أوقات حساسة تمر بها القضية الفلسطينية، حيث القرار الإسرائيلي المنتظر بضم أجزاء من أراضي الضفة الغربيةالمحتلة، وذلك إلى جانب حكومة ائتلافية جديدة تجمع بين قطبي إسرائيل، رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وزعيم حزب «كاحول لافان» بيني جانتس. ويقول القيادي والمؤرخ الفلسطيني الدكتور محمد أبوسمرة رئيس تيار الاستقلال الفلسطيني وعضو المجلس الوطني في حوار ل«الوطن» إن هدف ضم الأراضي الفلسطينية، المياه والخيرات والثروات الطبيعية التي تحتويها، واصفًا عمليات التهويد والاستيطان والضم في القدس والضفة الغربيةالمحتلة، بجرائم الحرب وإرهاب الدولة المنظم، وجرائم الحرب ضد الإنسانية. وإلى نص الحوار:
*ما توقعاتك بشأن حكومة الاحتلال الإسرائيلي وأدائها في الفترة المقبلة؟ هي الحكومة الصهيونية الخامسة والثلاثون، وهي الأكبر عددًا على مستوى الوزراء وعلى مستوى الأحزاب المشاركة فيها منذ تأسيس الكيان، والتي ستكون بالتناوب بين نتنياهو وجانتس، وتشمل الخطوط الأساسية لهذه الحكومة الائتلافية التي تمثل تحالف اليمين الصهيوني المتطرف الشرير والفاسد إنشاء "كابينت" لمكافحة الكورونا، وخطة للخروج من الأزمة الاقتصادية، وتحقيق المصالحة الداخلية، والحفاظ على الأمن القومي، وتكريس الطابع اليهودي للدولة العبرية.
*وما أول القرارات التي تتوقعها من الحكومة الإسرائيلية الجديدة؟ نتوقع قيام حكومة تحالف اليمين المتطرف بضم الكتل الاستيطانية في الضفة الغربيةالمحتلة ومنطقة الأغوار الشمالية وشمال البحر الميت الواقعة على الحدود الفلسطينية الأردنية، و تبلغ مساحة هذه المناطق الفلسطينية قرابة 40% من أراضي الضفة الغربيةالمحتلة، والتي تم احتلالها مع قطاع غزةوالقدسالشرقية عقب نكبة 5 يونيو 1967، وهي من أكثر مناطق الضفة خصوبةً، وأهمها على المستوى الإستراتيجي، إضافة إلى كونها من أغنى مناطق الضفة المحتلة بالمياه والخيرات والثروات الطبيعية، ومن أكثر الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية أهميةً وخصوبةً، وتعتبر مخزناً للمياه العذبة بالضفة الغربية، وتمتلئ بالموارد الطبيعة، وهي جزء رئيس وأساسي من أراضي الدولة الفلسطينية الموعودة، والتي وافق الكل الفلسطيني على إقامتها على كامل الأراضي الفلسطينيالمحتلة عام 1967. المصالحة الفلسطينية وتشكيل حكومة وحدة وطنية هي الرد العملي والجدي لقرارات الاحتلال *وماذا تتوقع من تداعيات إذا نفذ الاحتلال الإسرائيلي الضم؟ لو نفذَت حكومة تحالف الشر والفساد تهديداتها بضم الكتل الاستيطانية ومنطقة الأغوار والمناطق الشمالية بالضفة الغربيةالمحتلة مطلع شهر يوليو المقبل فلن تقف القيادة الفلسطينية مكتوفة الأيدي أمام هذه الخطوة العدوانية التي تعتبر حسب القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني «جريمة حرب»، وهناك خيارات وخطوات كثيرة بيد السلطة الوطنية الفلسطينية يمكنها القيام بها، وقد أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنَّه في حال قيام حكومة الاحتلال بتنفيذ تهديداتها بضم أجزاء من الضفة الغربية ومنطقة الأغوار الشمالية وشمال البحر إليها، فسيتم إلغاء كافة الاتفاقيات الموقعة مع دولة الاحتلال. وأتوقع أن تكون عملية ضم الأراضي الفلسطينية، بمثابة فتيل البارود الذي يُشعل الانتفاضة الفلسطينية الثالثة في كافة الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، ما يعني بدء مرحلة جديدة من النضال والكفاح الفلسطيني لن يستطيع أحد التنبوء إلى أين ستصل، وكيف سيكون شكلها ونهايتها، وخصوصاً أنَّ الكيان والمجتمع الصهيوني يجنح ويتجه بسرعة كبيرة نحو المزيد من اليمينية والتطرف والتوحش والعدوانية والعنصرية تجاه الفلسطينيين والعرب والمسلمين، ولذلك فمن المتوقع أن تنفذ حكومة الائتلاف اليمينية الصهيونية المتطرفة تهديداتها بتهويد وضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية.
*وكيف تنظر إلى عملية ضم الأراضي من الضفة الغربية؟ إنَّ عمليات التهويد والاستيطان والضم في القدس والضفة الغربيةالمحتلة، بالإضافة إلى ما يرتكبه العدو من جرائم يومية بحق الفلسطينيين المدنيين العُزَّل، جميعها تندرج في إطار «جرائم الحرب وإرهاب الدولة المنظم، وجرائم الحرب ضد الإنسانية»، ونتوقع أن يواصل العدو الصهيوني من عمليات ضمه لمساحاتٍ كبيرة وشاسعة وخصبة من أراضي الضفة الغربيةالمحتلة إلى دولة الكيان الصهيوني، ما سيضاعف كثيرا من حجم المخاطر والتحديَّات التي تتهدد القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وسيقضي نهائيا وللأبد على «خيار حل الدولتين»، وعلى المبادرة العربية للسلام وعلى اتفاقيات أوسلو والملاحق التي تبعتها وكل مانتج عنها، وسيدفع نتنياهو واليمين الصهيوني نحو المزيد من الاستعلاء والغرور والعنجهية والقوة والتوحش والفساد والعدوانية، ثم الاستمرار في توسيع دائرة مصادرة الأراضي، وتسريع وتيرة الاستيطان والتهويد، وخصوصا استكمال عملية تهويد القدسالمحتلة وكامل الضفة الغربيةالمحتلة، وتنفيذ التقسيم الزماني للمسجد الأقصى المبارك، والتطبيق العملي لقانون «يهودية الدولة»، وتغيير البنية والتركيبة الديموغرافية بشكلٍ أساسي في القدسالمحتلة وضواحيها، والقيام بعمليات طرد منهجية ومُبَرمجة للفلسطينيين في القدسالمحتلة، ومصادرة وهدم الكثير من البيوت والمؤسسات والمواقع والمقابر والأماكن الإسلامية العربية، وتشييد مكانها كُنُس ومبان تلمودية ومشاريع استيطانية، من أجل طمس وإخفاء وتزييف الهوية الحضارية التاريخية التراثية المعمارية والديموغرافية للقدس المحتلة من عربية إسلامية فلسطينية، وتحويلها إلى غربية يهودية، وتطويق القدسالمحتلة بالمستوطنات من جميع النواحي، وسرقة ومصادرة وتهويد المزيد من الأراضي في الضفة الغربيةالمحتلة والنقب المحتل والمناطق المحتلة عام 1948 والجولان السوري المحتل ومزارع شبعا اللبنانية. *ألا تعتبر ضم أجزاء من الضفة تمهيدًا لضمها بشكل كامل؟ إن سعي حكومة العدو إلى ضم وتهويد المناطق "ج"، والكتل الاستيطانية في الضفة الغربيةالمحتلة إلى الكيان الصهيوني بالطبع يعتبر تمهيدا لضم كامل الضفة الغربيةالمحتلة إلى الكيان الصهيوني، وفرض السيطرة الصهيوينة الكاملة عليها يتم تنفيذه بدعم علني وواضح من الإدارة الأمريكية في إطار تنفيذ بنود الخطة الأمريكية على مراحل، مع استكمال عملية تطويق وحصار وعزل المحافظات والمدن والقرى والبلدات والمخيمات الفلسطينية عن بعضها البعض، واستكمال بناء الجدار العنصري الفاصل بينها وبين القدسالمحتلة والمناطق الفلسطينيةالمحتلة عام 1948، وإقامة المزيد من الحواجز العسكرية الصهيونية القمعية وتقييد حركة الفلسطينيين أكثر مما هي عليه الآن، بين المحافظات والمدن والقرى والمخيمات، من أجل إضعاف عزيمة الفلسطينية بالمقاومة وقدرتهم على الصبر، وبالتالي قبولهم بالأمر الواقع، وهذا ما لايمكنه أن يحدث أبدا، فالمقاومة الفلسطينية ستستمر بمختلف أشكالها، ولن يتمكن الاحتلال من كسر إرادة وعزيمة الشعب الفلسطيني، ونرجو أن تكون هذه التهديدات الصهيونية ضد الأرض والقضية الفلسطينية والعربية، دافعاً جدياً لتوحيد الصفوف والجهود الفلسطينية والعربية، واتخاذ خطوات عملية وإجراءات صارمة، تضع حدا لحالة التغوُّل والاستقواء الصهيونية ضد شعبنا وأرضنا ووطننا وأمتنا. وهناك الكثير مما يمكن القيام به فلسطينياً وعربياً لمواجهة مخطط ضم أجزاء كبيرة من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والأغوار الشمالية، كما أنَّه يمكن للدول العربية الشقيقة ممارسة ضغوطها ضد الإدارة الأمريكية الداعمة للمخطط الصهيوني، ويمكن تشكيل قوة ضغط فلسطينية وعربية-أوروربية وعالمية ضد هذا القرار والعدوان الصهيوني، بالاستناد إلى الرفض الأوروبي والروسي والصيني، ورفض الكثير من دول العالم لمثل هذا الخطوة الصهيونية العنصرية، خصوصاً أننا أمام خطر استيطاني استعماري سرطاني إحلالي وإقصائي استئصالي غير مسبوق من قبل. وأؤكد على أنَّه دون إعادة كامل الحقوق الفلسطينية والعربية التاريخية المسلوبة، فإنَّ الصراع العربي الإسرائيلي، سيستمر إلى ما لا نهاية، حتى تتحقق التسوية العادلة التي تلبي جميع المطالب والشروط الفلسطينية والعربية والإسلامية. * ألم يحن الوقت لإنهاء الانقسام الفلسطيني؟ سيسعى نتنياهو وحكومة الائتلاف اليمينية المتطرفة إلى إطالة أمد الانقسام الفلسطيني واستمرار فصل قطاع غزة بالكامل عن الضفة الغربيةوالقدسالمحتلة والمناطق المحتلة عام 1948، ووضع كل المعوِّقات أمام تنفيذ وتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية، حيث يوفر الانقسام الفلسطيني المؤسف والمستمر بشكلٍ متواصل منذ صيف العام 2007، فرصةً ذهبية لجميع المتربصين بالقضية الفلسطينية، والمتآمرين على الحقوق والمطالب الفلسطينية التاريخية والثابتة والعادلة، وقد أضر استمرر الانقسام الفلسطيني اللعين للعام الثالث عشر على التوالي كثيرًا بالقضية الفلسطينية وبالفلسطينيين، وساهم في إضعاف الموقف الفلسطيني، وتشتيت الكثير من الجهود والطاقات الفلسطينية، ودفع بالتناقضات الثانوية في الساحة الفلسطينية إلى السطح، وجعل التناقض والصراع الرئيس مع العدو والاحتلال الصهيوني مؤجلاً. وأصبح العدو الصهيوني يعيش في راحة كبيرة، مما أعطاه الفرصة الكبرى لمسابقة الزمن لتسريع وتيرة الاستيطان ومصادرة وتهويد وضم الأراضي والممتلكات الفلسطينية في الضفة والقدسالمحتلة، ولهذا فعلي جميع الفلسطينيين والعرب والمسلمين الانتباه جيداً للخطط والمؤامرات الخطيرة التي تسعى لاقتلاع الوجود الفلسطيني العربي الإسلامي من أرض فلسطين التاريخية، ويتوجب على الجميع تفويت الفرصة على العدو، وإفشال هذه المؤامرة الكبرى، والتجاوب الفوري العاجل مع كافة الجهود المصرية الكريمة والمشكورة، لإنجاز المصالحة وإنهاء الانقسام اللعين. عضو «الوطني الفلسطيني»: سنبقى عاجزين عن تقديم الشكر للرئيس السيسي والقيادة والحكومة المصرية * ما أسباب الجمود الحالي في ملف المصالحة؟ أسباب الجمود التي عطَّلت مؤقتاً ملف المصالحة الفلسطينية كثيرة، وهذا لا يعني أبدا فشل الجهود المصرية، لأنَّ هذا الملف بالكامل في يد مصر الشقيقة الكبرى وحدها، وليس مسموحا لأحد من الأطراف الإقليمية أو العربية أو الدولية الدخول على خط هذا الملف الحسَّاس للغاية، وأعتقد أنَّ الأسابيع المقبلة ربما تشهد حراكا جديدا على صعيد إعادة إطلاق حوارات ومفاوضات المصالحة الوطنية الفلسطينية، وإنهاء الانقسام الفلسطيني، وخصوصا من أجل التصدي للمخططات العدوانية التي تنوي حكومة الاحتلال تنفيذها خلال الفترة المقبلة. والمصالحة والوحدة الوطنية الفلسطينية، وعودة السلطة الوطنية الشرعية إلى قطاع غزة، وإعادة توحيد الكيان والنظام السياسي الفلسطيني في الضفة والقطاع، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، هي الرد العملي الجدي والملموس على كافة الخطوات والقرارات العدوانية الصهيونية التي تسعى حكومة الاحتلال لتنفيذها. وننظر إلى كل ماتقوم به الشقيقة الكبرى مصر، بعين التقدير والشكر والاحترام، وخصوصا جهودها الجبارة التي بذلتها ومازالت تبذلها من أجل تحقيق المصالحة الفلسطينية، وإنهاء الانقسام الفلسطيني، وكذلك تصديِّها دوما لكافة محاولات العدو الصهيوني بشن عدوان ضد قطاع غزة، وتسييرها لقوافل المعونات والإغاثة لأهلنا في قطاع غزة، وإرسالها مؤخرا لقافلة كبيرة من الشاحنات التي تحمل الدعم والتبرعات بالأدوات والمهمات واللوازم والمعدات الطبية والمخبرية والأدوية والمواد الغذائية، لمساعدة مستشفيات وأهالي القطاع على التصدي للجائحة، وفتحها لمعبر رفح الحدودي عدة مرات من أجل عودة العالقين الفلسطينيين في مصر والخارج إلى قطاع غزة. وسنبقى على الدوام عاجزين عن تقديم الشكر الجزيل إلى الرئيس السيسي وللقيادة والحكومة المصرية، وجميع الأجهزة السيادية المصرية، على ما تقدمه مصر لتعزيز صمود ورباط وصبر وبقاء شعبنا الفلسطيني.. شكرا مصر رئيسًا وحكومةً وجيشًا وأجهزةً ومؤسسات وشعبًا، شكرًا مصر الشقيقة الكبرى، ونسأل الله تعالى أن يحفظ مصر الحبيبة ورئيسها البطل والقائد الشجاع، وشعبها الأصيل العظيم وجيشها البطل وأجهزتها السيادية الباسلة من كل مكروهٍ وسوء.