"انتقام قاس".. هو الوعيد الذي سرعان ما أعلنه المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي، بعد اغتيال أمريكا لقاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، الذي يعد أحد الرجال المهمين في سياسات النظام الخارجية بالمنطقة، فجر اليوم، أثناء خروجه من مطار بغداد الدولي. وأعلنت الولاياتالمتحدة، أنها اغتالت بأوامر من الرئيس دونالد ترامب شخصيا، قاسم سليماني، الذي كان في موكب بصحبة ونائب رئيس ميلشيات الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، ومسؤول التشريفات محمد رضا الجابري، حيث سقط بالعملية 9 آخرين تفحموا تماما ولم يتم التعرف عليهم. وأكدت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" أن اغتيال قائد فيلق القدس جاء بسبب أنه يعكف على وضع خطط لمهاجمة أمريكيين في العراق والشرق الأوسط، فيما طالبت الخارجية الأمريكية رعاياها بمغادرة العراق فورا. الغضب يسيطر على إيران حالة من الغضب سادت في إيران، حيث كتب خامنئي، في تغريدة على "تويتر": "انتقاما قاسيا ينتظر المجرمين الذين لطخت أيديهم بدمائه، وغياب سليماني يشعرنا بالمرارة لكن الكفاح سيتواصل لحين تحقيق النصر وجعل حياة المجرمين أشد مرارة"، كما أعلن الحداد الوطني لثلاثة أيام في البلاد. ولم يقتصر الأمر على ذلك، حيث أفادت وكالة "إرنا" الإيرانية، أن المرشد سيرأس ولأول مرة الاجتماع الطارئ للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني لدرس خيارات الرد على خلفية اغتيال قاسم سليماني. فيما أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني، في بيانه، أن بلاده ستكون "أكثر تصميما على مقاومة الولاياتالمتحدة"، مضيفا أن : " (استشهاد) سليماني سيجعل إيران أشد حزما في مقاومة التوسع الأمريكي والدفاع عن قيمنا الإسلامية، بلا أدنى شك ستنتقم إيران والدول الأخرى الساعية إلى الحرية في المنطقة". بينما ندد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، باغتيال واشنطن لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري، حيث كثب عبر حسابه بموقع "تويتر" إن اغتيال سليماني "تصعيد خطير للغاية ويتسم بالحماقة.. والولاياتالمتحدة تتحمل المسؤولية عن كل تبعات مغامرتها المارقة". واستدعت طهران الدبلوماسي السويسري الممثل للمصالح الأمريكية في إيران، في غياب العلاقات الرسمية بين البلدين، بعد مقتل "سليماني"، مؤكدة أنها ستعيد جثمانه للبلاد.
الدكتور هشام البقلي، مدير وحدة الدراسات السياسة بمركز "سجاف" السعودي، والخبير بالشؤون الإيرانية، أكد أن مقتل قاسم سليماني هو سقوط لأحد أعمدة وركائز الدولة الإيرانية في الوقت الحالي، يعتبر ضربة شديدة للنظام بطهران، من شأنها أن تربك بقوة حسابات الحرس الثوري والمرشد الأعلى. وأضاف البقلي، ل"الوطن"، أن واقعة الاغتيال ستؤثر بشكل واضح على مليشيا إيران باليمن والعراق وسوريا ولبنان، كما ستنعكس سلبيا على الروح المعنوية لأفراد الحرس الثوري، مشيرا إلى أن الحادث لم يكن متوقعا لذلك إعادة ترتيب الأوراق ما بعد سليماني ستكون صعبة على إيران خاصة أن "قاسم" كان بيده كافة الملفات الخارجية كونه قائد لفيلق القدس. وتابع الخبير بالشؤون الإيرانية، أن الاغتيال سيزيد من الحالة الثورية لدى الشعب العراقي، موضحا أن الصراع بين واشنطنوطهران انتقل إلى بغداد.
عمليات إرهابية واستهداف إسرائيل.. ردود إيرانية متوقعة وتوقع البقلي، أن رد الفعل الإيراني سيكون غير مسبوق، بخلاف مواقفها العادية السابقة كاحتجاز ناقلة نفط في جبل طارق، مشبها الأوضاع بالداخل كحالة أم فقدت ابنها الوحيد وترغب في الانتقام، كون خامنئي كان يعتبر سليماني نجله غير الشرعي، مؤكدا أنها ستهدف المصالح والمنشآت الأمريكية والعربية بالعراق مثل سفارة الولاياتالمتحدة، فضلا عن إعاقة واستهداف السفن بمياه الخليج، وشن عمليات إرهابية داخل أي من الدول العربية. وأكد أنه بمقتل قاسم سليماني فإن المواجهة اشتعلت بشكل كبير للغاية، وواشنطن تعرف جيدا أن الفترة المقبلة لن تكون مناوشات فقط، لذلك قبل أيام أرسلت قوات جديدة للعراق والكويت استعداد لتلك العملية وتقوية لموقفها في مواجهة الرد الإيراني المتوقع. كما رجح أيضا أن يكون هناك استخدام كبير بطائرات الدرونز المسيرة من قبل الطرفين الأمريكي والإيراني، حيث سيمتد الرد الذي وعد به خامنئي لأبعد من ذلك، فمن الممكن أن تستهدف إسرائيل أيضا عن طريق حزب الله، محذرا كافة الأطراف بالمنطقة من قوة الغضب الإيراني وشنها لعمليات في الشرق الأوسط، لذلك ستختار شخصيات أكثر دموية لتولي مهامها المقبلة. متخصص في الشأن الإيراني: من المحتمل أن تقدم إيران على غلق مضيق هرمز فيما شدد الدكتور هاني سليمان، المتخصص في الشأن الإيراني، على أن طهران باتت في مأزق صعب للغاية لرمزية ومكانة قاسم سليماني بها، حيث إنه أحد أهم رموزها ومهندس العمليات بالخارج وتولى مهام تصدير صورة البلاد للخارج وتعميق نفوذ إيران الإقليمية، لذلك فاغتياله يعتبر ضربة قاتلة وموجعة للغاية، خاصة أن الرد الأمريكي يحمل مفاجأة كبيرة ومفاجئ بشدة حاليا. وتابع سليمان، ل"الوطن"، أن إيران مرغمة على الرد القوي حاليا، حتى رغم أنها لا تمتلك القوة لذلك، من أجل صورتها أمام الشعب والمجتمع والعالم، خاصة لتصديرها فكرة أن أمريكا هي الشيطان الأكبر. ويرى أنه من المحتمل توجيه ضربات قوية وسريعة للمصالح الأمريكيةبالعراق ولبنان واليمن وسوريا، وناقلات النفط والغار، فضلا عن تنفيذ اغتيالات للكوادر والدبلوماسيين الأمريكيون، لاسيما من خلال ميلشياتها بالعراق، وهو ما يضع الولاياتالمتحدة في موقف صعب بدوره. وحول إمكانية استهداف طهران لقاعدة العديد الأمريكية في الدوحة التي تعد الأكبر بالشرق الأوسط، استبعد سليمان ذلك نظرا للعلاقات القطرية الإيرانية القوية، ولكن في المقابل من الممكن أن تعظم نفوذها في اليمن ضد أمريكا والسعودية للإضرار بحلفاء الولاياتالمتحدة من خلال عناصرها المنتشرين بالعديد من الدول. وفي المقابل رجح اختيار إيران لغلق لمضيق هرمز الذي تمر منه العديد من السفن، ويخالف ذلك القواعد الدولية والقوانين، حيث إن اغتيال سليماني تجاوز الخطوط الحمراء في الصراع بين واشنطنوطهران.