سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«الجمالية».. «الرحم» الذى خرجت منه شخصية وأحلام المشير لم يرد فى بيانات بطاقته.. لكنه يمثل «علامة فارقة» فى حياته.. وآخر الإقرارات الضريبية يثبت تكبد المحل للخسائر
خرج منها مبتعداً نحو شرق القاهرة، مرة صوب مدينة نصر، وأخرى فى اتجاه التجمع الخامس، ابتعد عنها قدر ما استطاع، لكن بقيت «الجمالية» أكثر الأماكن تأثيراً فى حياة «المشير» عبدالفتاح السيسى وتبقى علامة فارقة فى سجل المرشح المحتمل لرئاسة مصر «المواطن» عبدالفتاح السيسى. «7 حارة البرقوقية - الجمالية»، العنوان الأول فى بطاقة الشاب اليافع الذى أتم السادسة عشرة فاستخرج بطاقته الشخصية لأول مرة مرفقاً عنوانه بها، غاب العنوان عن البطاقة، لكنه ما زال باقياً قبلة الخطابات والشكاوى والتليغرافات التى تصل إليه من محبيه وأنصاره فى أنحاء الجمهورية. بين ليلة وضحاها، استيقظ التاريخ القديم وأصبح المنزل الخالى من عائلة «السيسى» -إلا قليلاً- قبلة الزائرين ومغيث الملهوفين فى البحث عن أصل «مخلص مصر» بعد 30 يونيو، فى حارة البرقوقية، يعرف الجميع حكايات كثيرة عن عائلة «سعيد السيسى»، والد المشير، لكن فى أماكن أخرى يصبح الحديث عن «سعيد السيسى» مثار جدل. «17 أم الغلام - الحسين»، هنا كان «البيت الثانى»؛ حيث سكنت «حسنية»، الزوجة الثانية لسعيد السيسى، وشهرته «حسن»، قبل أن تنتقل الزوجة الأولى «سعاد» من الخرنفش لمدينة نصر وتنتقل «حسنية» إلى مصر الجديدة، البيت تغيرت معالمه منذ أن غادره سكانه الأصليون، وعاماً بعد عام انتهى ذكرهم من الشارع الذى تغير معظم سكانه: «لأ البيت ده بتاع واحد اسمه حسن السيسى، بس مش أبوالمشير»، لا يصدق «مصطفى»، صاحب محل الكبدة الموجود أمام المنزل، أن الرجل ممتلئ الوجه ضخم الجثة «اللى شبه الأتراك» كان والد المشير عبدالفتاح السيسى: «أنا فاكر عم حسن السيسى كويس وعارف إنه كان عنده ولدين، واحد مستشار والتانى عسكرى»، لم يكن يعلم الرجل الأربعينى أن الشاب القصير الذى حمل نجمة «النقيب» أصبح بعد 30 عاماً وزيراً للدفاع وربما سيكون رئيساً لمصر: «حسن السيسى كانت شغلته البيع والشراء، يهوى شراء البيوت اللى عليها مشاكل وبيعها، والبيت ده كان عليه مشاكل ورث وطالعله قرار هدم، لكن سكانه رفضوا إنهم يطلعوا منه وكتبوا على نفسهم إقرارات، لكن هو كان ذكى رفع قضية إخلاء لخطورة المنزل على المارة مش على السكان وكسب القضية وخد البيت بس ما قعدش فيه كتير».. السنوات القليلة التى عاشها سعيد السيسى فى منزل «أم الغلام» كان قد أنجب فيها من الزوجة الثانية 7 أبناء أكملوا العدد: 14 ابنا وابنة. ما زال البيت قائماً رغم إقرارات ساكنيه القدامى بتقبلهم لخطورته، ورغم شهادة صاحبه القديم بخطورته على المارة، وما زالت أوراق الدعوى القضائية التى رفعها الحاج سعيد السيسى على ورثة المنزل القدامى أبناء قمر هانم، حرم المرحوم مراد باشا إبراهيم، فى حوزة سكانه: «الله يرحمه ما كانش بيسيب حقه»، الحقوق الضائعة التى لم يدخر الحاج سعيد جهداً فى الوصول إليها، لم تكن فقط حقه فى العقارات أو الأموال، لكن كذلك كان حاله مع «نسبه» الذى كان متأكداً أنه يصل إلى الأشراف: «عمى صرف كتير على شجرة العائلة لدرجة إن والدى كان بيقولى إنه شايف اللى عمى بيعمله فضا وفراغ». شجرة العائلة لم يستطِع فتحى السيسى استخراجها من نقابة الأشراف «لازم حد من ورثة صاحبها ويكون معاه إعلان وراثة»، هكذا كان رد سكرتير النقابة الذى أكد ل«الوطن» صعوبة استخراجها سوى لأفراد أسرة سعيد السيسى. العلاقة بين الأشقاء الأربعة عشر لم تتأثر بكونهم غير أشقاء، بعضهم من الأم «سعاد الشيشينى» والآخر من الأم «حسنية طاهر»، بل كان خيارهم منذ البداية أن يجمعوا ما فرقه القدر، فبعد أن جمعهم بيت الجمالية جمعتهم كذلك عمارة «مدينة نصر» ثم اختاروا «التجمع الخامس» ليجمع معظمهم فى حى واحد. الإخوة الأشقاء ل«عبدالفتاح السيسى» أكبرهم المستشار «أحمد السيسى»، يبلغ من العمر 63 عاماً، تخرج فى كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر وعمل قاضياً فى قطر طيلة 10 سنوات ثم عاد ليعمل مستشاراً بمجلس الدولة حتى تقاعده، أحمد السيسى هو أكثر الإخوة اقتراباً من المشير، للدرجة التى جعلته يسكن دوماً إلى جواره فى مدينة نصر ثم اختار أن يجاوره كذلك فى التجمع الخامس. «زينب السيسى»، تبلغ من العمر 60 عاماً، تخرجت فى كلية التربية جامعة الأزهر، لم تعمل، وتزوجت من ابن عمها وأنجبت ولدين وبنتاً. «حسين السيسى»، الأخ الأصغر للمشير عبدالفتاح السيسى، بفارق 10 سنوات، تخرج فى كلية التجارة جامعة الأزهر، وعمل فى مجال الدعاية والإعلان فى السعودية ثم مصر وهو المسئول عن مباشرة أعمال العائلة فى خان الخليلى، متزوج من سيدة منتقبة ولديه ولدان. «فريدة السيسى»، 49 عاماً، تزوجت من ابن عمها بعد أن تخرجت فى كلية التربية مثل باقى شقيقاتها، ولم تعمل كذلك وأنجبت 4 أبناء. «أسماء السيسى»، أتمت هذا العام 46 عاماً، تخرجت فى كلية التجارة وتزوجت من خارج العائلة، وكان هذا سبباً فى ابتعادها عن الأسرة إلى حدٍّ ما. «بوسى السيسى»، هى الشقيقة الصغرى للمشير، متزوجة من رجل أعمال وصاحب معرض للسيارات، تخرجت فى كلية التربية جامعة الأزهر وزوجها هو شقيق زوج أختها الكبرى «رضا». التعليم بدا ضرورياً فى عائلة المشير السيسى؛ فكان الأزهر قبلة معظمهم، لم يختلف الأمر كذلك عند الإخوة غير الأشقاء الذين تخرج معظمهم فى كلية التجارة؛ حيث تخرجت «سحر» و«إيمان»، الأختان الكبيرتان، فى كلية التجارة وتزوجتا شقيقين يعملان فى التجارة. «جيهان السيسى» هى الأخت الثالثة من غير الأشقاء والوحيدة المتزوجة من غير مصرى؛ حيث تزوجت رجلاً من عائلة الأنصارى الشهيرة بالسعودية منذ 23 عاماً. يبقى «عبدالله» و«محمد»، وهما من الإخوة غير الأشقاء للمرشح المحتمل عبدالفتاح السيسى، يعملان فى القطاع الخاص بعد تخرجهما فى كلية التجارة، تزوجا منذ عدة أعوام، أما «منى السيسى» فهى أصغر أشقاء المشير السيسى، وتبلغ من العمر 36 عاماً. أملاك عائلة «السيسى» فى الجمالية ما زالت محفوظة يعلمها الجميع بحسب الحاج فتحى السيسى، ابن عم المشير، الذى ما زال يسكن البيت القديم: «بيت البرقوقية وبيت أم الغلام وربع بخان الخليلى»، وملكيات أخرى قديمة بيعت كلها: «هناك أشياء كانت موجودة وبيعت منذ فترة طويلة، لكن الأسرة لا تبيع تجارتها ورأسمالنا الموجود فى المحلات». «2 خان الخليلى»، عنوان لا يعرفه كثيرون، لافتة الاسم أزيلت من مكانها وبقيت مساميرها تشير إلى وجودها فى يوم مضى، «ربع السيسى» الوصول إليه ليس صعباً؛ فهو أشهر محلات «الأرابيسك» فى الخان، لا يوجد أى تأمين للمحل، الباب مفتوح بمدخل ممتلئ بمنتجات «الأرابيسك» وعمال مكانهم دائماً فى الدور العلوى وجيران يتحفظون فى الحديث عن جيرانهم: «هما ناس كُمل، والحاج سعيد الله يرحمه كان راجل قدوة»، بحسب الحاج سيد عبدالخالق، صاحب محل الفضة المواجه للربع، مضيفاً: «ولاده بييجوا لحد دلوقتى ماشيين من غير حراسة ولا يحزنون وبيقعدوا يفطروا معانا فول وطعمية وبياكلوا الرغيف أبو شلن مش أبو خمسة جنيه». الربع، الذى ينقسم لدورين أحدهما مغلق مع الاكتفاء بشقة واحدة لعرض منتجات «الأرابيسك» وغلق بقية الدكاكين، امتنع عماله عن أى حديث للصحافة مع تحفظهم على التصوير داخل الربع: «إحنا شغلتنا مالهاش دعوة بحد، سيبونا فى حالنا»، بصوت عالى انطلق عامل الخان: «إحنا واخدين تعليمات إن أى كلام يبقى مع الحملة، ماحدش ييجى يتكلم معانا»، الربع الذى يحتل واجهة «السكة الجديدة» أو شارع الموسكى يقدر أحد التجار القريبين منه المتر فيه ب«عشرين ألف جنيه»، مضيفاً: «اللى يشترى الربع مش بيشترى أرض وبس، ده بيشترى سمعة وعلامة تجارية، يعنى حاجة ما تتقدرش بتمن». ربع «السيسى» يحرص أصحابه، ورثة الحاج سعيد حسين خليل السيسى، على سداد ضرائبه بانتظام عن «المنشأة» التى يعود تاريخ إنشائها إلى الأول من يناير عام 1977 وتحمل ملفاً ضريبياً برقم 188/429، الملف الضريبى للمرحوم سعيد السيسى لم يستثنِ أياً من أبنائه الأربعة عشر كورثة فعليين فى «شركة الواقع» ألا وهى «ربع السيسى»، انتظام آل السيسى فى دفع الضرائب وتقفيل الحسابات السنوية وكل الإقرارات الضريبية منذ عام 2005 وحتى آخر إقرار فى 2014 الذى تضمن خسارة المنشأة، ومراجعة ضرائب العائلة، كان أمراً يسيراً مقارنة بمراجعة الحساب الضريبى للمشير عبدالفتاح السيسى؛ حيث اكتشفت «الوطن» إغلاقه على كمبيوتر الهيئة بحيث لا يمكن الوصول إليه بسهولة كما هو حال باقى المصريين. رحلة «الوطن» فى التأمينات الاجتماعية لم تكن سهلة؛ فالوصول إلى الوالد سعيد حسين خليل السيسى أمر صعب، لا يوجد عنوان محدد للميلاد، وتشابه الاسم مع أكثر من ألفى شخص على مستوى الجمهورية، لكن الأمر كان مختلفاً مع الابن «عبدالفتاح سعيد حسين السيسى»؛ فتاريخ ميلاده واسم والدته كفيلان بإظهار البيانات المطلوبة، البيانات التى وُجدت على كمبيوتر التأمينات اكتفت بذكر الاسم واسم الأم وتاريخ الميلاد والرقم القومى والرقم التأمينى «011579931»، مع جملة واحدة فى نتائج البحث: «لا توجد بيانات تأمينية لهذا الشخص»، فى حين لم يعلم الحاسب الآلى أن هذا الشخص «مرشح محتمل لرئاسة الجمهورية».