سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
سائقو «النقل»: سياراتنا تتعرض للسرقة و«الأكمنة» «همّها» تحصيل «الكارتة» «صلاح»: الوكلاء يتعاملون مع الأسمدة على أنها «أكل عيشهم» وموظفو الجمعية الزراعية يتهربون منها لأنها «عهدة»
على يمين جسر بعرض 10 أمتار أوقف «صلاح» محرك السيارة النقل التى يعمل عليها سائقاً، فى ركن بالفناء أمام مصنع أسيوط للأسمدة، فى انتظار حمولة سينقلها إلى محافظة أخرى، حيث يُعتبر المصنع القائم بضاحية «منقباد» التابعة لمركز أسيوط، هو الوحيد فى إنتاج «السوبر فوسفات الناعم والمحبب»، بحسب فؤاد عبدالعال، مدير إدارة البيئة بالمصنع. «الوطن» زارت مصنع الأسمدة الوحيد فى شمال الصعيد، والمختص بإنتاج الأسمدة «الفوسفاتية»، على عكس مصنع «كيما» فى أسوان، الذى ينتج أسمدة «أزوتية»، ويوضح الفارق بين إنتاج المصنعين محمد عبدالعال، أحد مسئولى المصنع قائلاً: «الأسمدة الفوسفاتية تختلف عن الأزوتية، حيث تمد الأولى التربة بعنصرى الفوسفات والكبريت، فى حين تمدها الثانية بالنيتروجين، والتربة لا تحتاج الفوسفات مع كل محصول مثلما تحتاج إلى الأسمدة الأزوتية، لذا يكتفى المصنع بإنتاج 400 ألف طن سماد سوبر فوسفات سنوياً، لتغطية محافظات مصر بالتعاون مع فرع المصنع فى كفر الزيات، و200 ألف طن حمض كبريتيك مركز تُضاف إلى السوبر فوسفات لمساعدة النبات على امتصاصه». وقال «عبدالعال»: «المصنع يبيع الحصة الأكبر من إنتاجه للوكلاء المتعاقدين معه سنوياً، فى حين تذهب الحصة الأقل لمديريات الزراعة، فمثلاً أمام كل 9 سيارات يتسلمها الوكلاء، تجد سيارة واحدة تذهب لمديرية الزراعة». خارج المصنع، تصطف سيارات النقل المتأهبة لتحميل أطنان من أسمدة الفوسفات لنقلها إلى مختلف المحافظات، وكل سائق يحين دوره فى التحميل يتسلم حمولة الأسمدة من المصنع فى أسيوط مع إيصال يحمل عنوان واسم الوكيل أو الجمعية التى سيتوجه إليها بالحمولة، وفى جهة وصوله يحصل على صورة بطاقة من الشخص الذى قام بالاستلام وتوقيعاً منه بالاستلام. صلاح يحيى محمد، سائق فى منتصف الأربعينات من عمره، ينقل أنواعاً مختلفة من البضائع من بينها الأسمدة، شكا من حوادث السرقة قائلاً: «أصبحت أمراً بديهياً وتحدث أحياناً فى عز الظهر، وتُسرق منّا حمولات من الأسمدة والسكر، أو تُسرق عجلات السيارة الاحتياطية (الاستبن)، حيث يحيط بالسيارة بعض اللصوص على موتوسيكلات فيجبرونى على التوقف كى يسرقوا حمولة السيارة». يؤكد مصطفى حسن عبدالرسول، صاحب سيارات، كلام السائق «صلاح»، مضيفاً: أن السيارات لا بد أن تتعرض لحادث سرقة مرة أو مرتين على الأقل سنوياً، وأكمنة الشرطة همها تحصيل «الكارتة». «النَولون» هو ما يحصل عليه السائق مقابل نقل كل طن من أى سلعة، وبحسب صلاح يحيى، السائق الأسيوطى، فإن «جمعية النقل هى التى تتعاقد مع المصنع على قيمة النَولون، والجمعية والمصنع لم يرفعا قيمة النَولون منذ ستة أعوام، ففى حين ثبتت قيمة نقل الطن عند 40 جنيهاً، ارتفعت أسعار الكاوتش والزيوت والوقود، فضلاً عما يدفعه السائقون لعمال المصنع قيمة الشحن عن كل طن». ويقول «صلاح»: «الجمعيات الزراعية ليست لديها الكفاءة لإدارة توزيع الأسمدة كلها، لأن موظفيها الذين يتسلمون الحصص يكون عليهم عبء توزيعها وتسجيل كل جرام وزعوه لأنها فى عهدتهم يُعاقبون لو أهدروها أو بدّدوها، وأحياناً، عندما أنقل حمولة الأسمدة لإحدى الجمعيات لا أجد الموظف المسئول بها، فأبحث عنه دون جدوى، وأظل فى انتظاره حتى يحضر لاستلام الحصة، وأحياناً لا يأتى الموظف المسئول فأخاطب إدارة الزراعة المركزية كى يسمحوا لى بتفريغ الحمولة من الأسمدة فى أقرب مخزن»، «المقبل أسوأ» يلفت عبدالناصر على، سائق، قائلاً إن أزمة نقص الأسمدة ستتفاقم فى يوليو 2014 لأن الدولة على وشك منع تجديد رخص المقطورة، التى تزداد معها كميات الحمولة، الأمر الذى سينعكس على نقل كل السلع ومن بينها الأسمدة، وستصبح وتيرة وسرعة نقلها أقل من المعتاد، فبدلاً من أن ينقل السائق أربعين طناً على السيارة النقل والمقطورة سينقل عشرة أطنان فقط على السيارة، لذا سيحتاج المصنع إلى مزيد من الوقت لتوصيل ما لديه من الأسمدة للمستفيدين.