تجعل الهجمات المتواصلة التي يشنها الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو ضد المعارضة المنقسمة بين معتدلين ومتطرفين، بالاضافة إلى القمع القضائي ضد العديد من قيادييها أي حوار سياسي مستحيلا في فنزويلا بحسب محللين. واذا كان مادورو أقام "طاولات حوار" ويستضيف أمس واليوم، في كراكاس اجتماعا لوزراء خارجية دول أمريكا الجنوبية لتسهيل الحوار بين مختلف الأطراف إلا أن هذا الحوار لم يبدا فعليا. ويشهد الشارع حركة احتجاجية بدأها الطلاب وتبنتها المعارضة ضد الانفلات الأمني ونقص المواد الغذائية والتضخم وقمع الشرطة. ويؤكد المحللون لوكالة "فرانس برس" أن الشروط لن تتوافر لعقد طاولة مستديرة طالما الرئيس الاشتراكي يواصل خطاباته النارية وتهديداته ضد "الفاشيين" و"البورجوازيين" و"الانقلابيين" كما يسمي المعارضة. وأودع ثلاثة من قياديي المعارضة هم ليوبولدو لوبيز مؤسس حزب ارادة الشعب (يمين) ورئيس بلدية سان كريستوبال (غرب) دانيال سيبايوس وسان دييجو (شمال) اينزو سكارانو السجن في الأسابيع الماضية بعد اتهامهم بالحض على العنف. كما أقيلت مارينا كورينا ماتشادو نائب المعارضة من منصبها، وأمس أعلن مادورو توقيف ثلاثة جنرالات من سلاح الجو بعد اتهامهم ب"محاولة انقلاب". وقالت الخبيرة السياسية كارمن بياتريز فرنانديز إن "الرئيس يدعو إلى الحوار لكن في الوقت نفسه يقوم بترهيب خصومه. هذه ليست دعوة فعلية إلى الحوار، الظروف غير متوافرة للتفاوض". وقالت المؤرخة مارجريتا لوبيز مايا من جهتها "إنه يضع المعارضة في موقف الخضوع، وبالتالي فإن الحوار صعب وليس هناك أية بادرة حسن نية تتجاوز الخطاب الداعي إلى الحوار". من جهته، ينقسم ائتلاف طاولة الوحدة الديموقراطية المعارضة بين متطرفين على غرار ماتشادو ولوبيز وانتونيو ليديزما رئيس بلدية كراكاس الذين يدعون إلى احتلال الشارع لإسقاط الحكومة، وبين معتدلين يمثلهم خصوصا هنريكي كابريليس المرشح مرتين إلى الانتخابات الرئاسية. واعتبر كابريليس أنه وعلى الرغم من التعبئة المستمرة منذ الرابع من فبراير فإن "شروط إسقاط الحكومة لم تتضافر بعد". واعتبرت لوبيز مايا أن "المعارضة معقدة اذ تضم العديد من الأشخاص الذين ينتمون إلى اتجاهات مختلفة ويبدو أن الائتلاف المعارض على وشك الانفراط". ويضم ائتلاف طاولة الوحدة الديموقراطية بالإضافة إلى أحزاب وتشكيلات يجمع بينها رفض الخط "التشافي" (نسبة الى الرئيس السابق هوجو تشافيز)، ليبراليين ومحافظين ومؤيدون سابقون للنظام. واعتبرت فرنانديز أن الحوار لن يبدا "طالما لم تتخل الحكومة عن محاولات الهيمنة، ولم تعترف المعارضة بمادورو وتتوقف عن محاولة الإطاحة به بسبل منافية للدستور". ومنذ الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل في أبريل 2013، التي فاز بها مادورو بفارق ضئيل أمام كابريليس، لم تعترف المعارضة بشرعية الرئيس الجديد. واعتبرت عالمة الاجتماع مارسلين ستيلينج أن "المعارضة المتطرفة تفرض شروطها وعندما يكون هناك عنف لا يعود هناك معنى لإقامة حوار".