فكرنى منظر الناس وهى جالسة فى الشمس من شدة الحر على الكافيهات وفى المتنزهات تأكل البطيخ وهو منظر غير اعتيادى فى أوروبا، خاصة فى شهر مايو، بمشهد معتاد عرفته أجيال كثيرة سابقة فى مصر حتى إننا نكاد نقول إنه التصق بعاداتها وربما أيضاً تقاليدها، وذلك عندما يظهر الموظف الغلبان وغيره حتى من فئة وكيل الوزارة مثلاً وهو عائد إلى منزله بعد انتهاء يوم عمل وفى «إيده» بطيخه.. يتمنى أن تكون حمراء لتزيد من فرحته وفرحة أسرته. لم يبالِ الموظف السعيد بموضوع البطيخة ولا «بالتريقة» التى التصقت به والاستخفاف و«التنكيت» الذى كان يلاحقه «هو وبطيخته» فقد كانت هذه هى الصورة التقليدية لتصوير شكل الموظف المصرى.. وقد استمر الحال على هذا الوضع سنوات وسنوات حتى ارتفع سعر البطيخ مع حرارة الصيف وأصبح الموظف غير قادر على شراء البطيخة كل يوم كما تعود!! ولم تستطع الفواكه الأخرى تعويضه أو إشباع حبه «للبطيخة»!! لم يعد الموظف سعيداً ولم يعرف السبب وراء تعاسته!! فماذا حدث فى حياته من تغيير ليجعله تعيساً هكذا؟! فالوضع العام لم يتغير كثيراً، فهو ليس -ولن يكون أبداً- ضمن من طالهم الثراء وتغير بهم الحال فى هذا البلد! ومع ذلك «أهوه» ماشى به الحال.. صحيح يفتقد بطيخته دون أن يعرف سبباً منطقياً أو حتى علمياً لذلك.. وصحيح أن زوجته أفصحت عن أنها اشتاقت لأيام البطيخ «وجلسات» الصيف فى «البلكونة» مع البطيخ «الساقع» ولكن «أكيد» ليس البطيخ هو الذى يكون «عامل» كل هذا القلق!! ظل الموظف هكذا فى حيرة حتى جاء اليوم ووقعت عيناه على خبر فى الجريدة يؤكد من خلال دراسة علمية أن البطيخ يحتوى على مواد لها تأثيرات مشابهة لما تحدثه الحبوب المنشطة للأداء الجنسى لدى الرجال فهى تحتوى على مواد طبيعية ذات تأثيرات إيجابية مثل البيتاكاردين وغيرها؛ لذلك فإن البطيخ، خاصة الجزء الخارجى منه وهو «القشر»، يحتوى على مادة «ولين» التى تتفاعل مع بعض الإنزيمات المؤثرة إيجابياً على القلب والدورة الدموية.. لم يصدق الموظف ماذا يقرأ وأخذ يعيد قراءة السطور أكثر من مرة للتأكد من صحة الخبر! وللحظة أصابه الذهول: «ترى هل هذا هو السبب وراء تعاستى وتعاسة زوجتى؟». هكذا «لطم» الموظف ونادى على زوجته قائلاً: عرفت السبب.. عرفت السبب.. بسرعة افتحى الحصالة وهاتى كل الفلوس اللى فيها.. نازل أجيب بطيخ «وانتى» بسرعة «اطلعى» السطح «ولمى» كل قشر البطيخ اللى خرطّيه للفراخ.. يللا بسرعة قبل ما الدولة تمنعه بعد ما تقرأ الخبر وتقول لك أصل له تأثير سلبى على برامج الزيادة السكانية!! وتوتة توتة خلصت الحدوتة.. وربما يعود شكل الموظف مرة أخرى وهو شايل البطيخة تحت «إبطه» وربما «تفوق» وتنتبه الدولة لمشكلة الزيادة السكانية وتعلن فى مؤتمر صحفى أن المشكلة سببها البطيخ «وسنينه».. وأنا شخصياً غير مسئولة بعد نشر هذا الكلام لا عن «نقص» البطيخ فى السوق!! ولا عن برامج الزيادة السكانية!! أو يجوز الصحة النفسية!!