها. أما السيسي فيؤيده معظم العاملين بمؤسسات الدولة، وكل البسطاء الذين يحلمون بالاستقرار والأمن، ويرون فيه منقذهم كما أنقذهم من الإخوان، ويساعده في ذلك ذكاؤه كرجل مخابرات وانضباطه كرجل عسكري؛ ليعيد للدولة هيبتها واتزانها بعد أن استنزفت مواردها في الأعوام الأخيرة بسبب حالة الفوضى والتخبط الإداري. لهذا سينتخب الكثير حمدين، وسينتخب الكثير السيسي، ولكن لكل منا أسبابه، طلب منى صديق بأن أقوم بإعادة صياغة هذه السطور بقلمي، ولكن لم أجد طريقة أو كلمات تقوم بصياغتها أفضل ما هو مكتوب بالفعل.