«ست الحبايب يا حبيبة.. يا أغلى من روحى ودمى.. يا حنينة وكلك طيبة.. يا رب يخليكى يا أمى.. يا رب يخليكى يا أمى» ما أجمل الكلمات التى كتبها الشاعر الكبير حسين السيد، ولحنها الفنان محمد عبدالوهاب، وتألقت بغنائها قيثارة الطرب فايزة أحمد، كلما سمعنا هذه الكلمات شعرنا بقيمة الأم وأدركنا وصية الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: «أمك ثم أمك ثم أمك». شخصياً تمنيت أن يكرمنى ربى ويصبح لى مقال صحفى يعبر عن وجهة نظرى، أكتب فيه عن أمى وأقدم لها هدية عيد أم مختلفة عن كل عام، وهذا ليس بخلاً، فالهدية محفوظة يا ست الكل، فأمى التى تحاملت على نفسها لتربية أولادها الستة فى ظروف صعبة جداً لم تئن ولم تشتكِ ولم ترمِ المسئولية، فوالدى الحاج كمال الديب أطال الله عمره عاش لأسرته فقط فى كفاح وشقى وجهد من أجل تربية الأبناء الستة: الكبير طارق الخطيب المستشار القانونى، والمهندس أحمد الخطيب، والمحاسب سامح بالكويت، والعبد الله، والأخت والأم الثانية وسام، والأخير كريم الخطيب المحاسب بالبنك الأهلى. لم يبخل والدنا على الأبناء من العرق والجهد والكفاح والدراسة وتوفير كل شىء من أجل الأبناء فى الوقت الذى كانت فيه أمى هى الأم التى تبدأ يومها بعد صلاة الفجر لتبدأ رحلة عذاب يومية، فكل واحد منا يصحو فى ميعاد معين وله طقوس معينة وإفطار معين، ومع اختلاف العمر الدراسى كان الاختلاف حتى فى مواعيد الغداء والعشاء التى تتولاها أمى وحيدة، وكانت تواصل الفجر بالفجر لأنها كانت تسهر معنا أثناء المذاكرة والسهر طوال ساعات الليل وحتى ساعات الصباح تقضى ليلها وهى جالسة بجوارنا وترفض الراحة وتراجع معنا دروسنا وهى سعيدة بطبيعة مهمتها، فكان ميعاد نومها بعد نوم الجميع وميعاد استيقاظها قبل الجميع ولا أعرف متى كانت تنام ومتى تستيقظ. أمى تقوّمنا وقت الخطأ وتكافئنا وقت الإجادة فنحن خمسة أولاد متعبين وبنت وحيدة مريحة فأمى، أطال فى عمرها الله، كانت الأم والأخت والصديقة التى تعرف كل مشاكلنا وتحلها وتطالبنا بألا يعرف أبى بالمشاكل إلا إذا وجدنا لها الحلول، وعلمتنا الاعتماد على أنفسنا وهو ما زرعه والدى مع أمى، لأنه كان يفضل أن نأخذ قراراتنا بأنفسنا رغم صغر سننا جميعاًَ. واليوم أقول لأمى: «كل سنة وأنت طيبة يا أفضل أم فى الدنيا، أعتذر لك بعد عمرى هذا، إذا كنت أخطأت فى حقك أو تجاوزت معك فى الحوار أو لم أسمع كلامك يوماً، فلو عاد بى العمر سأكون مطيعاً أكثر مما كنت، فأنا نادم على عدم مساعدتك فى المنزل والاعتماد عليك فى كل شىء حتى دفعت صحتك ثمناً لذلك، وربنا يشفيك يا أمى، لأننى لو جلست تحت أقدامك ما تبقى من عمرى لن أوفيك أبداً ما قمت به معى ومع أشقائى الخمسة، فإذا فعلت أى أم ما فعلته أمى لاستحقت أن تكون الأم المثالية». وأمام العالم أجمع أقول لكِ يا أمى: «أنت الأم المثالية التى عاشت لأبنائها وزوجها ولم تعِش لنفسها، فتخيلوا معى أن أمى التى كبرت وعلمت لم تحظَ هى نفسها بالتعليم الكافى، فهى بنت الصعيد الذى نظر إلى تعليم البنات زمان على أنه عيب، فهى التى علّمت نفسها القراءة والكتابة حتى تستطيع أن تتابع مذاكرة أبنائها وتراجع معهم وتقومهم وتذاكر لهم، إنها أمى، أنا فخور بك يا أمى، وفخور بتربيتك لى ولإخوتى، وربنا يخليكى ويشفيكى ويطيل فى عمرك، أرجوكِ يا أمى، اغفرى لى وسامحينى لو يوماً ما لم أسمع كلامك.. أمى.. كل سنة وحضرتك طيبة وبخير، يا أعظم أم فى الدنيا».