انتقد مستشارون وقانونيون القرار بقانون الصادر من رئيس الجمهورية، المستشار عدلى منصور، والذى قصر حق الطعن على العقود التى تبرمها الدولة مع الأشخاص بين أطراف التعاقد فقط، مؤكدين أن القانون تنكر من حقوق العاملين فى تلك المشروعات والمستفيدين منها، وبه شبهة «عدم الدستورية». وقال المستشار حسن بدراوى، وكيل مجلس الدولة، إن القانون الصادر من رئيس الجمهورية سيكون محل طعن أمام المحكمة الدستورية العليا، لأن به شبهة عدم الدستورية، لما يحتويه القانون من إخلال وإهدار للحقوق، لافتاً إلى أن حصر الطعن على طرفى التعاقد بين الدولة والأشخاص هو إهدار للحقوق. وأوضح بدراوى أن القانون بنصه الحالى، يعنى أن الدولة والأشخاص الذين وقعت معهم العقود هم من لهم حق الطعن أمام القضاء، وهو إهدار لحقوق العاملين فى تلك الشركات الذين قد يصيبهم الضرر من أى تصرف أو عقد يوقعه صاحب الشركة مع الدولة، وعليه لن يكون لهم حق الطعن بحسب القانون الجديد، لذلك فإن هذا القانون سيكون غير دستورى لإهداره حقوق المواطنين. وشدد على أن مبررات الحاجة إلى تحفيز الاستثمار لن تكون حامياً للقانون إذا ما طعن عليه أمام المحكمة الدستورية العليا التى لا تحكم إلا وفقاً للقانون والدستور فقط، ولا تلتفت للمواءمات السياسية التى تلجأ إليها الحكومات فى أغلب الأحيان. واتفق الدكتور سمير صبرى، المحامى بالنقض، مع الرأى السابق، مؤكداً أن القرار بقانون الصادر من رئيس الجمهورية يتنافى مع المبادئ الدستورية القديمة والحديثة، حيث فرّق بين العقود المبرمة بين الأشخاص وبعضهم، وبين الأشخاص والدولة، فحصن الثانية بسلب حق الطعن إلا من أطراف التعاقد، وهو أمر غير دستورى لأن الدستور لم يفرق بين العقود التى يبرمها الأشخاص مع بعضهم وبين العقود التى تبرمها الدولة مع الأشخاص. وشنّ صبرى هجوماً حاداً على القانون، قائلاً إن هذا القانون يفتح الباب على مصراعيه للغش والتواطؤ بين الحكومة والأفراد، ويوسع دائرة الفساد، خاصة أن جميع العقود التى قُضى ببطلانها كانت الحكومة أحد أطرافها، والفرد، بموجبها منُح حقوقاً غير شرعية، وهذه العقود فرطت فى أملاك الدولة بأثمان بخسة مقابل رشاوى، والوقائع كثيرة فى هذا الصدد. وأشار إلى أن الادعاء بأن هذا القانون صدر بهدف تحفيز الاستثمار مردود عليه بأن تحفيز الاستثمار يكون عن طريق إعطاء الضمانات القانونية لكل الأطراف لا قصرها على طرف واحد، فضلاً عن أن تحفيز الاستثمار لا يأتى بهذا التعديل بل بتحسين الأوضاع الأمنية، وإصدار قوانين تبسط إجراءات حق المستثمر، منتقداً صدور هذا القانون من الرئيس عدلى منصور، مؤكداً أنه تعامل مع القوانين باعتباره رئيساً مدنياً وليس رئيساً للمحكمة الدستورية العليا سابقاً، والتى تناساها تماماً، مما أدى لبطلان كثير من القرارات الصادرة عنه. من جهته، أكد الدكتور محمد عبدالعال، أستاذ القانون الدستورى بجامعة القاهرة، أن القانون يشوبه عدم الدستورية بشكل كبير، خاصة أنه يهدر حقوق العاملين فى المشروعات التى تكون الدولة طرفاً فيها مع أحد الأشخاص، فضلاً عن تنكره للمستفيدين من تلك المشروعات من المواطنين العاديين. وشدد «عبدالعال» على أن تبرير إصدار القانون بتحفيز الاستثمار فى ظل الأزمات الاقتصادية التى تعانى منها البلاد، قول خاطئ، خاصة أن تلك المشروعات تمس المواطن بشكل مباشر ويتضرر من مثل تلك العقود آلاف المواطنين. على النقيض، قال المستشار غبريال عبدالملاك، رئيس مجلس الدولة السابق، إن هذا القانون صحيح ولا تشوبه أى عيوب دستورية، موضحاً أن تقنين الطعن على طرفى العقد هذا هو الأهم، بحكم أنهما مسئولان عنه ومستفيدان منه. وأضاف أن القوانين تسرى لحظة إقرارها وبالتالى جميع الطعون التى جرى رفعها من قبل أطراف أخرى غير طرفى العقد ستلغى جميعاً، نظراً لتطبيق القانون الجديد. وأكد أن القانون سيحد من الطعون الكثيرة التى تكون بلا سبب ومن أطراف ليس لهم مصلحة، وتزيد من علميات التقاضى فى الدولة بدون وجه حق.