في عالم أدمنت أركانه آليات السوق في العرض والطلب، أصبحت الجنسية هي الأخرى كغيرها من السلع التي بإمكان الفرد شرائها، معلومة على ورق يراها البعض، وتكوين وجداني لا يتأصل في النفس بالمال، عدد من الدول تمارس تلك التجارة وألحقت لها قوانين تنظمها كغيرها من أنواع التجارة، وفي الأساس الاستثمار والتنمية تكون الدافع الأول لاتخاذ مثل تلك الخطوة من بعض البلدان، لتتحول الجنسية فيما بعد إلى أداة من الأدوات التي يزداد الولاء لها بمقدار ما يدفع من عملات. "تخفيف العجز بالبلاد، وجذب مستثمرين محتملين يمكنهم المساعدة في تعزيز اقتصاد البلاد" هو ما رأته حكومة مالطا مبررًا لعرض مشروع بيع الجنسية والذي ينص على منح الجنسية المالطية لكل شخص يدفع 1,15 مليون يورو، وعلى أن يتم استثمار قسم من المبلغ في المجال العقاري. بيع الجنسية أمر يُمارس في عدد من الدول، والدافع الذي يراه البعض هو إنعاش الاقتصاد، بحسب البيانات المتاحة فدولة سانت كيتس، تقدم جنسيتها مقابل 250 ألف دولار، لتتمتع بجواز سفر دون تأشيرة لأكثر من 130 دولة، في حين أن دولة دومينيكا، تقدم الدومينكان جنسيتها مقابل 100 ألف دولار، ولها كامل مميزات جواز سفر الذي لا يحتاج لتأشيرة عند زيارة أكثر من 130 دولة، وتقدم النمسا جنسيتها للمستثمرين، في حين لا تسمح هونج كونج بإعطاء الجنسية للمستثمرين، وإنما بإمكانهم الحصول على الإقامة الدائمة إذا وصل الاستثمار إلى 1.3 مليون دولار، ولا يختلف الوضع كثيرًا في سنغافورة، التي تمكن الحصول على الجنسية كمستثمر بعد قضاء سنتين على أراضيها وإنفاق مليونيّ دولار، وتقوم بالسماح للمستثمر الذي أنفق 4.7 مليون دولار بالتقدم بطلب الحصول على الجنسية. في أوضاع اقتصادية متردية كتلك التي تشهدها مصر برز اقتراح عابر حول بيع الجنسية المصرية للأثرياء من الأجانب، "مزاد" سيتم من خلاله بيع الجنسية البريطانية يمكّن الأثرياء العرب والأجانب من شراء تأشيرات الإقامة في المملكة المتحدة، أو أن يتم الحصول عليها مقابل تبرعات مالية سخية للمستشفيات والجامعات والحصول بعدها على الجنسية، هكذا تقدمت بريطانيا بمشروعها لبيع الجنسية لأول مرة في تاريخها منذ عدة أشهر. "الجنسية أمر معنوي يتعلّق بالسيادة التي تفرضها كل دولة على نظامها ولا يجوز بحال من الأحوال أن يتم بيعها بمقابل مادي بتلك الطريقة" بحسب الدكتور عبدالسند يمامة أستاذ القانون الدولي الخاص، والذي يشدد على وجود ضمانات تتعلق بالولاء قبل المال في التجنّس بجنسية أي دولة، "شروط ميسرة قد تقدّمها الدول لراغبي الحصول على جنسيتها بهدف إنعاش الاقتصاد والمساهمة في زيادة الاستثمارات بما يريح المستثمر الأجنبي من الناحية القانونية" هكذا يرى يمامة، مؤكدًا أن مقترحًا كهذا تطبيق في مصر يعتمد في الأساس على وجود رقابة وضوابط تحفظ الأمن القومي للبلاد، خاصة في تلك الظروف الملتهبة، وفي نفس الوقت تسهم في رفع مستوى الاقتصاد.